ماذا تفعل عند افشاء سر مؤتمن

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ابنتي الكريمة، إفشاء السرّ المؤتمن عليه في الأصل خيانة للأمانة وإيذاء لقلوب الناس، وهو منهيّ عنه. فإن كان ما وقع منك عن خطأ ونسيان، ثم بادرتِ إلى التوبة والعزم الجازم على عدم العود، فلا إثم عليك إن شاء الله، ويشهد لهذا قوله تعالى: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} (البقرة: ٢٨٦). ومع ذلك يبقى في ذمتك واجب تقليل الأثر ما استطعتِ، لأن حقّ العباد لا يسقط بمجرد الندم القلبي. وأما تبرئة الذمة مع صاحب السرّ فميزانها المصلحة ودرء الضرر: إن كان صاحب السرّ قد علم بالأمر أو ترتّب عليه أذى ظاهر، فالأنسب أن تعتذري إليه بوضوح دون تبرير مطوّل، وتطلبي عفوه، وتتعهدّي بصون ما بقي من خصوصياته. وأما إن كان لا يعلم، وإخباره سيزيده ألماً ولا يحقق مصلحة، فلا يلزم إخبارُه، بل أصلحي الآثار بطريق غير مباشر: اطلبِي ممن سمعوا منك الكتمان التام، واعملي على إيقاف انتشار الخبر وتصحيحه إن ترتب عليه لبس، واجتهدي في ستر الناس بعد اليوم. واحرصي مستقبلاً على التثبت قبل نقل أي معلومة شخصية، واستئذان صاحب الشأن صراحة، وضبط اللسان في المجالس؛ فهذا أزكى للقلب وأحفظ للحقوق. أسأل الله أن يستر عليك، ويغفر لك، ويصلح ما بينك وبين عباده.