logo-img
السیاسات و الشروط
فاطم ( 25 سنة ) - العراق
منذ شهرين

التأمل في الأفعال والخوف من النتائج

السلام عليكم ، اني ليل ونهار افكر بالماضي والحاضر وكلش اخاف خاف مأذية انسان خاف قاهرة احد ما جاي اقتنع ابدا اباوع لأصغر التفاصيل اني شلون اعرف افعالي صالحة او لا ؟


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ابنتي الكريمة، اعلمي بأن ما تصفينه هو انشغال زائد بالتفاصيل وخوف دائم من إيذاء الناس، وهذا إذا تُرك بلا ضابط قد يتحول إلى وسواس يرهق القلب ويُعطِّل الطمأنينة. الميزان الشرعي لتقييم الأفعال يقوم على ثلاثة أمور أساسية: 1. القصد: أن يكون العمل لله تعالى لا للرياء ولا للهوى. 2. الالتزام بالحلال والحرام: أن تجتنبي الكذب، والظلم، والغيبة، وأكل حقوق الناس. 3. الأثر الظاهر: ما يترتب على الفعل من نتائج يمكن ملاحظتها وضبطها. فمتى كان قصدك الخير، وكنت ملتزمة بأحكام الله تعالى، واجتنبت المحرمات، فالأصل أنّ فعلك صالح، ولا تُكلّفي نفسك ما وراء طاقتها، قال تعالى: ﴿لا يُكلِّفُ اللهُ نفساً إلا وُسعَها﴾ (البقرة: 286). أما الشكوك الاحتمالية بعد الفعل فلا يُلتفت إليها؛ لأن القاعدة الشرعية تقول: اليقين لا يزول بالشك. وفعل المؤمن يُحمل على الصحة ما لم يثبت العكس. فإن ظهر يقيناً أنّك آذيت شخصاً، فالعلاج واضح: الاعتذار الصريح، وردّ الحقّ، والإصلاح ما أمكن، ثم الاستغفار والمضي قدماً. أمّا تقليب الماضي بلا دليل فهو يزيد الهم ولا يُصلح شيئاً. ولتنظيم محاسبة النفس اجعلي لك وقتاً ثابتاً في آخر اليوم تسألين فيه نفسك ثلاث أسئلة فقط: هل قصدتُ وجه الله؟ هل اجتنبتُ الحرام الظاهر؟ هل بقي حقّ متيقّن لإنسان؟ فإن وجدتِ الجواب مطمئناً، فاتركي التفتيش والتكرار. وإن ظهر حقّ متيقّن فأصلحيه بهدوء بلا تهويل. واعلمي أن المبالغة في التدقيق ليست ورعاً، بل تورث الحرج، والدين شُرع للتيسير لا للتعذيب الداخلي. فقد ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله: «لا تُكلِّفوا أنفسكم ما لا تُطيق، فإنّما هو كفرٌ، ولا تُحمِّلوها فوق طاقتها، فإنّما هو عجزٌ» (نهج البلاغة، الحكمة 189). فالمطلوب هو الاعتدال، وحسن الظن بالله تعالى. نسأل الله تعالى أن يرزقك راحة القلب، وحسن البصيرة، وأن يوفقك لكل خير، ودمتم في رعاية الله وحفظه.