وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ابنتي الكريمة، اعلمي بأن ما تسمّينه هو حالة من التوتر وتقلب المزاج تؤدي إلى سرعة الانفعال وخروج كلمات غير محسوبة، ثم يأتي الندم بعدها.
أصل المشكلة هنا ضعف إدارة الغضب حين يشتد الضغط، وهذا يؤثر مباشرة في برّ الأم، وهو أمر عظيم القدر في الشريعة، قال تعالى: { وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا… فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما } (الإسراء: 23).
فالندم جيد لكنه لا يكفي؛ المطلوب خطة تضبط اللسان وتحوّل الانفعال إلى تصرف راشد.
ابدئي بتوبة صادقة وعهد مع الله تعالى على صون لسانك مع أمك، وجددي نيتك كل صباح بقول مختصر في قلبك: اليوم سأقول لأمي قولاً كريماً. اختاري لنفسك عبارات بديلة ثابتة تحفظك وقت الانفعال.
وعندما تشعرين بارتفاع الانفعال، استعيذي بالله تعالى، اصمتي عشر ثوان، تنفّسي ببطء، ابدلي مكانك أو جلستك، واشربي ماء، وإن تيسر فتوضئي؛ تغيير الحالة الجسدية يخفف حدّة الغضب. وإن خشيتِ أن يشتد الموقف، اعتذري مؤقتاً بلطف وغادري المكان لدقائق ثم عودي بكلام طيب.
اجعلي الاعتذار عادة عملية لا مجرد قول؛ إذا بدر منك تجاوز، قدّمي اعتذاراً صريحاً من غير تبرير، ثم عوّضي فوراً ببر ملموس: قبلة على رأسها، خدمة في البيت، إعداد كوب شاي، أو قضاء حاجة لها. خصصي كل يوم وقتاً ثابتاً لبرها ولو عشر دقائق تُصغين فيها وتُحسنين الحديث، فالمداومة على اللطف تضعف نوبات الخشونة.
تتبعي أسباب انزعاجك:
قلة نوم، كثرة منبّهات، تراكم أعمال، هاتف مشتت، توتر دراسي أو عمل، تغيرات هرمونية. دوّني مساءً ما الذي أثار غضبك، وما العبارة المؤدبة التي كان ينبغي قولها، وقيّمي نفسك بهدوء لتتحسّن النسبة يوماً بعد يوم. وإن كانت الحالة مستمرة أو شديدة ففكّري في فحص صحي بسيط لنفي فقر الدم أو اضطراب الغدة أو نقص فيتامين د .
استمدّي العون الروحي باللجوء الى الله سبحانه وتعالى، وبالمحافظة على الصلاة في وقتها، والإكثار من الاستغفار، وكثرة ذكر الله والصلاة على محمد وآل محمد، وتلاوة آيات قليلة يومياً بنية تليين القلب للوالدين. واحرصي أن لا يعلو صوتك على صوت أمك، وإن زلت القدم فعودي فوراً إلى اللين، فالله يقبل التائبين، والقلوب تطيب مع الصدق والمثابرة، وعليكِ ياابنتي الكريمة بحسن الظن بالله تعالى.
نسأل الله تعالى أن يشرح صدرك، ويهذب لسانك، ويجعلك قرّة عين لأمك، ويكتب لك برّها قولاً وفعلاً.