وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ابنتي الكريمة، اعلمي أن حبّ الله تعالى يعني أن يكون هو الحبّ الأكبر الموجّه للقلب والاختيار، لا أن تُلغى المحبّات المباحة كحبّ الأهل والرزق والعلم، بل تُجعل كلها في طاعته وباباً للقرب منه. وطريق هذا الحب يقوم على عدّة أمور:
1. المعرفة بالله: اقرئي القرآن الكريم بتدبّر ولو صفحات قليلة كل يوم، وتأملي في أسمائه وصفاته وآلائه، فإن القلب إذا عرف ربَّه ازداد حبّاً له.
2. العبادة مع حضور القلب: اجعلي الصلاة عمود يومك، وادعي بعد كل صلاة أن يملأ الله قلبك حبّاً له، فإن الدعاء مفتاح القلوب.
3. الذكر والشكر: أكثري من التسبيح وذكر الله في كل حال، واعتادي شكر النعم صغيرها وكبيرها، فإن الشكر يزيد القرب ويورث المودّة.
4. الاقتداء بالنبي وآله: أظهري حبّك لله تعالى بالاتباع العملي، كما قال تعالى: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ (آل عمران: 31).
5. طهارة القلب: ابتعدي عن المعاصي، وجدّدي التوبة دائماً، واغضي بصرك، وكوني حريصة على الحلال في المطعم والمكسب، واتركي اللهو المحرَّم وما يميت القلب من لهو الشاشات.
6. برّ الوالدين وصلة الرحم: أحسني إلى والديك، وصِلي رحمك، وأدّي حقوق الناس، فإن الطاعة والعدل والإحسان تثبّت الحب في القلب.
7. الصحبة الصالحة: اختاري من يعينك على الذكر والعبادة، وشاركي في خدمة الناس وقضاء حوائجهم، فإن خدمة الخلق طريق إلى رضا الخالق.
8. المداومة والصبر: اعلمي أنّ الحب لا يُقاس بالشعور العابر، بل ينمو بالصبر والمواظبة على الطاعة. ستجدين نفسك تتقدمين حين تشعرين بلذّة في العبادة، ونفور من المعصية، وسكينة عند الذكر.
ولا تنسي أن واجبات الدنيا من دراسة وعمل وأسرة جزء من محبة الله تعالى إذا أُديت بنية القرب، فالمؤمنة تتقن أعمالها لأنها ترى فيها طاعة لله.
فقد رُوي عن مولانا الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: «هَلِ الدِّينُ إِلَّا الحُبّ؟ إِنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يَقولُ: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ» (الكافي، ج 2، ص 124).
نسأل الله تعالى أن يملأ قلبك حبّاً له، وأن يجعلك من المخلصات اللاتي إذا ذُكر الله خشعت قلوبهن، وإذا دُعين إلى طاعته أسرعن بالإجابة.
ودمتم في رعاية الله وحفظه.