logo-img
السیاسات و الشروط
- العراق
منذ 3 سنوات

رواية إسقاط الجنين

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين . . أما بعد . . سماحة السيد جعفر مرتضى العاملي حفظكم الله تعالى وسدد الله خطاكم . . في الحقيقة أشكركم على تواضعكم في الجواب على استفساري بعد ردكم على استفساري السابق وتفضلتم : ‹ . . فيرجى من جنابكم الكريم أن تذكروا الرواية التي تصرح بأن سقوط الجنين إنما كان حين الهجوم على الدار في أول يوم ، وذلك لكي يتم النظر فيها ، فإن كانت لا يمكن الجمع بينها وبين رواية الإختصاص أبداً ، فلا بد من رفع اليد عن دلالة رواية الإختصاص في خصوص زمان ومكان الإسقاط ، وتبقى دلالتها بالنسبة لأصل حدوث الإسقاط على حالها › . سيدنا العلامة هذه رواية في شأن سقوط الجنين وما جرى عليها في حديث طويل من كتاب بحار الأنوار [ جزء 28 ص 270 / 271 ] يرويه من كتاب سليم بن قيس : وهذا مقطع منه : ‹ . . كان قنفذ لعنه الله ضرب فاطمة عليها السلام بالسوط حين حالت بينه وبين زوجها وأرسل إليه عمر ، إن حالت بينك وبينه فاطمة فاضربها ، فألجأها قنفذ إلى عضادة بيتها ودفعها فكسر ضلعاً من جنبها فألقت جنيناً من بطنها ، فلم تزل صاحبة فراش حتى ماتت - صلى الله عليها - من ذلك شهيدة › وهذه الرواية صريحة بإسقاط الجنين في الهجوم على البيت بغض النظر عن صحة كتاب سليم بن قيس أو عدم صحته . لقد تفضلتم سيدنا الجليل بأن الاختلاف في الخصوصيات لا يؤثر على أصل المسألة إلا أننا نجدكم طعنتم بالروايات ، التي تتحدث عن شراء عثمان لبئر ، بدعوى التعارض فيما بينها ، حيث تعدد المبلغ المذكور في دعوى الشراء ، فكيف يمكن لنا أن نحل هذه المشكلة حيث هناك اختلاف في خصوصيات ظلامة الزهراء ؟ . بقي هناك سؤال : هل روايات ظلامة الزهراء عليها السلام متواترة المعنى والتفاصيل فيها أخبار آحاد ؟ بل معظمها وردت من كتاب سليم بن قيس المختلف في توثيقه وصحته من قبل العلماء . هل يمكن الجمع بين رواية الاختصاص مع باقي الروايات ؟ لو تتكرمون علينا سيدنا الجليل بالإجابة ووفقكم الله لنيل مرضاته . . ونرجو منكم التوضيح والبيان . وهل هناك روايات صحيحة السند في خصوص ظلامة الزهراء من إسقاط للجنين ‹ من أن الثاني هو الفاعل أو كان بأمره › . ورزقكم الله شفاعة جدتكم الزهراء ونأسف على الإطالة . . مع السلامة . .


بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . . أولاً : بالنسبة لما ذكرناه حول موضوع بئر رومة ، فقد ذكرنا هناك : أننا نشك في الرواية ، وأن سبب شكنا هو أمور عديدة ذكرناها ، وكان من بينها تناقض الروايات الشديد ، فمنشأ الشك في صحة تلك الرواية هو مجموع تلك الأمور من حيث المجموع . . أي أن كل واحد من تلك الأمور يسهم في إحداث شك في ناحية من النواحي ، فإذا انضم إلى سائر الموجبات ، فإن هذا الشك يتناول الجوانب التي أشارت إليها تلك الموجبات . . أما مسألة مكان سقط الجنين ، وزمانه ، فإن تناقض الروايتين فيه ، يجعلنا نعلم بخطأ واحدة من الروايتين بلا ريب ، ويتم التعرف على الرواية التي أخطأت في ذلك بالاعتماد على المرجحات . . ثانياً : إن رواية سقوط الجنين بفعل ضرب قنفذ لها عليها السلام ، ليست نصاً في أن ذلك قد حصل في اليوم الأول ، أو الأيام الأولى ، بل هي ظاهرة في ذلك ، لأن استفادة ذلك إنما هو بواسطة الفاء المفيدة للتعقيب من دون مهلة في قوله : ‹ فكسر ضلعاً من جنبها ، فألقت جنيناً من بطنها ، فلم تزل صاحبة فراش ، الخ . . › . فإذا فرضنا أن رواية الاختصاص نص في كون السقوط قد حصل بعد ثمانية أيام ، وذلك في قضية المطالبة بفدك ، فإن النص يقدم على الظاهر ، وترفع اليد عن الظاهر لمصلحة النص . . ثالثاً : إن التعقيب بلا مهلة تختلف مقاديره ، فإذا قيل : جاء زيد من السفر ، فعمرو ثم بكر . . فإن ذلك يصح لو كان عمرواً قد جاء بعد زيد بساعة ، وبكر بعده بيوم ، كما أنه يصح لو أن عمرواً جاء بعده بعشرة أيام ، وبكر قد جاء بعده بشهر مثلاً . . فإن فورية كل شيءٍ بحسبه ، وبحسب قرب وبعد ، وأحجام ، وأنواع ، وطبيعة الأحداث التي يراد قياس بعضها إلى بعض . . رابعاً : قد قلنا : إن المطلوب هو إثبات سقوط الجنين بفعل المعتدين المهاجمين ، وهذا ثابت بالتواتر ، وقد لهجت به كتب السنة وكتب الشيعة على حد سواء ، فالاختلاف في المكان الذي سقط فيه الجنين لا يضر في أصل حصول هذا الأمر منهم . . خامساً : قولكم إن معظم التفاصيل وردت في كتاب سليم بن قيس ، غير دقيق ، فإن مراجعة النصوص التي أوردناها في كتاب ‹ مأساة الزهراء ( عليها السلام ) › تعطي أن هذه التفاصيل التي هي موضع البحث والأخذ والرد ، قد رويت في مصادر أخرى ، وانفراد سُليم بخصوصيات جانبية ليست هي موضع البحث . . لا يصلح للتنويه به . . سادساً : بالنسبة لما ذكرتموه من الاختلاف في توثيق كتاب سليم بن قيس ، نقول : إننا قد ذكرنا طرفاً من الكلام حول ذلك في الجزء الأول من كتاب ‹ مأساة الزهراء › ، كما أننا قد ذكرنا أموراً أخرى في مواضع في كتاب ‹ مختصر مفيد › ، بأجزائه الثمانية ، وفي غيره ، وقلنا : إن الطعن في ذلك الكتاب غير منطقي ، ولا يمكن قبوله ، لأن ما استندوا إليه في طعونهم ظاهر الفساد . . بل إن بعض ما طعن به على كتاب سليم ، موجود بنحو أو بآخر ، في أوثق الكتب ، وأكثرها اعتباراً . . سابعاً : إن تواتر حديث اسقاط الجنين في كتب الشيعة والسنة ، من الواضحات ولذلك فهو لا يحتاج إلى البحث في صحة سند هذه الرواية أو تلك [1] . . ثامناً : إذا كان إسقاط الجنين ثابتاً ، فقد كان على السلطة أن تعاقب الفاعل أياً كان ، ولكنهم ليس فقط لم يفعلوا ذلك ، بل إن الذين شاركوا في الهجوم على السيدة الزهراء عليها السلام ، كانوا هم أركان الدولة ، وأصحاب الكلمة النافذة فيها ، والذين تعطى لهم الامتيازات ، بسبب وبدون سبب . . وأخيراً . . فإنني أحب لفت نظركم الكريم ، إلى أنني ألمس لديكم درجة من حب المعرفة والبحث ، فيا حبذا لو أنكم تصديتم بأنفسكم للتحقيق في مثل هذا الأمر ، فإن ذلك سيكون أكثر فائدة ، وأكبر نفعاً ، ونحن نشد على أيديكم ، وندعو لكم بالتوفيق والتسديد . . والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطاهرين . .