logo-img
السیاسات و الشروط
- العراق
منذ 4 سنوات

إشكال العوام على فضل الله

بسم الله الرحمن الرحيم سماحة العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي دامت بركاته . . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . سيدي الجليل . . يقول بعض طلبة العلم : إن علينا أن لا نشغل أنفسنا بقضية السيد محمد حسين فضل الله ، لأننا لسنا من أهل التخصص في العقائد ، لنتكلم ونخبر الناس أن له انحرافات عقائدية ، ويقولون دعوا هذه الأمور للعلماء ، كالميرزا جواد التبريزي ، والسيد جعفر مرتضى العاملي ، وغيرهما . . أما أن تقوموا أنتم العوام بقراءة كتب السيد فضل الله ، وتصيّد الأخطاء عليه ، فهذا خطأ كبير وقد تقعون في كثير من الإشكالات ، كما أنكم أنتم العوام لا تفهمون العقائد حتى تعترضوا على مقولات السيد فضل الله . . ويقولون لنا : هذا ليس تكليفكم أنتم العوام ، كما أنه لا يحصل لكم ثوابٌ من جراء متابعتكم لهذه الأمور ، وإثارة هذه القضايا . فاتركوا عنكم هذه الأمور وتوجهوا لمعرفة تكاليفكم الشرعية . فأسألك يا سيدي الجليل : هل علينا أن نترك هذا الأمر ، وأن لا نخوض فيه ، لأننا كما قالوا : لسنا من أهل التخصص حتى نعترض على مقولات السيد فضل الله ؟ ويقولون : إننا ، على سبيل المثال ، لا نفهم ما هو العنصر الغيبي لكي ننتقد السيد فضل الله على قوله بأنه لا يوجد في الزهراء عنصر غيبي . . أو يقولون : إن السيد فضل الله في وصفه لاعتراض عمر على رسول الله يوم الحديبية ، بوعي الصحابة ، أن هناك وعي كامل وهناك وعي ناقص ، وقد يكون السيد فضل الله يقصد هذا الجانب لأنه يعيش في لبنان ، وهناك الكثير من الإخوان السنة الذين يسمعون خطاباته . . ولهذا هو يستخدم هذه الألفاظ ، فما هو رأيك سيدي الجليل في هذا الكلام ؟ ؟ أرجو منكم بيان ذلك بشيءٍ من التفصيل ودمتم سالمين . . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . .


بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . . فأولاً : إن المطلوب من غير المتخصص هو : أن يرجع إلى أهل الاختصاص ليستعلم منهم ما يجب عليه عمله في مورد جهله وعلمهم ، ومراجع الأمة ، وعلماؤها هم المرجع في قضايا الدين والشريعة ، لكل جاهل بقضايا الدين وأحكامه . . ونحن قد رجعنا إليهم ، فوجدنا أنهم قد أصدروا فتاوى في حق هذا الشخص ، وحددوا موقعه ، وبيَّنوا حقيقة الأمر بالنسبة لأخطائه ، فما علينا إلا أن نسلم لهم ، ونلتزم بأوامرهم ، ونواهيهم ، سددهم الله تعالى . . فإذا قال لنا هؤلاء المراجع العظام : لا يجوز تأييد هذا الشخص ، ولا الأخذ منه ، ولا تقويته ، ولا قراءة كتبه ، وجب علينا القبول منهم ، والعمل بأوامرهم . وإذا قالوا لنا : يجب عليكم معرفة أخطائه العقائدية ، وتعريف وتحذير الناس منها ومنه ، وإبعادهم عن التأثر به ، والأخذ عنه ، فعلينا أن نقوم بما يأمروننا به ، لأنهم أهل اختصاص . . ثانياً : إنه يظهر من كلام هؤلاء الناصحين ، أنهم يطلبون من الجاهل أن يعمل بتكاليفه الشرعية ، حسبما ورد في السؤال . وهذا كلام مقبول منهم ، فليس لهم أن يلومونا إذا قال لنا مراجعنا : إنه يجب عليكم منع الناس من الأخذ بأفكار واعتقادات « زيد » من الناس ، فإن هذا يصبح من جملة تكاليفنا الشرعية . . إذ إن التكاليف الشرعية لا تنحصر بما كان من قبيل الصلاة والصيام ، ونحو ذلك . . ثالثاً : إن السيد محمد حسين فضل الله ، الذي يدافع عنه هؤلاء ، لا يرضى بما يقوله هؤلاء ، بل هو يقول : إن العلم ليس حكراً على فئة من الناس . ويرى أن اللازم تعريف الناس بالحقائق وعدم ستر أي شيء عنهم ، ولأجل ذلك لا يرضى هو إلا بأن ينشر أفكاره في الناس ، ويصر على أن يوصلها للقاصي والداني ، والكبير والصغير . . فكيف يجوز له هو ذلك ، ولا يجوز لنا نحن تعريف الناس بخطئه . . وهو الذي يقول في نشرة بيَّنات العدد الصادر بتاريخ 25 / 10 / 1996 م . ما يلي : « إنني أشعر : بأن مسؤولية العالم أن يظهر علمه إذا ظهرت البدع في داخل الواقع الإسلامي وخارجه ، وإذا لم يفعل ذلك ( فعليه لعنة الله ) كما يقول النبي صلى الله عليه وآله ، والله تعالى قال : * ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنات وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ ) * [1] . ويقول : « أنا لا أؤمن بأن الناس عوام يجب أن نبقيهم على جهلهم ، إنما يجب أن نثقفهم ليعوا دورهم ومسؤولياتهم في الحياة وأمام الله تعالى . . إني أرى أن من الخطأ إثارة القضايا في المجالس الخاصة وحسب ، بل لا بد من أن نثيرها في المجالس العامة بالطريقة التي تحقق للناس توازناً في فهمهم وأفكارهم ، حتى يعيشوا ثقافة الإسلام بوعي ، وفهم ، وتدبر . لأن الله لم يخاطب الخاصة ليحولهم إلى طبقة مغلقة ، ولكنه خاطب الناس والمؤمنين جميعاً . . وإذا كان بعض الناس يختلفون معي في الرأي أو في فهم القضايا لأن لهم وجهة نظر أخرى ، فليس معنى ذلك أن آرائي التي أطرحها تؤدي إلى نتائج سلبية على مستوى آرائهم . وإذا كان هؤلاء لا يجدون مشكلة في طرح أفكارهم على الناس لأنهم يرون صوابيتها ، فما المشكلة في طرح أفكار أخرى يعتقد أصحابها بصوابيتها ؟ » انتهى كلامه . . رابعاً : إن هؤلاء الناصحين قد قالوا لكم : إن كونكم عواماً ، يوجب عليكم الابتعاد عن قراءة كتب ذلك الرجل ، وتصيد أخطائه ، وعرضها على الناس . . ولكنهم لم يمنعوكم من عرض كلام الشيخ التبريزي ، والوحيد الخراساني ، والسيد جعفر مرتضى ، وغيرهم ، على الناس . . ولم يقولوا لكم إن هؤلاء لا يفهمون في أمور العقيدة ، ولا يعرفون الخطأ من الصواب . . خامساً : بالنسبة لقولهم لكم : إنكم لا تحصلون على ثواب وأجر من متابعة هذه القضايا ، غير دقيق . . إذ إن هؤلاء القائلين ليسوا من المراجع ، ولا من العلماء ، ولا يعرفون ما يثيب الله عليه وما لا يثيب عليه : * ( أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ ) * . . [1] . فعلى طبق قاعدتهم التي قالوها لكم ، لا بد من سؤال العلماء ، والمراجع عن هذا الأمر ، فإن قالوا لنا : إنه يوجب المثوبة ، فكلامهم حجة بالنسبة إلينا نحن العوام ، لأنهم سددهم الله ، أبصر منا بقضايا الدين ، وبالأحكام وبآثار التعرض لامتثالها . . سادساً : إن الذين يقولون لكم هذا الكلام ، ليسوا من المراجع ، ولا من علماء الأمة الكبار ، الذين يُرجع إليهم ، فعليهم وعلينا أن نرجع جميعاً إلى علماء الأمة ومراجعها ، لنسألهم عن مقصود السيد محمد حسين فضل الله من قوله : إنه لا يوجد عنصر غيبي في الزهراء ، وكذلك عن مقصوده بما قاله عن وعي الصحابة في الحديبية . . فإنهم أعرف منا بمعاني الكلام ، لأننا نحن عوام ، وهم علماء . . ولا يصح لنا أن نسأل السيد محمد حسين فضل الله عن ذلك ، لأنه هو المتهم ، والمتهم لا يكون حَكَماً . . وكلامه لم يعد ملكاً له ، بل أصبح للناس جميعاً ، فهم الذين يقرؤون ما يفهم منه ، ولا نقبل دعوى أنه يقصد منه غير ذلك . . إذ لو سب إنسان الله ورسوله ، فإنك لا تسأله عن مراده ، بل تبادر إلى تأديبه حتى لو ادعى أنه يقصد أمراً آخر . . والحاصل : أن علينا نحن العوام أن نرجع إلى العلماء ليدلونا على الصحيح من الخطأ في كلام ذلك الرجل . . وحين سألناهم بيَّنوا لنا : بفتاواهم في حقه ، وبالكتب التي ألفوها للرد عليه ، أنه مخطئ في أقواله هذه . . وقالوا لنا : إن للسيد فضل الله مئات بل آلاف الأخطاء التي تمس العقيدة والدين ، وتوضح مقاصده ، وتفصح عن واقع ما يعتقده ويؤمن به . . وعلينا جميعاً - نحن وأنتم - أن نرجع إليهم ، وأن نأخذ منهم ، وأن نقبل عنهم لأنهم أهل خبرة واختصاص . . وهم الذين يعرفون إن كان يجوز لنا أن نحذِّر الناس من أفكار هذا الرجل أم لا يجوز . . وقد قالوا لنا : يجب عليكم ذلك ، وعلينا وعليكم أن نكون في موقع الطاعة لهم ، كما ذكرتم أنتم . . والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطاهرين . .

2