بسم الله الرحمن الرحيم لقد دخلنا إلى هذا الموقع فوجدنا أنه يتكلم كثيراً عن الاختلافات العقائدية ، ولا سيما انتقاد العلامة المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله دام ظله الشريف ، رغم امتداد مرجعيته في العالم بأكمله ، وروحه العالية في الحوار ، والكلام ، والبحث السليم .
لقد رأينا في موقعه المنطق السليم في البحث العقائدي ، كما أنه يستدل بشكل واقعي وحضاري ، ويأخذ باعتبار كلام ورأي العلماء الأقدمين رضوان الله عليهم .
مسألة الزهراء البتول : الشيخ المفيد ، والشيخ الإمام المصلح محمد حسين آل كاشف الغطاء قدس سرهم ، قد نفوا كسر الضلع لعدم توفر الأدلة الكافية ، ورغم ذلك لم يقف في وجهه أحد من
المراجع لعدم توفر الأدلة الكافية لإثبات الحق المبين . .
إن الاختلافات العقائدية لا تحصى بين الشيعة ، وهذا لا يعني الحرب الجامدة بيننا نحن الموالون لمحمد المصطفى ، وعلي المرتضى ، وفاطمة البتول ، والأئمة عليهم السلام . .
إننا لا نفهم لماذا تخاطبون سماحة السيد بهذه القساوة والبرودة ، رغم أن التسامح هو الأحسن والأفضل في هذا الحال .
العلامة السيد فضل الله اليوم هو النور المبين ، هو المرجع والمرشد الروحي لحزب الله . . هو من الذين أسسوا الحوزة العلمية في سوريا ، لقد انتشر المذهب بسببه في الجزائر والمغرب وتونس . . الخ . .
إذن فعلينا أن نهتم بقضايا الأمة والدفاع عن الحق مهما كان .
أما بالنسبة إلى الاستكبار العالمي فهذه وصية سيدنا روح الله الخميني الموسوي ، إذ دعا إلى الوحدة الإسلامية ، وقضية الزهراء تدعو إلى المعاداة بين المسلمين .
إن بعض الطلاب والعلماء والخطباء والمراجع من قم ، يكذبون على السيد بشكل مباشر وغير مباشر . .
من وصايا روح الله الخميني هو قوله : « إني أرى مستقبلاً أسوداً للحوزة في قم » . .
فكيف يقوم الشيخ اللنكراني بتحريم قراءة كتب السيد فضل الله . .
أف . . أف . . أف . . لقوم لا ينعمون . .
الحمد لله الذي جعلنا مسلمين والسلام . .
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . .
فإن في كلامكم العديد من مواضع الخلل ، نشير إلى بعض منها فيما يلي :
1 - إن الانتقاد البناء ليس جريمة ، ولا عيباً ، وإنما هو فضيلة وكرامة وواجب ، ولا سيما إذا كان يهدف إلى تصحيح خطأ ذلك البعض ، الذي يضع نفسه في موقع المسؤولية ، ويتصدى لأمور حساسة ، تؤثر على دين الناس ، وعلى مفاهيمهم ، وعلى التزامهم الإيماني وانضباطهم السلوكي . .
ولا يمنع من هذا النقد امتداد المرجعية ، ولا انحسارها ، بل إن امتداد المرجعية قد يرقى بهذا الأمر - أعني توجيه النقد إليه - إلى أن يصبح من أعظم القربات ، والتخلي عنه من أعظم الخيانات للدين وللأمة ، وللإنسانية جمعاء ، وذلك حين يؤدي هذا التخلي إلى استمراره في العبث بأشد الأمور خطورة ، وأكثرها حساسية ، حسبما قلنا . .
2 - على أن هذه الدعاوى العريضة حول امتداد مرجعية هذا البعض ، ليس بالمستوى الذي يحاول هو وأتباعه الإيحاء به ، فإن مرجعية آية الله العظمى السيد السيستاني ، وآية الله العظمى التبريزي ، وآية الله السيد الخامنه إي ، وغيرهم حفظهم الله ، أكثر امتداداً في العالم الإسلامي . . أما مرجعية هذا
البعض ، فهي محصورة تقريباً فيما بين الشيعة من العرب . . ونصيبه منها فيهم أيضاً أقل من المراجع الذين ذكرنا أسماءهم آنفاً ، على أن كثرة الأتباع لو كانت معياراً لكانت الشيوعية والهندوسية والمسيحية و . . و . . ديانات صحيحة أيضاً لكثرة الأتباع لها ! ! . .
3 - ذكرتم أنكم تجدون لديه المنطق السليم في البحث العقائدي ، وبأنه يستدل بشكل واقعي وحضاري ، ويأخذ في اعتباره كلام ورأي العلماء الأقدمين . .
ونقول لكم :
إن هذا يدخل في دائرة الدعاوى والشعارات الاستعراضية ، بل واللعب على الألفاظ . .
إذ إن جميع الفئات ، حتى الكافرين والملحدين ، لا بد لهم من أن يتظاهروا بالمنطق السليم ، وبالعلمية ، والواقعية ، والموضوعية ، فإن الباطل الظاهر البطلان ، لا يمكن تسويقه ، فيعمدون إلى خلطه بالحق ، وتزيينه ، حتى يصبح بحيث يشبه الحق . . ثم يقدم للناس بقوالب خادعة تخفي معالم البطلان فيه . .
وأما الروح العالية في الحوار ، والمنطق السليم ، فتجسده شتائم هذا البعض ، وأعني به السيد محمد حسين فضل الله للمراجع العظام ، والعلماء الأعلام ، وسيأتي بعض من ذلك . .
كما أن صاحب هذه الرسالة نفسه قد اقتفى أثر صاحبه ، حين بادر في نفس رسالته هذه إلى كيل الشتائم للعلماء والمراجع الأتقياء ،
خصوصاً وصفه لهم بأنهم يكذبون ، بصورة مباشرة وغير مباشرة . .
3 - يضاف إلى ذلك أن كلامكم هذا يستبطن أنكم ترون لأنفسكم مقاماً علمياً عالياً ، يخولكم تحديد مواصفات البحث السليم والصحيح ، ومعرفة البحوث الواقعية والحضارية والسليمة ، من غيرها . .
ونحن نتمنى أن تكونوا عند حسن ظنكم بأنفسكم . وأن لا يكون ذلك منطلقاً من الرغبة في تسجيل النقاط على الأطراف التي اعترضت على السيد محمد حسين فضل الله . . بطريقة الادعاء الذي لا يستند إلى دليل . .
4 - ونأمل أن تتحفونا بردودكم العلمية على المؤاخذات التي سجلها عليه العلماء الكبار ، ومراجع الدين . وعلى معالجاتكم العلمية للنظريات ، والاعتقادات ، التي اعتبرها علماء الشيعة ومراجعهم مخالفة للمذهب ، ودعاهم ذلك إلى إصدار الفتاوى الصريحة في حقه . .
أخي الكريم . .
5 - إن كنت قد اطلعت على أقوال هذا البعض ، فما عليك إلا أن تطلع على ردود العلماء عليه ، وأن تحسم أمرك فيما هو الصواب والخطأ منها . . ومجرد كونه له روح عالية في الحوار ! ! أو أن لمرجعيته امتداداً ، لا يكفي في تخطئة المعترضين ، ولا في تصويب أقواله دونهم . .
أخي الكريم . .
6 - لقد قلت : إن الشيخ كاشف الغطاء والشيخ المفيد قد نفيا موضوع كسر ضلع الزهراء عليها السلام . .
ونحن نقول لك : قد ادعي هذا من قبل صاحبك الذي تدافع عنه ، وقد ظهر بالأدلة القاطعة عدم صحة نسبة هذا الإنكار ، لا إلى الشيخ المفيد ، ولا إلى الشيخ كاشف الغطاء ، فراجع كتاب : « مأساة الزهراء « عليها السلام » » وغيره . .
وحتى لو تنزلنا وقلنا : إن هذين العلمين قد أنكرا ذلك ، فإن إنكارهما لا يعتد به ، إذا دل الدليل العلمي على خلافه ، وإذا خالفهم فيه سائر علماء الشيعة ، حتى لقد ادعى الشيخ الطوسي الإجماع ، وهو تلميذ المفيد مباشرة . .
ثم أين هو هذا النفي ؟ اذكره لنا بالحروف والأرقام لندرسه ، ولنستفيد من هذه الحقيقة التي اكتشفتها ، أو اكتشفها السيد محمد حسين فضل الله . .
مع العلم : بأن في كتاب « مأساة الزهراء « عليها السلام » » ، وكتاب « خلفيات كتاب مأساة الزهراء « عليها السلام » » وكتاب « مختصر مفيد » ، ردوداً كثيرة على هذه الأقاويل . .
فهل اطلعت عليها ؟ ! وإذا كان الجواب بنعم ، فنحن نطلب منك أن تبين وجوه الخلل في تلك الاستدلالات ، شريطة أن لا تكرر ما جاء به محمد الحسيني ، والشاخوري ، ونجيب نور الدين ، وأبو مالك الموسوي ، فقد ألفت كتب كثيرة بينت بطلان ما جاؤوا به ، وكشفت عن أنهم قد توسلوا بأساليب - لا نحب توصيفها - للتعمية على القراء . .
7 - وقلت : إنهم إنما نفوا كسر الضلع بسبب عدم توفر الأدلة الكافية ، وكأنك ترى أن الخلاف مع السيد محمد حسين يتمحور
حول قضية كسر الضلع فقط .
ولا ندري لماذا تغض الطرف عن مئات من موارد الاختلاف الأخرى معه ، في شؤون العقيدة والدين ؟ !
كما أننا لا ندري كيف ظهر لك أن الأدلة كانت غير كافية ؟ ! وهل إذا حسمت قضية كسر الضلع انتهى الخلاف فيما بين مراجع الأمة وعلمائها وبين صاحب تلك المقولات ؟ !
وهل كانت الفتاوى ترتكز إلى خصوص قضية كسر الضلع ؟ ! دون سواها . .
وإذا كان الأمر كذلك ، فهل يمكنكم عرض شواهد على ذلك ؟ !
وهل يكفي إنكاره أو شكه في هذه القضية لإصدار تلك الفتاوى في حقه ؟ ! وإن كان ذلك لا يكفي ، فمن الذي روَّج لهذه الشائعة المكذوبة والخاطئة ؟ !
8 - إذا كانت الاختلافات العقائدية لا تحصى بين الشيعة ، فهل هذا يعني أن الحق مع السيد محمد حسين فضل الله ؟ !
وأن ما صدر في حقه من فتاوى كان خاطئاً ؟ !
وهل أن من خرج على عقائد الشيعة يجوز السكوت عنه ؟ ! . .
وهل إذا شن حرباً على من يطالبونه بتصحيح اعتقاداته يوجب ذلك - على أهل الحق - أن يسحبوا فتاواهم ، ويتراجعوا عن مواقفهم .
9 - إن الخروج على العقائد الحقة وعلى الموازين الشرعية يفرض على من يفعل ذلك أن يتراجع ، وأن يصحح أخطاءه ، ويفرض
على غيره أن يسعى لإلزامه بالحق . . وليس له - أي لذلك الخارج - أن يحاربهم ، فإن فعل ذلك كان ظالماً . . ولا يفرق في ذلك بين أن يكون ذلك الخارج على الحق وعلى أهله ، من الموالين ، أو من غيرهم . .
10 - وأما القسوة والبرودة في الخطاب مع السيد محمد حسين فضل الله :
فأولاً : قد فرضها إصراره على مواقفه الخاطئة . . وفرضتها مهاجماته المتوالية لمراجع الأمة وعلمائها . .
وثانياً : لقد جاءت على سبيل المقابلة بالمثل ، مع عدم التكافؤ ، فقد بقيت كفة السيد محمد حسين هي الراجحة ، حيث تجاوز كل الحدود ، وانتهى به المطاف إلى ترصيف الشتائم والاتهامات ، التي تسافلت إلى أحط مستوياتها ، والتي لم يكن ليخطر على بال أحد أن تصدر عن إنسان عادي ، فكيف بمن يدَّعي العلم ، والثقافة ، والحضارة ، و . . و . . الخ . .
لقد كانت قسوته هو على العلماء ، وعلى من يطالبونه بالتصحيح ، هي الأشد عنفاً ، حتى لقد وصف المراجع والعلماء ، بأنهم عملاء للمخابرات الأمريكية ، والموساد الإسرائيلي ، وبأنهم بلا دين ، وبلا تقوى ، وبأنهم يتحركون من موقع العقدة ، وبأنهم يفهمون الكلام بغرائزهم ، واتهمهم بالحسد ، وبالتخلف ، وبالكذب . . وبأن مثلهم كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث ، وإن تتركه يلهث ، وبأن مثلهم كمثل الحمار يحمل أسفاراً . . وبأنهم . . وبأنهم . .
11 - وأما قولكم : إنه المرجع المرشد لحزب الله ، فنقول فيه : إن.
ذلك لا يجعله محقاً في ما أظهره من اعتقادات ، ومن مواقف خاطئة تجاه قضايا الإيمان والإسلام . .
كما أن حزب الله يلتزم خط المرجعية الواعية ، وخط ولاية الفقيه التي تأبى إلا حفظ الدين . . أضف إلى أن حزب الله لم يعلن يوماً أن مرشده الروحي هو السيد محمد حسين فضل الله . .
كما أن هذه المرشدية لحزب الله ينكرها نفس السيد محمد حسين فضل الله ، فلماذا الإصرار على نسبة شيء إليه ينكره هو نفسه ؟ . .
ولو صح ذلك ، فإنما هو في الفترة التي لم تكن قد ظهرت فيها مخالفاته لقضايا العقيدة الدين . فلما كشف المراجع والعلماء النقاب عن هذه المخالفات ، فإن المؤمنين الحقيقيين والواعين ، أخذوا حذرهم منه ، ومن أفكاره وعقائده . . وهذا الأمر ينسحب حتى على كثير من الذين تضطرهم الأحوال للتعامل معه ، والدخول في مؤسساته . .
علماً بأن الحق والباطل ، لا يعرف بالرجال ، وإنما يعرف الرجال بالحق . .
12 - وأما قولكم : إنه هو الذي أسس الحوزة العلمية في سوريا . . فهو غير صحيح ، وإنما هو قد أسس مدرسة تخصه لينشر أفكاره الخاطئة من خلالها . . وذلك في وقت متأخر ، وبعد أن كانت الحوزة والمدارس قد مضى عليها سنون طويلة ، وهي ناشطة في القيام بواجباتها ، وقد أسس السيد حسن الشيرازي ، وأسس السيد الفهري ، وغيرهما ، مدارس . . قبل أن يبادر صاحبك إلى أي عمل من هذا القبيل . ..
13 - وأما نشره للمذهب في الجزائر ، وتونس ، والمغرب ، وغير ذلك ، فهو أيضاً كسابقه . . غير صحيح ، وقد كان طلاب العلوم الدينية يتوافدون للدراسة في مدينة قم المقدسة قبل عقود من الزمن . على أن ما يدعيه من ذلك لا نجد له أي شاهد حي يثبته له ، أو يشير إليه . . ويصبح إرسال الكلام على عواهنه ، من دون أي شاهد أو دليل ؟ !
ولو قبلنا هذه الدعاوى فلربما نواجه دعاوى أبعد من ذلك ، فيقال لنا : إنه هو الذي نشر التشيع في إيران والبحرين ، والعراق وجبل عامل . . أو في فرنسا ، وبريطانيا ، والولايات المتحدة . .
على أن من يتابع حركته مع أهل السنة يجد أن هناك حالات كثيرة تصدى هو نفسه لمنع أهل السنة فيها من الدخول في التشيع ، زاعماً أن مذهبهم الذي هم عليه مبرئ للذمة ، ولا داعي لتركه . .
ولا أدري كيف يكون من الدعاة إلى التشيع ، وهو يراه مجرد وجهة نظر في فهم الإسلام . . كما صرح به في كتبه . .
كما أنني لا أدري كيف يدعو الناس إلى مذهب يصرح هو بأنه مبتلى بكثير من الخرافات في عقائده ، وقد أثار كل هذا الضجيج ، وأوقع هذه الفتنة العظيمة بين الشيعة ، معلناً كما ورد في كتابه « بينات » : أنه يسعى لإزالتها ! ! . .
وكيف يدعو إلى مذهب قد سجل هو في كتبه مخالفات تعد بالمئات ، بل بالألوف لعقائده وحقائقه . .
وكيف يدعو إلى مذهب يقول بعض كبار مراجعه : إنه خارج منه
وعنه . . ويخطئه في فهمه باقي المراجع أيضاً . .
على أن انتشار أفكاره في تلك البلاد ، لا يعني انتشار مذهب التشيع ، لأن ما يسوِّق له من أفكار ، هو من النوع الذي لا لون له ، ولا طعم ، ولا رائحة ، بل هو فكر بشري لا ديني ، يعتمد على الشعارات والعموميات ، ولا يتضمن أية خصوصية من خصوصيات مذهب الشيعة . .
على أن نشر الشبهات حول مذهب التشيع في تلك البلاد ، من شأنه أن يصد الناس عنه ، لا إقبالهم عليه . .
14 - أما القول بأن علينا : أن نهتم بقضايا الأمة ، والدفاع عن الحق مهما كان . .
فهو صحيح ، فإن أعظم قضايا الأمة أهمية وخطراً هي قضية سلامة عقائدها ، وثبات الناس على الحق فيها . . فلماذا لا ترضون حتى من مراجع وعلماء الأمة أن يهتموا بهذه القضية التي هي الأهم والأخطر ؟ ! . .
ومن غير المراجع والعلماء يحق له التصدي لمثل هذا الأمر الخطير ، والناس إنما يرجعون إليهم في أمر دينهم ، فهل يأخذون دينهم من رعاة البقر ، أو من كتاب الجرائد والمجلات ، أو من معلمي الأطفال ، ممن يصفهم من تدافعون عنه أنهم مثقفون ويقدمهم ويفضلهم على العلماء وأهل الاختصاص بالدين ! . .
وإذا كان علينا أن نهتم بالدفاع عن الحق . . فلماذا لا ترضون بذلك فيما يرتبط بقضية محاولات السيد محمد حسين فضل الله التغيير في عقائد الشيعة ، بحجة أنه يريد إزالة الخرافات منها ؟ ! . .
15 - أما بالنسبة للوحدة التي يدعو لها الإمام الخميني رحمه الله ، فإنما أرادها رحمه الله ، وحدة مبنية على حفظ الحق والدين ، لا وحدة تتضمن التنازل عن حقائق الدين . .
وقد كان نفس السيد الخميني رحمه الله ، وكذلك خليفته المعظم السيد الخامنه إي حفظه الله . . يحضران ويقيمان مجالس عزاء عن السيدة الزهراء عليها السلام ، وتذكر قضية كسر الضلع الشريف في تلك المجالس ، ولا يعترضان ، ولا يمنعان من ذلك بحجة الحفاظ على الوحدة الإسلامية ، فهل أنتم أحرص على الوحدة الإسلامية منهما ؟ ! . .
بل إن السيد محمد حسين فضل الله نفسه ، كان ولا يزال يدَّعي أن قراء العزاء يقرأون في مجلسه قضية كسر الضلع ، ولا يعترض عليهم ، مع ادعائه المتواصل : أنه من دعاة الوحدة الإسلامية . .
16 - إذا كانت قضية السيدة الزهراء عليها السلام تدعو إلى المعاداة بين المسلمين ، فإن قضية الإمامة أعظم أثراً في ذلك . . فهل يرضى أهل السنة بأن يقال : إن إمامة أبي بكر وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان باطلة ؟ ! لأنهم اغتصبوا مقاماً ليس لهم ، ولأنهم قد بايعوا الإمام علياً عليه السلام يوم الغدير ، ثم نكثوا بيعتهم ؟ !
وهل يرضون بأن يقال : إن أبا بكر وعمر لا يصلحان للخلافة ، لأن النبي صلى الله عليه وآله قد لعن من تخلف عن جيش أسامة ، وهما ممن تخلف ؟ !
وهل يرضون بالقول بأن عمر ليس أهلاً للخلافة ، لأنه قال للنبي
صلى الله عليه وآله في مرض موته : إن الرجل ليهجر ؟ !
وهل ؟ . . وهل ؟ . .
فهل نتخلى عن قضية الإمامة ، لأنها تدعو إلى المعاداة بين المسلمين ؟ . .
وهل نتخلى عن قضية إحياء مناسبة استشهاد الإمام الحسين ، والإمام الحسن ، وسائر من استشهد من أهل البيت صلوات الله عليهم أجمعين ، بحجة أنه لم يزل هناك من أهل السنة من يرفضها ، ويحاربها ، ويدينها ، نعم ، هل نتخلى عن ذلك كله ، وعن كل ما لا يرضى به هذا أو ذاك ؟ .
إن السيد محمد حسين فضل الله يسوِّق الآن لإفراغ هذه المناسبات من محتواها ، وتحويلها إلى أفلام ومسرحيات ، ومحاضرات فكرية ولطم حضاري ، وما إلى ذلك . .
17 - وأما اتهام العلماء ، والطلاب ، والخطباء ، والمراجع في مدينة قم المقدسة ، بأنهم يكذبون بشكل مباشر وغير مباشر ، فتلك شنشنة أعرفها من أخزم . . وقد ورثتموها عن صاحبكم الذي كان يدَّعي أنه يريد توريث العلم ، والأخلاق ، والفضائل ، والالتزام بحدود الله ، وإذا به يوغل في هذه الأساليب - أساليب السباب ، والاتهام ، والشتائم - ويورثها لمحبيه ، كأفضل وسيلة لإثبات وجودهم ، والدفاع عن شخص يسعى لتغيير عقائد مذهب بأكمله ، وتحويله إلى دين جديد ، باسم الحضارة ، والخروج من التخلف . .
إن هذا - وأيم الله - من أعظم النكبات أن يصرح من يدعي الدين ! ! بأن علماء ومراجع الدين يكذبون ؟ !
وأن يصبح أبرار الأمة وأتقياؤها . . في موضع الطعن والاتهام من أناس يريدون أن يأخذوا دينهم عمن يسعى لتغيير معالم الدين ، فيهاجمون مراجع الدين وعلماءه من موقع التعصب للشخص ، لا للحق . . وينصبون أنفسهم حكاماً وقضاة ، وينتحلون لأنفسهم مواقع ليست لهم ، ويزيلون أصحابها الشرعيين عنها ، لمجرد الانتصار لشخص ، فهم كمن يبيع دينه بدنيا غيره ، إننا بالنسبة لهذا النوع من الناس : نتوقع منهم أن يطعنوا برسول صلى الله عليه وآله ، وبالأئمة الميامين مباشرة ، كما يطعنون بنوابهم عليهم السلام ، الذين أمرنا باتباعهم ، وبالأخذ عنهم ، وعدم الرد عليهم .
إن هؤلاء يسعون إلى إسقاط هيبة التشيع وقداسته ، بالتعدي على نواب الأئمة ورموز الدين الحقيقيين ، وإسقاط هيبتهم ، والطعن في قداستهم ، والتشكيك في استقامتهم على جادة الحق . .
18 - وأما ما نقله عن آية الله العظمى السيد الخميني قدس سره ، حول مستقبل الحوزة الأسود ، فإنه إنما يقصد بكلامه هذا ، أولئك الذين يسعون إلى التغيير في مفردات العقيدة الصحيحة ، وإلى التلاعب في حقائق الدين ، وقضايا الإيمان ، ويسعون للإمساك بقرار الحوزة عن طريق التحريف والتزييف وبذل الأموال الطائلة والهائلة في سبيل ذلك . . فإنه إذا أفسح المجال لأمثال هؤلاء ، فعلى الدنيا وعلى الإسلام السلام . .
إنه رحمه الله لا يقصد الحوزة التي تخرَّج هو منها ، ولم تزل طيلة مئات السنين تحفظ وتدافع عن هذا الدين ، والتي يصونها مراجع الأمة ، وعلماؤها الحقيقيون ، من أمثال صاحب الجواهر وغيره . .
وهؤلاء العلماء هم الذين ينفون عن هذا الدين تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين . .
وقد كان آية الله العظمى السيد الخميني رحمه الله يحث الناس على الارتباط بالحوزة واحترام علمائها ، ومراجعها ، مد الله في أعمار أولئك المراجع ، وأخذ بأيديهم إلى ما فيه خير وصلاح هذا الدين ، وإن رغمت أنوف المبطلين ، الذين ينتحلون هذا الدين ، ويتاجرون به ، وهم منه براء . .
19 - وبعد . . فكيف يسمح لنفسه ذلك الذي يلوم الناس ، إذا خاطبوا من يسعى لتبديل عقائدهم ، وحقائق دينهم ، بقسوة أو برودة - كيف يسمح لنفسه - أن يتهم المدافعين عن دين الله ، والساعين لإحقاق الحق ، وإبطال الباطل ، بأنهم يكذبون بصورة مباشرة وغير مباشرة ؟ !
ويا حبذا لو أنه بين لنا مواقع الكذب فيما نقلوه من كتب سيده ، التي تزخر بالمخالفات والتعديات على حرمات الدين والمذهب ؟ !
وهل يمكنه إنكار كل هذا الكم الهائل الذي أبرزه العلماء من كلمات السيد محمد حسين فضل الله ، التي تخالف الدين والمذهب . . والتي سجلها في مؤلفاته ، ويتداولها الناس في جميع الفئات والطبقات . .
والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطاهرين . .