بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين . .
تحية وبعد . . أرجو أن تكونوا بخير وعافية أيها السيد الجليل . .
لقد أرسلت بعض الأسئلة إليكم ، ولكن الأجوبة لم تكن مفصلة كفاية ، لذلك فإنني أعيد طرحها مرة ثانية ، لكي أحصل على الإجابة المفصلة ، لحاجتنا إليها هنا في أوروبا . .
أولاً : مَن مِن الدول الإسلامية تنفذ حكم قطع اليد ؟
وهل الدولة المباركة الإسلامية في إيران تنفذ هذه الأحكام ؟
وما الفرق في تنفيذ الحكم بين الشيعة والسنة ؟
وما هي الشروط المطلوبة لتنفيذ حكم كهذا ؟ .
ثانياً : تعريف الأمة . . ومن يعمل بها الآن ؟ وكيف حكمها ؟
وهل هناك دولة إسلامية تقوم بذلك ؟ وما حكم الإسلام فيها ؟
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . .
فقد طلبتم المزيد من التفصيل في الأجوبة على أسئلتكم ، ولم تتضح لي الجهات التي تريدون التفصيل فيها ، فإن لبعض الأسئلة جهات عديدة يمكن البحث فيها . . فهل تريدون مجرد التفصيل في مجال الأحكام ؟ ! أم تريدون البحث في الجهة الفقهية الاستدلالية ، أو الآثار الاجتماعية ، أو التربوية ، أو النفسية ، أو في الناحية الحقوقية ، أو غير ذلك ؟ ! . .
علماً بأن بعض ما سألتم عنه ، لا يرتبط باختصاصنا ، وذلك مثل سؤالكم عن الدول التي تقطع يد السارق . .
غير أننا نقول : إن المفروض في كل دولة تدعي أنها تطبق أحكام الإسلام هو أن تقوم بقطع يد السارق ، ورجم الزاني المحصن ، وقتل القاتل ، وغير ذلك من أحكام . .
ولأجل ذلك فإن رجاءنا منكم تحديد طبيعة السؤال ، لنتمكن من تقديم الإجابة الصحيحة والمفيدة ، علماً أننا لا ندعي أننا نستطيع الإجابة على كل سؤال . . بل نحن نجيب بما نعرف ، وأما ما لا نعرفه ، فليس لنا أن نتوثب عليه ، فرحم الله امرءاً عرف حده ، فوقف عنده . .
ونحن نقدم نموذجاً من الأجوبة المحتملة على أسئلتكم ، فمثلاً
بالنسبة للسؤال عن موضوع السرقة نقول :
إن ما نعرفه هو أن المملكة العربية السعودية تقوم بهذا الأمر ، كما أن المفروض هو أن تطبق الجمهورية الإسلامية هذه الأحكام . . ولا ندري إن كانت السودان وموريتانيا تقومان بذلك أيضاً . .
ومن جهة ثانية : فإن من التفاصيل التي قد تكون محط نظركم في السؤال هو : أن الشيعة يقطعون اليد من أصول الأصابع لليد اليمنى ، أما غيرهم ، فيقطعونها من الرسغ . . لكن الخوارج يقطعونها من المرفق ، وقيل من الكتف . .
وأدنى ما يقطع به يد السارق ، هو ربع دينار ، لكن أهل السنة يقطعون اليد ، ولو كان المسروق أقل من ذلك ، كبيضة مثلاً . .
كما أن شرائط وجوب الحد عندنا هي : البلوغ ، والعقل ، والاختيار ، وعدم الاضطرار ، وهتك الحرز ، وإخراج المتاع من الحرز . . وأن لا يكون السارق والد المسروق منه ، وأن يكون هتك الحرز والسرقة سراً ، وعدم الشبهة ، وأن لا يكون أميناً ، ولا مراهناً ، وقد سرق العين المرهونة ، ولا مؤجراً ، وقد سرق العين التي أجرها . . واشترط بعضهم أن لا يكون هناك مجاعة . .
وتثبت السرقة بالإقرار مرتين ، وبشهادة عدلين . .
هذا وقد أرسل أبو العلاء المعري ، إلى السيد المرتضى رحمه الله معترضاً على حكم قطع اليد في سرقة ربع دينار ، بالبيتين التاليين :
< شعر > يد بخمس مئين عسجد وديت * ما بالها قطعت في ربع دينار < / شعر >
< شعر > تناقض ما لنا إلا السكوت له * ونستجير بمولانا من العار < / شعر > فأجابه الشريف بقوله :
< شعر > يد بخمس مئين عسجد وديت * لكنها قطعت في ربع دينار عز الأمانة أغلاها وأرخصها * ذل الخيانة فافهم حكمة الباري < / شعر > وأخيراً ، أعود فأقول لجنابكم الكريم : هذا نموذج من الإجابات المحتملة على أسئلتكم فهل تريدون هذا النوع من الجواب أم تريدون إجابات فيها استدلالات فقهية ، أم تريدون التعرض لفلسفة هذا التشريع ، وبيان أنه ليس همجياً ، ولا قاسياً ، ولا وحشياً . . أم ماذا ؟ !
نكتفي بهذا القدر من الجواب ، فإن المجال لا يسمح بالإجابة الجامعة لكل ما أشرتم إليه في رسالتكم . .
وفي الختام أقول : وفقكم الله لكل خير ، وسددكم للصواب ، وهداكم للحق . .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . .