وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ابنتي الكريمة،
أولاً: اعلمي أنّ استقلالكِ مع زوجكِ وأولادكِ في بيتٍ منفصل أمرٌ جائز شرعاً، بل هو من حقّكِ الطبيعي لحماية الاستقرار الأسري وصيانة الدين والكرامة، ولا يلزمكِ شرعاً السكن مع الحَمو أو مشاركته في حياته الخاصة. الواجب على زوجكِ تجاه والده هو البرّ والإحسان في حدود الاستطاعة، من غير إعانةٍ على المعصية أو تشجيعٍ لها، قال تعالى:
{ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ } (المائدة: 2).
ثانياً: ما يقوم به عمّكم ـ من مجالسة النساء الأجنبيات والخروج معهن وصرف المال في غير موضعه ـ سلوك محرَّم، ولا يجوز لكم دعمه مالياً أو معنوياً إذا كان يُصرَف في الحرام. بل الواجب أن يستمر زوجكِ بنصحه بالحسنى، وزيارته والاطمئنان عليه، وخدمته في حاجاته الضرورية من طعام أو دواء أو كسوة، من غير تمكينه من المال الذي قد يضيّعه في المعاصي.
ثالثاً: إن رفض عمّكم إصلاح حاله وأصرَّ على ما هو فيه، فليس عليكم إثم في أن تنتقلوا إلى بيتٍ مستقلٍّ أكثر صلاحاً لكم ولأولادكم، مع بقاء الصلة والرحمة والزيارة بالمعروف، امتثالاً لقول الله تعالى:
{ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا } (لقمان: 15).
ورابعاً: تذكّري أنّ واجبكِ الأول هو حفظ نفسكِ وأهلكِ من الانحراف والفتنة، قال تعالى:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا } (التحريم: 6).
وقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام قوله:
«بِرُّوا آباءَكمْ يَبَرُّكُمْ أبناؤُكم، وعِفُّوا عن نساءِ الناس تَعِفَّ نساؤُكم»
(وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج 15، ص 223).
وهذا الحديث الشريف يوضّح أنّ البرّ بالوالد مطلوب، لكن من غير معصية ولا تفريطٍ بحقوق الأسرة.
الخلاصة:
انتقالكم إلى بيتٍ جديد ليس حراماً، بل هو الأفضل لحفظ دينكم واستقراركم، مع المحافظة على الحد الأدنى من البرّ والصلة بالعمّ بما لا يُعرّضكم للضرر أو المعصية.
نسأل الله تعالى أن يصلح حال عمّكم، ويثبّتكم على طاعته، ويرزقكم السكينة والبركة في حياتكم.