logo-img
السیاسات و الشروط
احمد جواد ( 18 سنة ) - العراق
منذ 5 سنوات

كروية الارض

هناك من يدعي ويقول إن الأرض مسطحة ودليله قوله تعالى ((وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ )) وهذا خلاف ما يثبته العلم الحديث، فهل الأرض كروية أو مسطحة ؟


الأدلة على كرويتها كثيرة، والآيات الدالة على انبساطها لا تعارض الكروية؛ لأنّ الانبساط والتسطيح والمدّ كلها بمعنى أنّها صالحة لأن تكون ممهدة لمعيشة الكائنات على لاعتدالها سطحها ومدّ أديمها من خلال اتساعها. والأدلة على الكروية كما يلي: الأوّل: قوله تعالى: (( وَأَورَثنَا القَومَ الَّذِينَ كَانُوا يُستَضعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرضِ وَمَغَارِبَهَا )) (الاعراف:137). وقوله عزت كلمته: (( رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَمَا بَينَهُمَا وَرَبُّ المَشَارِقِ )) (الصافات:5). وقوله: (( فَلَا أُقسِمُ بِرَبِّ المَشَارِقِ وَالمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ )) (المعارج:40). ففي هذه الآيات الكريمة دلالة على تعدد مطالع الشمس ومغاربها, وفيها إشارة إلى كروية الأرض، فإن طلوع الشمس على أي جزء من أجزاء الكرة الأرضية يلازم غروبها عن جزء آخر، فيكون تعدد المشارق والمغارب واضحاً لا تكلف فيه ولا تعسف. فلو كانت مسطحة لكان شروقها واحداً على الجميع وغروبها واحداً عليهم كذلك، بينما الآيات تشير إلى عدة من المشارق والمغارب التي تتجدد شيئاً فشيئاً باعتبار كروية الأرض وحركتها. والمعروف وجداناً الآن أنّ الساكنين في بعض بلدان أمريكا عندهم ما يقابل الساكن في العراق من ليل أو نهار. الثاني: ما روي عن عبيد الله بن زرارة، عن أبي عبد الله (ع) قال: سمعته يقول: صحبني رجل كان يمسي بالمغرب ويغلس بالفجر وكنت أنا أصلي المغرب إذا غربت الشمس وأصلي الفجر إذا استبان الفجر: فقال لي الرجل: ما يمنعك أن تصنع مثل ما أصنع؟ فإن الشمس تطلع على قوم قبلنا وتغرب عنا وهي طالعة على قوم آخرين بعد، قال: فقلت: إنما علينا أن نصلي إذا وجبت الشمس عنا، وإذا طلع الفجر عندنا ليس علينا إلا ذلك، وعلى أولئك أن يصلوا إذا غربت الشمس عنهم.(١) يستدل الرجل على مراده باختلاف المشرق والمغرب الناشئ عن استدارة الأرض, ويقره الامام (عليه السلام) على ذلك ولكن ينبهه على وظيفته الدينية، ومثله قول الإمام (عليه السلام) في خبر آخر : " إنما عليك مشرقك ومغربك " الثالث: ما ورد عن الإمام زين العابدين (عليه السلام) في دعائه عند الصباح والمساء: " وجعل لكل واحد منهما حدا محدودا، وأمدا ممدودا، يولج كل واحد منهما في صاحبه، ويولج صاحبه فيه بتقدير منه للعباد " أراد صلوات الله عليه بهذا البيان البديع التعريف بما لم تدركه العقول في تلك العصور وهو كروية الأرض، وحيث أن هذا المعنى كان بعيدا عن أفهام الناس لانصراف العقول عن إدراك ذلك تلطف - وهو الامام العالم بأساليب البيان - بالإشارة إلى ذلك على وجه بليغ, فإنه (عليه السلام) لو كان بصدد بيان ما يشاهده عامة الناس من أن الليل ينقص تارة فتضاف من ساعاته إلى النهار، وينقص النهار تارة أخرى فتضاف من ساعاته إلى الليل، لاقتصر على الجملة الأولى: " يولج كل واحد منهما في صاحبه " ولما احتاج إلى ذكر الجملة الثانية : " ويولج صاحبه فيه ". إذن فذكر الجملة الثانية إنما هو للدلالة على أن إيلاج كل من الليل والنهار في صاحبه يكون في حال إيلاج صاحبه فيه، لان ظاهر الكلام أن الجملة الثانية حالية، ففي هذا دلالة على كروية الأرض، وان إيلاج الليل في النهار - مثلا - عندنا يلازم إيلاج النهار في الليل عند قوم آخرين. ولو لم تكن مهمة الامام (عليه السلام) الإشارة إلى هذه النكتة العظيمة لم تكن لهذه الجملة الأخيرة فائدة، ولكانت تكرارا معنويا للجملة الأولى وهناك أدلة أخرى تدعم ما أثبته العلم في وقتنا الحالي على أنها كروية وتسطيحها إنّما لتسهيل العيش عليها واتساع دائرتها لا أنها ذات وجه واحد. ——————— (١) وسائل الشيعة (الإسلامية) - الحر العاملي - ج ٣ - الصفحة ١٣١

8