بسم الله الرحمن الرحيم إلى فخر بني هاشم سماحة العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي حفظه الله . .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
سيدي لدي سؤالان لسماحتكم أرجو التفضل بالإجابة عليهما :
الأول : هناك شبهة يطرحها بعض أتباع السيد محمد حسين فضل الله حول كلام لآية الله العظمى الشيخ الوحيد الخراساني دام ظله وهو :
« جاء في صفحة 41 من كتاب مقتطفات ولائية ، ترجمة عباس بن نخي ، المحاضرة الثالثة تحت عنوان ( صبر الحجة ) ألقاها الشيخ حسين وحيد الخراساني في المسجد الأعظم بقم بتاريخ 13 شعبان 1411 هجري الموافق 27 / 2 / 1991 ميلادي :
أن إمام العصر صار عبداً ، وعندما صار عبداً صار رباً ، ف « العبودية جوهرة كنهها الربوبية » فمن ملك هذه الجوهرة تحققت ربوبيته - بالله تعالى لا بالاستقلال - بالنسبة إلى الأشياء الأخرى .
أليس في هذا الكلام غلو مفرط إلى حد الشرك ؟ » انتهى . .
فما هو ردك على كلامهم وما معنى كلام الشيخ الوحيد والأدلة التي يستند عليها ؟
الثاني : أني استدليت بصحة كلام الشيخ عن طريق رواية تفسير القمي ج 2 ص 253 :
حدثنا محمد بن أبي عبد الله عليه السلام قال : حدثنا جعفر بن محمد قال : حدثني القاسم بن الربيع قال : حدثني صباح المدائني قال : حدثنا المفضل بن عمر أنه سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول في قوله : * ( وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا ) * [1] . .
قال : رب الأرض يعني إمام الأرض .
فقلت : فإذا خرج يكون ماذا ؟
قال : إذاً يستغني الناس عن ضوء الشمس ونور القمر ويجتزون بنور الإمام .
وحاولت معرفة صحة السند :
- المفضل بن عمر : قال السيد الخوئي قدس سره : والنتيجة أن المفضل بن عمر جليل ، ثقة ، والله العالم [2] .
- صباح المدائني : من أصحاب الصادق عليه السلام ، رجال الشيخ [3] .
- القاسم بن الربيع : أقول : الظاهر وثاقة الرجل بشهادة علي بن
إبراهيم بها ، ولا يعارضها ما نسب إلى ابن الغضائري من تضعيفه ، لعدم ثبوت نسبة الكتاب إليه ، ويؤكد وثاقته ما ذكره النجاشي في ترجمة مياح المدائني ، ج 15 ص 21 .
ولم أتمكن من معرفة حال جعفر بن محمد ، ومحمد بن أبي عبد الله .
فهل هذه الرواية صحيحة السند ؟ أم موثقة ؟ أم ماذا ؟ !
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . .
أما بالنسبة للسؤال عن مراد الشيخ الوحيد حفظه الله بقوله عن إمام العصر « عليه السلام » : « عندما صار عبداً صار رباً » . .
نقول :
إننا لا بد أن نأخذ بنظر الاعتبار ما يلي :
1 - إن الكلام المنقول عنه مترجم عن اللغة الفارسية ، فلا بد من التأكد من صحة الترجمة ودقتها ، ليمكن نسبة الكلام إلى قائله .
2 - إنه وإن كان يمكن تفسير كلامه حفظه الله بمضمون الحديث الشريف :
عبدي أطعني تكن مثلي ، تقول للشيء كن فيكون . . من حيث إن طاعة الله تعالى ، تعطي القدرة للطائع على التصرف في الموجودات ، كرامة من الله تعالى له . .
ولكن من الممكن أيضاً أن يكون مراده أيده الله : أن من يكون عبداً خالص العبودية لله ، فإن الله تعالى يعطيه الولاية على مخلوقاته ، وحق التصرف فيهم بما يصلحهم ، وتدبير شؤونهم بما يملكه من عقل وحكمة ، ورحمة ، وحرص على إيصال تلك المخلوقات إلى كمالاتها المؤهلة للوصول إليها .
فيكون دور الإمام ، دور الأب المربي ، وهذا المعنى هو المروي عن النبي صلى الله عليه وآله : « أنا وعلي أبوا هذه الأمة » [1] .
والحديث الذي ذكرتموه عن الإمام الصادق عليه السلام ، في تفسير آية : * ( وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا ) * . . « رب الأرض » يعني إمام الأرض الخ . . [2] شاهد آخر على ذلك . .
3 - إن أي غلو وارتفاع مرفوض في الأئمة صلوات الله وسلامه عليهم ، ونحن لا نشك في أن الشيخ الوحيد منزه عن مثل هذا الأمر ، نسأل الله تعالى أن يحفظه ذخراً للأمة ، إنه ولي قدير . .
وأما بالنسبة لجعفر بن محمد :
فالظاهر أن المقصود به هو جعفر بن محمد بن مالك . .
وأما محمد بن عبد الله :
فقد اختلفوا في المقصود به ، فراجع : قاموس الرجال ، وتنقيح المقال ، وقد احتُمِل : أن المراد به محمد بن جعفر الأسدي . وقد روى عنه علي بن إبراهيم رواية أخرى في ج 2 ص 59 عن محمد بن أبي عبد الله ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن محبوب .
ويبقى الكلام في صباح المدائني ، فإن كان هو صباح بن موسى الساباطي - باعتبار أن المراد هو ساباط المدائني - فيمكن الاعتماد على روايته ، وإلا فلا . .
ويظهر من الشيخ في رجاله عدم اتحادهما ، فراجع .
والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطاهرين . .