- العراق
منذ 3 سنوات

العبودية جوهرة كنهها الربوبية

بسم الله الرحمن الرحيم إلى فخر بني هاشم سماحة العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي حفظه الله . . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . سيدي لدي سؤالان لسماحتكم أرجو التفضل بالإجابة عليهما : الأول : هناك شبهة يطرحها بعض أتباع السيد محمد حسين فضل الله حول كلام لآية الله العظمى الشيخ الوحيد الخراساني دام ظله وهو : « جاء في صفحة 41 من كتاب مقتطفات ولائية ، ترجمة عباس بن نخي ، المحاضرة الثالثة تحت عنوان ( صبر الحجة ) ألقاها الشيخ حسين وحيد الخراساني في المسجد الأعظم بقم بتاريخ 13 شعبان 1411 هجري الموافق 27 / 2 / 1991 ميلادي : أن إمام العصر صار عبداً ، وعندما صار عبداً صار رباً ، ف‌ « العبودية جوهرة كنهها الربوبية » فمن ملك هذه الجوهرة تحققت ربوبيته - بالله تعالى لا بالاستقلال - بالنسبة إلى الأشياء الأخرى . أليس في هذا الكلام غلو مفرط إلى حد الشرك ؟ » انتهى . . فما هو ردك على كلامهم وما معنى كلام الشيخ الوحيد والأدلة التي يستند عليها ؟ الثاني : أني استدليت بصحة كلام الشيخ عن طريق رواية تفسير القمي ج 2 ص 253 : حدثنا محمد بن أبي عبد الله عليه السلام قال : حدثنا جعفر بن محمد قال : حدثني القاسم بن الربيع قال : حدثني صباح المدائني قال : حدثنا المفضل بن عمر أنه سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول في قوله : * ( وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا ) * [1] . . قال : رب الأرض يعني إمام الأرض . فقلت : فإذا خرج يكون ماذا ؟ قال : إذاً يستغني الناس عن ضوء الشمس ونور القمر ويجتزون بنور الإمام . وحاولت معرفة صحة السند : - المفضل بن عمر : قال السيد الخوئي قدس سره : والنتيجة أن المفضل بن عمر جليل ، ثقة ، والله العالم [2] . - صباح المدائني : من أصحاب الصادق عليه السلام ، رجال الشيخ [3] . - القاسم بن الربيع : أقول : الظاهر وثاقة الرجل بشهادة علي بن إبراهيم بها ، ولا يعارضها ما نسب إلى ابن الغضائري من تضعيفه ، لعدم ثبوت نسبة الكتاب إليه ، ويؤكد وثاقته ما ذكره النجاشي في ترجمة مياح المدائني ، ج 15 ص 21 . ولم أتمكن من معرفة حال جعفر بن محمد ، ومحمد بن أبي عبد الله . فهل هذه الرواية صحيحة السند ؟ أم موثقة ؟ أم ماذا ؟ !


بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . . أما بالنسبة للسؤال عن مراد الشيخ الوحيد حفظه الله بقوله عن إمام العصر « عليه السلام » : « عندما صار عبداً صار رباً » . . نقول : إننا لا بد أن نأخذ بنظر الاعتبار ما يلي : 1 - إن الكلام المنقول عنه مترجم عن اللغة الفارسية ، فلا بد من التأكد من صحة الترجمة ودقتها ، ليمكن نسبة الكلام إلى قائله . 2 - إنه وإن كان يمكن تفسير كلامه حفظه الله بمضمون الحديث الشريف : عبدي أطعني تكن مثلي ، تقول للشيء كن فيكون . . من حيث إن طاعة الله تعالى ، تعطي القدرة للطائع على التصرف في الموجودات ، كرامة من الله تعالى له . . ولكن من الممكن أيضاً أن يكون مراده أيده الله : أن من يكون عبداً خالص العبودية لله ، فإن الله تعالى يعطيه الولاية على مخلوقاته ، وحق التصرف فيهم بما يصلحهم ، وتدبير شؤونهم بما يملكه من عقل وحكمة ، ورحمة ، وحرص على إيصال تلك المخلوقات إلى كمالاتها المؤهلة للوصول إليها . فيكون دور الإمام ، دور الأب المربي ، وهذا المعنى هو المروي عن النبي صلى الله عليه وآله : « أنا وعلي أبوا هذه الأمة » [1] . والحديث الذي ذكرتموه عن الإمام الصادق عليه السلام ، في تفسير آية : * ( وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا ) * . . « رب الأرض » يعني إمام الأرض الخ . . [2] شاهد آخر على ذلك . . 3 - إن أي غلو وارتفاع مرفوض في الأئمة صلوات الله وسلامه عليهم ، ونحن لا نشك في أن الشيخ الوحيد منزه عن مثل هذا الأمر ، نسأل الله تعالى أن يحفظه ذخراً للأمة ، إنه ولي قدير . . وأما بالنسبة لجعفر بن محمد : فالظاهر أن المقصود به هو جعفر بن محمد بن مالك . . وأما محمد بن عبد الله : فقد اختلفوا في المقصود به ، فراجع : قاموس الرجال ، وتنقيح المقال ، وقد احتُمِل : أن المراد به محمد بن جعفر الأسدي . وقد روى عنه علي بن إبراهيم رواية أخرى في ج 2 ص 59 عن محمد بن أبي عبد الله ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن محبوب . ويبقى الكلام في صباح المدائني ، فإن كان هو صباح بن موسى الساباطي - باعتبار أن المراد هو ساباط المدائني - فيمكن الاعتماد على روايته ، وإلا فلا . . ويظهر من الشيخ في رجاله عدم اتحادهما ، فراجع . والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطاهرين . .

1