وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ابنتي الكريمة، ما حدث بين أخيكِ وزوجته وأهلكم هو أمر يحتاج إلى معالجة حكيمة ومتأنية، خاصة مع وجود طفل صغير في الأسرة ، وهنا نتحدث في محورين.
الأول:- الجانب الشرعي ، بالنسبة إلى تصرف زوجة أخيك في الذهب ، فهو إن كان ملكها فهي حرة بالتصرف به بالهبة أو البيع أو اي تصرف آخر فالشارع حفظ لها هذا الحق وليس لأحد حق عليها ولا منعها ، وأمَّا بالنسبة إلى تجاوز أخيك على والديك فهو غير مقبول شرعاً وحرام بل هو من كبائر الذنوب، قال تعالى في محكم كتابه العزيز، ﴿ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا﴾ (١) ، وهناك ايات وروايات كثيرة دلت على وجوب بر الوالدين واحترامهما مهما صدر منهما ، بل حتى لو كانا كافرين.
الثاني :- في المشكلة الاي حصلت ، إنَّ تصرف زوجة أخيكِ ببيع ذهبها دون علمه، ثم إخفاء الحقيقة، أمر غير صحيح من الناحية الأخلاقية ، لأن المال الذي يخص الحياة الزوجية يجب أن يكون فيه الصدق والوضوح بين الطرفين ، لكن في الوقت نفسه، ردة فعل أخيكِ بالغضب الشديد والاعتداء على والدتكِ مرفوضة تماماً في الإسلام ، وكذلك ردة فعل والدتك اتجاه زوجة اخيك أيضاً غير صحيحة .
ومن المهم أن تتذكري أنَّ تصعيد المشاكل والصراخ لن يؤدي إلا إلى مزيد من التوتر والانقسام داخل الأسرة ، فالحل يبدأ بالحوار الهادئ والصادق ، وذلك بأن تحاولي أن تشرحي لأخيكِ بهدوء أهمية أن يكون عادلاً في تعامله مع زوجته وأهله، وأن يتحمل مسؤولية بيته وطفله، وأن يحترم والدته مهما كانت الظروف ، وفي الوقت نفسه، يجب تنبيه زوجته بلطف إلى ضرورة الالتزام بواجباتها كأم وزوجة، والابتعاد عن التصرفات التي تثير الشك أو المشاكل، مع التأكيد على أهمية الصراحة في الأمور المالية.
ويجب على الأم أيضاً أن لا تتسرع في ردة فعلها اتجاه تصرفاة زوجة ابنها ، ولا تخلق مشكلة ، فهي ليس لها الحق شرعاً في محاسبتها ، وإنما الذي له الحق هو الزوج فقط ، نعم عليها ان تنصحها وتوجهها نحو الامور التي تخدمها وتصب في مصلحتها .
أما بالنسبة لمشاعركِ بالذنب، فاعلمي أن النية الطيبة في الإصلاح لا تعني أنكِ السبب في ما حدث، لكن من واجبكِ الآن أن تساهمي في تهدئة النفوس وجمع الكلمة، لا في زيادة التوتر أو تحميل أحد الذنب بالكامل ، ولا تحاولي إخراج زوجة أخيكِ من بيتها دون علمه، فهذا سيزيد الأمور تعقيداً، بل اسعي لجمع الطرفين على كلمة سواء بالحوار أو الاستعانة بشخص حكيم من العائلة.
أسأل الله أن يصلح بينكم ويجمع قلوبكم على الخير والرحمة.
————-
١- [ سورة الإسراء: آية 23]