اللهم صلِ على محمدٍ وآلِ محمد ( 19 سنة ) - العراق
منذ سنتين

الشعور بالتقصير

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كيف أتخلّص من الشعور بالتقصير والشعور بالذنب؟


وعليكم السلام ورحمة الله و بركاته استشعار التقصير عامل إيجابي، قال أمير المؤمنين(عليه السلام): "فَهُمْ لأنفسهم مُتَّهِمُونَ".(ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة:ج١٠،ص١٣٣)، إنّ من دلائل الإخلاص وعلامات المخلصين اتّهامهم أنفسهم بالتقصير في حق الله، وعدم القيام بالعبودية لمالك الملك، قال تعالى ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ﴾.(المؤمنون:آية٦٠)، فالمتقي يحاول دائماً أن يتهم نفسه ليكتشف العناصر السلبية الخفيّة في داخلها، فغياب الشعور بألم الذنوب الصغيرة مثلاً، وسيلة كبرى لاقتراف الذنوب الكبيرة، فعن الإمام الصادق (عليه السلام): "إياكم ومحقرات الذنوب فإنّ لها من الله طالباً، وإنّها لتجتمع على المرء حتى تهلكه".( الريشهري،ميزان الحكمة:ج٢،ص٩٩٢)، ومهما كانت همّة الإنسان، إلّا أنّه عليه أن يُشْعِرُ نفسه دائماً بأنّه مقصّر، ومفرِّط، وليس ذلك من أجل اليأس والإحباط، وإنّما من أجل الرُّقي ببناء النفس، وإعطائها الاهتمام الأكبر. ورد عن الفضل بن يونس عن أبي الحسن (عليه السّلام) قال: "أكثر من أن تقول: اللهمّ لا تجعلني من المعارين ولا تخرجني من التقصير. قال: قلت له: أمّا المعارون فقد عرفت إنّ الرّجل يعار الدّين، ثمّ يخرج منه، فما معني لا تخرجني من التقصير؟ فقال: كلّ عمل تريد به وجه اللّه فكن فيه مقصّراً عند نفسك، فإنّ النّاس كلّهم في أعمالهم فيما بينهم وبين اللّه مقصّرون إلّا مَن عصمه اللّه".(الكليني،الكافي:ج٢،ص٥٧٩). وعن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) قال: قال اللّه (عزّ وجلّ): "لا يتّكل العاملون لي على أعمالهم الّتي يعملونها لثوابي، فإنّهم لو اجتهدوا وأتّعبوا أنفسهم - أعمارهم - في عباداتي، كانوا مقصّرين غير بالغين في عبادتهم كنه عبادتي فيما يطلبون عندي من كرامتي، والنعيم في جنّاتي، ورفيع الدّرجات العُلى في جواري، ولكن برحمتي فليتّقوا، وفضلي فليرجوا، وإلى حسن الظنّ بي فليطمئنّوا". (الحر العاملي،وسائل الشيعة:ج١،ص٧٢). ومن الوسائل العملية التي تساعد الإنسان على الشعور بالتقصير ما يلي: 1- صحبة أصحاب الهمم؛ لأنّ ذلك يُفضي مباشرةً إلى الاقتداء، واكتشاف الضعف الذي لديك، وهذا مؤشر قوي في اكتشاف نفسك من ناحية التقصير . 2- قراءة سيرة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، فسيرته تعطّر الهمم، وتستنفر العزائم، وتنير الدروب، فلو قرأ الإنسان في كل يوم صفحتين من سيرته الخالدة لكان ذلك أدعى إلى علاج النفس بصورة مباشرة وغير مباشرة، وكذلك سيرة أهل البيت (عليهم السلام)، ولقد قام رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) "عشر سنين على أطراف أصابعه حتى تورّمت قدماه واصفرّ وجهه، يقوم اللّيل أجمع حتى عُوتب فى ذلك فقال اللّه تعالى: ﴿طه مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى﴾ بل لتسعد به".(المجلسي،بحار الأنوار:ج١٠،ص٤٠). فالمتقون (لا يرضون من أعمالهم بالقليل)؛ لأنّهم خلقوا للنضال والعمل،لا للبطالة والكسل، وفي الوقت نفسه لا يغالون في قدراتهم،ولا يخدعون أنفسهم بالغرور والمباهاة، بل يخافون من الخطأ والتقصير فلا يقنعون بالقليل؛ لعلمهم بشرف الغايات المقصودة من العبادات وعظم ما يترتّب عليها من الثمرات، وهو العتق من النار والدخول في الجنة والوصول إلى رضوان اللّه الذي هو أعظم اللّذات وأشرف الغايات. كما أنّهم (لا يستكثرون) من أعمالهم (الكثير) ولا يعجبون بكثرة العمل ولا يعدّونه كثيراً وإن أتعبوا فيه أنفسهم وبلغوا غاية جهدهم، لمعرفتهم بأنّ ما أتوا به من العبادات وإن بلغت في كثرتها غاية الغايات زهيدة قليلة في جنب ما يترتّب عليها من الثّمرات. ومن الخصال عن الإمام الصادق (عليه السّلام) قال: "قال إبليس: إذا استمكنت من ابن آدم في ثلاث لم أبال ما عمل فإنّه غير مقبول: إذا استكثر عمله، ونسى ذنبه، ودخله العجب".(الصدوق،الخصال:ص١١٢).

1