- العراق
منذ سنتين

نصيحة لكندا

بسم الله الرحمن الرحيم وله الحمد ، والصلاة والسلام على أشرف الخلق ، محمد وآله الطيبين الطاهرين . . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . لا بد من الاستفادة من فيض وجودكم المبارك لنسأل شخصكم الكريم عن النصيحة القيمة والمباركة التي تتفضلون بها علينا نحن الجيل المعاصر لسماحتكم رجالاً ونساء . فبعد التمسك بالولاية المنجية والقيام بالواجبات المفروضة ، وخصوصاً أن هذه الواجبات الشريفة لا تأخذ من وقتنا الكثير ، فالحج مرة في العمر ، والصوم شهر في السنة ، والصلاة ساعة في اليوم ، والجهاد عند اللزوم ، والنتيجة أن ما يتبقى لنا من الوقت يعد كثيراً وأكثر بحيث لا نعرف كيف نمضيه دون أن نخسر ما نحاول الحفاظ عليه أو دون أن نبتعد عن الجادة على الأقل ، وأنتم أيدكم الله تعالى ترون الإغراءات التي تحيط بنا ، والمفاسد التي تنتشر من حولنا ونكاية العدو وكيده في إضلالنا ، وما يطلق من هنا وهناك ، من مفاسد الأفكار وشذوذ الأقوال ، فالنصيحة النصيحة لتسددوا خطانا ، سدد الله خطاكم وحفظكم ورعاكم وبلَّغكم آمالكم ، إنه أكرم مأمول . . وهناك مسألة أخرى لو تفضلتم علينا بها : من هم الأرحام الذين أمرنا الله بصلتهم من الأنساب ؟ وهل على المرأة المتزوجة صلة رحم بمعنى الوجوب ؟ وما هو أدنى حد لذلك . . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . .


بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . . فإنني أسأل الله عز وجل أن يحفظكم ويرعاكم ، ويسدد في سبيل الله خطاكم ، وأن يسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ، إنه ولي قدير . . أما فيما يرتبط بما طلبتموه مني ، فإنني أعتذر - وأتمنى أن تقبلوا عذري - عن إجابة طلبكم ، إذ كيف يمكن لإنسان مثلي ، غارق في بحر التقصير أن يعين الآخرين على بلوغ درجات الكمال . . فكيف إذا انضم إلى ذلك كوني ظاهر القصور ، بالغ العجز عن إدراك ونيل معارف لم يستعد قلبي لتلقيها ، ولم تتهيأ روحي للانجذاب إليها ، ولم أروِّض نفسي للتفاعل معها ، فضلاً عن الانصهار بها ، أو الذوبان فيها . . غير أنني سوف أحاول تسجيل بعض الخطرات ، والكلمات ، على سبيل التقليد والمحاكاة لمن أهَّلتهم أعمالهم الصالحة لأن يعظوا ، بعد أن كانوا قد اتعظوا ، ممن قد صفا باطنهم ، وزكت أعمالهم ، وظهرت سيماء الصلاح والتقوى على وجوههم ، بل على كل وجودهم ، لتدل على طهر أرواحهم ، وخشوع قلوبهم ، التي أشرقت بنور المعارف الإلهية ، وأصبحت قادرة على أن تجد السبيل إلى قلوب المؤمنين ، على قاعدة « من القلب إلى القلب سبيل » فتهبها مما رزقها الله من عوائد الخير ، ومن ثمار الصلاح والهدى . . فأقول ، وأتوكل على خير مسؤول . . الاستجابة للطلب الأول : ألف - إن أهم ما يواجهه الإنسان في حياته العملية هو إخلاص العمل لله سبحانه وتعالى ، فإن الإخلاص في العمل أشد من العمل ، كما روي عنهم صلوات الله وسلامه عليهم . . ب - إنه لا بد لنا من أن نروِّض نفوسنا على أن نجعل كل حركاتنا ، وسكناتنا ، وأعمالنا ، حتى العادية منها قربات إلى الله سبحانه وتعالى . . ج - إن الإتيان بالواجبات ، واجتناب المحرمات لهو أمر عظيم ، وهام جداً إذ إن هذا هو ما يريده الله سبحانه وتعالى . . ولكن الاهتمام بالمستحبات هو الآخر هام جداً وعظيم ، لأن بهذه المستحبات ينال الإنسان أعلى المقامات ، وأسمى الدرجات ، بعد أن يكون التزامه بالواجبات ، واجتنابه المحرمات قد أثَّر أثره في حفظ الإنسان من الوقوع في المزالق والمهالك . لكن درجات القرب من الله سبحانه هي المطلوبة ، كما أن الإتيان بالمستحبات يعوض النقص الذي قد تتعرض له الواجبات ، حينما لا يؤتى بها على وجهها الذي يحبه الله سبحانه . . د - إن من الواضح : أن الواجبات لا تنحصر بالعبادات الشخصية ، بل هناك واجبات شرعية أيضاً ترتبط بالآخرين ، مثل صلة الأرحام ، وهداية الأنام . . وتعلّم وتعليم الأحكام ، ونشر الهدى في كل مكان ، ومحاصرة الباطل ، وهدم أركانه ، وتقويض بنيانه . . وهناك أيضاً : الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، بالإضافة إلى المسؤوليات والواجبات الإنسانية ، والرعاية الاجتماعية ، والاهتمام بشؤون المسلمين ، والسعي في قضاء حاجاتهم ، وحل مشكلاتهم . . فإن من لا يهتم بشؤون المسلمين ، ليس بمسلم ، وما إلى ذلك . . والحاصل : أن الدفاع عن الدين ، ونشر أعلام الحق ، وتحصين الشباب من الانحراف ومن الانجراف ، هو من أهم الواجبات على أهل الإيمان ، الذين فرض الله عليهم : أن يكونوا دعاة له ، مجاهدين في سبيله في كل المواقع والمواضع . . فلا يوجد فراغ في حياة الإنسان المسلم المؤمن ، بل حياته كلها حركة ونشاط ، وعمل ، ومبادرة ، والواجبات المتروكة قد تحتاج إلى استعدادات أعظم وجهد أكبر ، وتعب وسهر ، خصوصاً في مجال نيل المعارف الصحيحة ، والمتناسبة مع حاجات العصر ، ومواجهة الهجمات بالمفريات والشبهات ، والتي تتوالى من كل جانب ومكان وفي كل وقت وزمان ، ولا بد من تهيئة وسائل التصدي ، وأن نكون في مستوى التحدي : حضارياً ، وفكرياً ، وروحياً ، وعلمياً . . وقد أمرنا الله تعالى أن نعد كل ما نستطيع من قوة مادية ، ومعنوية ، وفكرية ، وإعلامية ، و . . و . . الخ . . لمواجهة الانحراف عن خط الله ، وهداية الناس إلى سبيله . . فنحن في حالة استنفار دائم ومستمر ما دام هناك باطل على وجه الأرض ، وما دام هناك مبطلون ، حيث إن التكليف بمواجهته وإزالته قائم ودائم . . فلا محيص لنا عن إعداد العدة ، وتهيئة مختلف وسائل القوة . . الجواب على السؤال الثاني : وأما فيما يرتبط بتحديد ذوي الأرحام الذين أمر الله بصلتهم . . فنقول في جوابه : إن المراد بهم خصوص النسبي الذي يحرم نكاحه لو كان أنثى بالنسبة للذكر ، أو ذكراً بالنسبة للأنثى . . وهناك من يقول : الرحم كل قريب بنظر العرف ، فيشمل أبناء العم ، والخال ونحو ذلك . الجواب على السؤال الثالث : وأما بالنسبة لوجوب صلة الرحم على المرأة المتزوجة فالجواب هو : أنه لا فرق بين المرأة المتزوجة وبين غيرها إلا أن على المرأة المتزوجة أن تأتمر بأمر زوجها لو منعها من ذلك . . ثم تسعى لإزالة الموجبات التي جعلت زوجها يتخذ قراره ذاك . . وفقنا الله وإياكم لمراضيه وجنبنا وإياكم معاصيه . . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . .