- العراق
منذ سنتين

التكتف في الصلاة

بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . تحية طيبة لسماحة السيد العلامة . . متى بدأ التكتف في الصلاة تاريخياً ؟ وهل كان ذلك مجرد اشتباه ، أم أن هناك مستمسك آخر للموضوع ؟ وكيف انتشر كل هذا الانتشار ؟


بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . . 1 - فإن فقهاء المذاهب الأربعة اختلفوا في أمر التكتف في الصلاة ، وقد بيَّن ابن رشد ( الحفيد ) هذا الاختلاف وأسبابه ، فقال : « اختلف العلماء في وضع اليدين إحداهما على الأخرى في الصلاة ، فكره ذلك مالك في الفرض ، وأجازه في النفل . . وروى قوم : أن هذا الفعل من سنن الصلاة ، وهم الجمهور والسبب في اختلافهم : أنه قد جاءت آثار ثابتة ، نقلت فيها صفة صلاته عليه الصلاة والسلام ، ولم ينقل فيها : أنه كان يضع يده اليمنى على اليسرى . . وثبت أيضاً : أن الناس كانوا يؤمرون بذلك . وورد ذلك أيضاً : من صفة صلاته عليه الصلاة والسلام في حديث أبي حميد . فرأى قوم : أن الآثار التي أثبتت ذلك اقتضت زيادة على الآثار التي لم تنقل فيها هذه الزيادة ، وأن الزيادة يجب أن يصار إليها . ورأى قوم : أن الأوجب المصير إلى الآثار التي ليس فيها هذه الزيادة ، لأنها أكثر ، ولكون هذه ليست مناسبة لأفعال الصلاة ، وإنما هي من باب الاستعانة الخ . . » [1] . 2 - إننا نلاحظ هنا : أن مالكاً ملتزم بالفتوى بما عليه أهل المدينة ، فلو كان التكتف من عملهم لالتزم به مالك فتوى وعملاً . . مع العلم بأن المدينة كانت مهاجر رسول الله صلى الله عليه وآله ، وموضع سكنى الصحابة ، وأبنائهم وأحفادهم ، ولم يمض بعد على وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله سوى ما يزيد على القرن من الزمن بقليل ، فلو كان هناك تكتف لظهر في هذا البلد قبل أي بلد آخر . . 3 - إن كلام ابن رشد الآنف الذكر يعطي أيضاً : أنه قد كان ثمة أناس يأمرون الناس بالتكتف ، ويحملونهم عليه ، وهذا معناه : أن التكتف لم يكن معروفاً في الصلاة ، وإنما هو من الأمور العارضة ، التي اقتضت إصدار الأوامر ، وحث الناس عليه . . كما أن نفس مخالفة مالك بن أنس وأتباعه في هذا الأمر ، يشير إلى أن هذا لم يكن في صلاة المسلمين ، إذ لو كان فيها ، فلماذا تركه هذا الفريق من الناس . . ولا يزال ملتزماً بتركه في صلاة الفرض إلى زماننا هذا ، بل هو من مميزات مذهبهم . . 4 - قيل : إن هذا الأمر قد استُحْدِثَ في الصلاة من زمن الخليفة الأول . وقيل : - ولعله الأظهر - أنه استحدث في زمن الخليفة الثاني ، فقد جاء في الأثر : أنه لما جيء بأسارى الفرس إلى عمر بن الخطاب كفَّروا أمامه ، فلما شاهدهم على تلك الهيئة استفسر عن العلة ، فأجيب بأنهم هكذا يصنعون أمام ملوكهم ، تعظيماً وإجلالاً ، فاستحسنه ، وأمر بصنعه في الصلاة ، لأنه تعالى أولى بالتعظيم . . [1] . مع ملاحظة : أن فقهاءنا إنما يذكرون هذه الرواية في مصنفاتهم . . لا للاستدلال ، وإنما لأجل الاستئناس بها . . والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطاهرين . .