عليكم السلام
المهم هو ان المكلف اذا التفت
اولا الى ان الشارع المقدس هو الخالق والقادر على الاطلاق والعالم بمصالح الامور و«لايخفى عليه شيئ في الارض ولا في السماء»
وثانيا الى انه تبارك وتعالى لايريد بعباده الاالخير و«انه كان بعباده خبيرا بصيرا» فسيعلم بوجود ضرر ومفسدة في كل ما نهى الشارع عنه ومصلحة في كل ما امر به فيترك المنهي عنه وياتي بالمامور به تعبدا باوامره ونواهيه سبحانه وتعالى ومطمئنا بأن في ذلك صلاح ديناه واخرته سواء شخصتلك المصلحة او لم بشخصها
نعم قد ذكر في بعض الروايات ما يتصور كونه علة لبعض الاحكام الشرعية وقد جمعها الشيخ الصدوق قدس سره في كتاب اسماه علل الشارع وهي في الغالب ليست علة تامة بل حكمة للحكم الشرعي
وقد يدعى اكتشاف علة بعض الاحكام ومصالحها بما توصل اليه العلم الحديث ولكن ذلك _على فرض ثبوته وصحته_ قد لا يكون الا جهة واحدة من مصالح ذلك الحكم فلا يمكن ان نحكم بكونه علة للحكم وان ثبوت الحكم وعدمه يدور مداره
والحجاب فريضة شرعية ذكرت في القرآن الكريم (سورة النور : آية :٣١ و سورة الاحزاب: آية:٥٩) و هو من بديهيات التاريخ الاسلامي حيث كانت نساء النبي (صلى الله عليه و اله) و سائر النساء المؤمنات يواظبن عليها، كما هو واضح لمن اطلع على سيرة المسلمين منذ العصر الاول، بل هي من الفرائض المشتركة بين الاديان الالهية، حتى انّ المجتمعات المسيحية كانت تراعي ذلك على العموم الى عصر قريب و لا تزال صور (مريم) (عليها السلام) عندهم متضمنة لحجابها. والحكمة من فرضها ضمان العفاف في المجتمع بسلامة الاجواء الاجتماعية عن عناصر الاغراء من المرأة للرجل الاجنبي لان من شأن الاغراء ــ بحسب سنن الحياة ــ ان يكون لأجل جذب الرجل للعلاقة الخاصة فاذا لم تجز تلك العلاقة كان من الطبيعي تحريم مظاهر الاغراء، فهذه الفريضة تقي المجتمع عن منافيات العفاف و أضرار العلائق غير المشروعة و قد علم ان المرأة بطبيعتها هي الأكثر تضرراً من الممارسات اللاأخلاقية و من المشهود في المجتمعات التي لا تتقيد بالحجاب ما يؤدي اليه عدم مراعاته من المفاسد الاخلاقية و بعد فالحجاب موافق لفطرة المرأة فانها جبلت على الحياء عن الظهور أمام الرجال الاجانب بمظهر الاغراء، و تشعر بالحزازة فيه.
فعلى الانسان ان يلتفت الى مبادئ الامور و غاياتها و مضاعفاتها، و من يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً.