logo-img
السیاسات و الشروط
- العراق
منذ 4 سنوات

لم يخلق النبي « صلى الله عليه وآله » وعلي « عليه السلام »

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين . سماحة السيد العلامة جعفر العاملي دام ظله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . كنت غافلاً عما كتبتم ، وجاهلاً عن معرفة سعة وفصاحة لغتكم وخطابكم ، وفقكم الله سيدي ، فالعالم إما وهجة نور يستضيء بها لنفسه ، ويبصِّر من حوله ما غفلوا عنه ، ويعينهم على أمور دنياهم ودينهم . أو قطعة ظلام أعمته عن استبصار الحق وأعمى من حوله ، فلا يرى مخرجاً له حتى يردي من أمكن من عباد الله . . أما أنت سيدي فمنطقك العلم وحجتك العقل والبرهان . . أود أن أطلعك على صفحة - يبدو أن الوهابية وراء ذلك - قد جمعوا فيها ، بين أقوال من لا يمسك لسانه إلا الموت ، وبين أقوال من لا يفهمونه لجهلهم بلغة العرب . . إنهم قد جمعوا أقوال خطباء شيعة ، ومقتطفات من الكتب ، وحتى اللطميات ، وفي الحقيقة إذا كان لديكم معرفة في بعض أولئك الذين لا يتورعون ويطلقون كلامهم دون أن يدركوا مدى خطورة كلامهم . . واحد منهم : في ميلاد أمير المؤمنين عليه السلام ، يقول : إن المسيح عيسى يتشرف أن يكون عبداً لعلي بن أبي طالب . . والثاني : أن الله لولا علي لم يخلق محمداً ولولا فاطمة لم يخلق علياً ومحمداً . وفاطمة هي سبب الخلق ، وحدِّث ولا حرج ، من فلتات لسان هؤلاء ، لا أدري ماذا سيقولون لله يوم القيامة . . نهم يظنون أنهم يحسنون إلى أهل البيت عليهم السلام ، ولكن لا يعلمون أن أمثالهم كمحب غال . . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . .


بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . . بالنسبة إلى أسئلتكم نقول : 1 - إن ما يرد في الأشعار الشعبية واللطميات ، لا يعبر عن الخصوصيات العقائدية للمذهب ، لأن ذلك يصدر عن أناس لم يقل أحد بعصمتهم ، ولا هم من العلماء بالدين ، والعارفين بخصائصه ، والمدققين في مزاياه . . 2 - إنني لا أظن أن الذي قال عن المسيح عليه السلام : إنه يتشرف بأن يكون عبداً لعلي بن أبي طالب عليهما السلام ، كان يقصد بذلك أن المسيح عليه السلام ، يعبد علياً عليه السلام ، لأن هذا من الشرك والكفر ، نعوذ بالله منه . . كما أنه لا يقصد العبودية بمعنى المملوكية له ، على حد ملك السيد لعبده ورقيقه . . وإنما يقصد : أنه يفتخر أن يكون في خدمة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ، كما كان الإمام علي عليه السلام يقول : « أنا عبد من عبيد محمد . . » [1] . أو كما يقول الإنسان للعالم ، أو للرجل الكريم المسن : أنا في خدمتك ، ورهن إشارتك . فإن هذا ، إن كان على الحقيقة فهو راجح وصحيح ، وإن كان على سبيل التواضع فهو أمر محبوب ، ومرغوب أيضاً . . وهو من مفردات عظمة المتواضع ، ومن دلائل كرامة من يتواضع له . . وقد يكون المقصود هو بيان أنه يجب على المسيح أن يطيع أوامر الإمام علي عليه السلام ، كما يجب علينا إطاعته ، وكما يطيع الولد أباه ، والعبد سيده . . بل يجب أن يطيع حفيد الإمام علي عليه السلام ، حيث إنه سوف ينزل في آخر الزمان ، ويكون مع قائم آل محمد ، يطيع أوامره ، ويكون في خدمته . . 3 - وأما بالنسبة للحديث القدسي ، الذي يقول : « لولا علي لما خلقتك ، ولولا فاطمة لما خلقتكما » [1] . . فلا أرى فيه أي إشكال لو فهم في سياقه الطبيعي . . إذ إننا لو نظرنا إلى جسد إنسان ، فسنرى أنه لولا الرأس فإن الجسد لا يقدر على أداء وظيفته رغم وجود القلب والرئتين ، وإذا فقد القلب ، فلا يفيد وجود الرأس شيئاً في تمكين الجسد من تأدية وظائفه ، وكذلك الحال لو فقدت الرئتان . . وهكذا يقال بالنسبة للحديث الوارد ، فإن عمل النبي صلى الله عليه وآله لا يكتمل , ولا يحقق المراد الإلهي الأقصى ، بدون الإمام علي والسيدة فاطمة عليهما السلام ، وعملهما عليهما السلام ، لا يكفي إلا بوجود رسول الله صلى الله عليه وآله . فالحكمة الإلهية تقتضي وجود الثلاثة : النبي محمد ، والإمام علي ، والسيدة فاطمة صلوات الله عليهم أجمعين ، ليمكن تحقيق الغاية ، وإنجاز المراد . . 4 - وأما حديث لولاك لما خلقت الأفلاك . . [1] ، فهو واضح المعنى أيضاً ، فإن جميع قضايا الحياة تقريباً قائمة على هذه المعادلة . . فإن الله الحكيم العليم لا يفعل إلا ما يوافق الحكمة ، ويوافق الغرض ، وهذا معناه أنه لا يخلق الخلق عبثاً ، بل لا بد من غاية وهدف تتناسب مع عظمة الله سبحانه ، ومع عظمة هذا الخلق ، ومع دقة صنعه أيضاً ، فالله الحكيم العليم القادر ، لا يخلق الخلق ليجسد فيه النقص ، والتلاشي ، والفساد ، بل ليتجلى فيه الكمال بأبهى ، وأتم ، تجلياته . . ومن الواضح : أن الكمال الذي يستحق أن يظهر ، ويبرز بواسطة هذا الخلق ، ليس هو إلا كمال رسول الله وأهل بيته الطاهرين . . إذ ليس في الفراعنة ، والأبالسة ، والشياطين ، والمجرمين ، والأشرار ، أي كمال ، وأما بعض مظاهر الكمال في سائر المخلوقات ، فهي لا تستحق خلق هذا الوجود . . إذ إن كل كمال دون كمال رسول الله صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام لا يستحق الاهتمام ، لأنه مشوب بالنقص . . والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطاهرين . .

2