بسم الله الرحمن الرحيم الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين . .
إلى سماحة السيد جعفر مرتضى العاملي - حفظه الله . .
1 - نحن الشيعة نعتقد بأن الإمامة أعلى مرتبة من النبوة , فهل كل الأئمة أعلى من جميع الرسل ما عدا رسولنا الأكرم ؟
2 - كيف تسنى لأئمة أهل البيت الحصول على الإمامة دون النبوة ؟
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . .
بالنسبة للسؤال الأول نقول :
إن مراتب النبوة والأنبياء تختلف وتتفاوت ، فهناك أنبياء لأنفسهم ، أو لأحيائهم ، وهناك مرتبة أولي العزم من الأنبياء ، وأعلى مراتب النبوات مرتبة النبوة الخاتمة ، وأفضل الأنبياء هو النبي الخاتم صلى الله عليه وآله . .
وكذلك الحال بالنسبة للإمامة ، فإن لها مراتب ، وقد كانت للنبي إبراهيم عليه السلام مرتبة منها ، نالها بعد أن مضت عشرات السنين من نيله لمقام النبوة والرسولية ، وكونه من أولي العزم ، وبعد أن بلغ من الكبر عتياً ، وذلك بعد حصوله على الذرية ، قال تعالى : * ( وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) * [1] .
وقد تحدثنا عن هذا الأمر في كتابنا : « مقالات ودراسات » . .
ولكن مقام الإمامة المرتبط بالنبوة الخاتمة يبقى هو الأعظم فضلاً وشرفاً . . وقد وردت أخبار صريحة في أن الأئمة الطاهرين أفضل من الأنبياء ما عدا نبينا الأكرم صلى الله عليه وآله . .
هذا ، وقد قال الشيخ المفيد :
« قطع قوم من أهل الإمامة بفضل الأئمة من آل محمد على سائر من تقدم من الأنبياء ، سوى محمد صلى الله عليه وآله » .
ثم ذكر قولين آخرين ، ثم قال :
« وقد جاءت آثار عن النبي صلى الله عليه وآله في أمير المؤمنين وذريته من الأئمة ، والأخبار عن الأئمة الصادقين من بعد ، وفي القرآن مواضع ، تقوي العزم على ما قاله الفريق الأول في هذا المعنى » [1] .
وأما بالنسبة للإجابة عن السؤال الثاني فإننا نقول :
ليست الإمامة متوقفة على النبوة ليقال : كيف وصلوا إليها وهم ليسوا أنبياء . .
بل الإمامة مقام مستقل ، قد يعطيه الله سبحانه لمن ليس بنبي ، وقد يعطيه للأنبياء أيضاً ، وذلك لاختلاف الحيثيات التي توجب إعطاء هذا المقام ، وذاك المقام . .
فمثلاً إذا كان هناك إنسان له بصر بالطب ، فإنه يعطى امتيازات الأطباء ، وتسبغ عليه الألقاب المناسبة لهذا الاختصاص . . فإذا انضم إلى ذلك معرفته بعلم الفقه أو الكلام ، فإنه يستحق أيضاً الامتيازات والألقاب المناسبة لهذا الاختصاص أيضاً . .
وبما أن لعلم الفقه أو الكلام خصوصية ، تجعله أعظم وأشرف ، فإن لصاحبه نصيب من هذا الشرف أيضاً ، ويصبح موضع احترام وتبجيل وتكريم من أجل ذلك . .
وهكذا الحال بالنسبة للإمامة والنبوة . .
والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطاهرين . .