( 17 سنة ) - العراق
منذ سنتين

مذابح

هل ثبت ان شاه اسماعيل الصفوي رحمه الله قتل مليونا من اهل السنة و أيضا كان عنده اتفاق مع البرتغالين لنبش قبر الرسول صلى الله عليه وآله؟ كما يقول اعداء الإمامية؟


توجد مجموعة مؤشرات تدل على أن مشروع الصفويين رحمهم الله ، كان مشروع إقامة خلافة إسلامية علوية بدل الخلافة العباسية ، فمن المؤكد أن الإتصالات بين الشاه إسماعيل والسلطان قانصوه الغوري وصلت الى اتفاق على التعاون ضد العثمانيين ، وقد سجلت مصادر العثمانيين أنه في الوقت الذي كان السلطان سليم يستعد لغزو إيران ويجمع الجنود والمدافع الغربية ، ويطبق سياسة إبادة الشيعة في الأناضول وديار بكر ، أرسل له الغوري سفيراً خاصاً ينصحه أن لا يفعل ، فغضب سليم وأهان رسول الغوري كما سيأتي ! وتذكر مصادر الخلافة أن السلطان الغوري أصدر أمره الى الإمارت التي تحت حكمه في تركيا وسوريا ، كمرعش وحلب ، أن تمنع عبور قوات السلطان سليم الى إيران ، فغيَّر سليم طريق جيشه ، وأن الغوري ساعد الشاه إسماعيل مساعدة مؤثرة بعد سقوط تبريز فقطع عن جيش سليم إمدادات المؤونة ، فاضطر أن يغادر تبريز بعد أسبوع من دخولها . وهذا يدل على وجود تحالف قوي بين مصر وإيران ، ولا يبعد أن يكون في نية قانصوه أن يعلن في الوقت المناسب خلع الخليفة العباسي ومبايعة الخليفة العلوي إسماعيل الصفوي . ومن الطبيعي أن يكون الفرنسيون اطلعوا على هذه الإتصالات والمعاهدات ، فسارعوا بتدبير الغقلاب لسليم لإفشال خطة الشاه إسماعيل . وقد شاء الله تعالى أن لا يتم مشروع السلطان إسماعيل لحكمة يعلمها سبحانه فسرعان ما قتل حليفه المهم السلطان قانصوه الغوري ، الذي كان سياسياً ماهراً حيث نجح في حكم مصر وتوابعها لمدة ربع قرن ، لكنه بسبب شجاعته أخطأ وأسرع بالمجئ الى الشام وخاض بنفسه المعركة مع السلطان سليم فقتل فيها وانفرط جيشه ، وانفرط نظام حكم المماليك في مصر ! فبادر سليم الى احتلالها وإعلان الخلافة العثمانية وريثةً للخلافة العباسية والسلطنة الشركسية ! على أن فقهاء الشيعة لم يكونوا ليوافقوا الشاه إسماعيل على إعلان نفسه خليفة ، لأنهم لا يؤمنون بنظام الخلافة من أساسه ، ويقبلون بنظام السلاطين إذا عمل بتوجيه الفقهاء . ملاحظات حول الصفويين 1 ـ الأمر الأول الصحيح في الحركة الصفوية : هو خطها العام ( استراتيجيتها ) في تشكيل دولة تحفظ مصلحة الشعب الإيراني وتخلصه من الإستعمار المغولي والتركي أو غيرهما ، فهذا حق طبيعي لكل شعب ، أن يمنع عنه تسلط الآخرين وظلمهم . 2 ـ والأمر الثاني : أن من حق أتباع أي مذهب أن يحموا أنفسهم من القتل والإبادة ، وسياسة القتل والإبادة كانت وما زالت مطروحة ضد الشيعة ، فقد كان يدعو لها علناً وينفذها أعداء الشيعة ، وهو أتباع بني أمية الذين يظهرون التأسف والحسرة لسقوط الخلافة العباسية ، ويحملون مسؤولية ذلك للشيعة ويتهمونهم بأنهم جاؤوا بالمغول وأسقطوا الخلافة ! وكانت الشام مركز التنظير لذلك ، ثم مصر في ظل حكم المماليك ، ثم صار مركزها تركيا في ظل حكم بني عثمان . فطالما استبيحت دماء الشيعة وأموالهم وبلادهم لمجرد أنهم شيعة ! وقد ألف علماؤنا كتباً في سيرة علماء الشيعة الذين قتلهم أتباع بني أمية لمجرد كونهم شيعة ، منها كتاب ( شهداء الفضيلة ) للعلامة الأميني قدس سره .وفي هذا الجو لا يمكن إلا أن نعطي الحق للشيعة الإيرانيين أن يشكلوا دولتهم المستقلة! 3 ـ والأمر الثالث : أن الشعوب الإسلامية تحركت بعد انهيار المغول لتشكيل دولها ، وكان لمصر وتركيا وإيران طموحٌ أن تشمل دولتها العالم الإسلامي ، فلماذا نعطي حق الطموح لمماليك مصر وبني عثمان تركيا ، ولا نعطيه لصفويي إيران ؟! فهل الشراكسة والعثمانيون خير منهم ؟ إذا كان المقياس العدل والظلم فالكل سواء ولا نعرف أياً منهم أظلم من أيّ ! وإن كان النسب فلماذا يكون الشركسي مجهول النسب ، أو بنو عثمان جُق المغول 4 أفضل من الصفويين وهم من ذرية النبي صلى الله عليه وآله ؟ولماذا يكون لمصر وتركيا حق قيادة الأمة دون إيران ؟ وإن كان المقياس المذهب فلماذا نفضل من يجعل ولاية أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية ديناً يمتحن بها المسلمين ويقتلهم عليها ، على الذي يجعل ولاية علي وأهل البيت عليهم السلام ديناً يمتحن المسلمين بها ويقتلهم عليها ؟ 4 ـ التعددية في هذه الأمة ضرورةٌ ونعمةٌ حتى يظهر الإمام المهدي عجل الله فرجه ، وقد حققت ذلك حركة الصفويين ، وما الضرر أن تتشكل الأمة في خلافة عثمانية ، والى جانبها دولة صفوية ؟ بل إن التعددية داخل المذهب الواحد نعمة أيضاً فقد قال الإمام الصادق عليه السلام ( أنا أوقعت الإختلاف بينكم كي لا تعرفوا فتؤخذوا ) 5 . 5 ـ ما زال أتباع الخلافة يتغنون ببغداد المنصور والرشيد والمتوكل ، وكأنه لا خَبَرَ عندهم بأن بغداد قد طلقت الخلافة بالثلاث ولم تتأسف عليها ؟! وذلك من يوم قال خليفتها السكران : آه قتل سهم المغول راقصتي فكثفوا الستائر !! كانت بغداد تشاهد بكاء النواصب في الشام ومصر على الخلافة ، فتضحك عليهم ! وعندما انهار الحكم المغولي فيها بموت آخر سلاطينهم بو سعيد ، لم يرفع حتى شخص واحد في بغداد شعار عودة الخلافة ، حتى العباسيين أنفسهم لم يرفع أحد منهم صوته ، وكان الحرية متوفرة ، وكان لهم نقابة ببغداد ! كان مطلب أهل بغداد نمط حكم الجوينيين في الحرية والإعمار ، ووجدوا أن الإيلخانيين المغول يطبقونه أفضل من غيرهم فاختاروهم لأكثر من مئة سنة ! وعندما الأمر بغداد يدور بين حكم مماليك مصر وحكم بني جُق العثمانيين وحكم الصفويين ، اختارت بغداد حكم الصفويين لأنهم أقرب الى نمط حكم الجوينيين ! وقد رأيت كيف استقبل البغداديون فرقة القزلباش فاضطر حاكمها للهرب خوفاً من أن يسلمه ( حراسه ) الى الشاه إسماعيل الصفوي ! 6 ـ يلاحظ الباحث أن الحكام أصحاب مشاريع الدولة الكبيرة ، إخوة في الظلم ، أشقاء لأب وأم ، ففيهم أسوأ من بعضهم ، وليس فيهم أحسن! وفي هذا المجال لايمكننا أن نغمض عن القتل الذي ارتكبه الشاه إسماعيل ، وأكثره غير شرعي ! وإذا ارتكب أحد قتل النفس المحترمة ظلماً ، هان عليه غيره ! 7 ـ إلى زمن الصفويين كان الفرق بين الحكم الشيعي وحكم الخلافة ثلاثة أمور : الحرية المذهبية ، وتبني سياسة الإعمار ، وسياسة تشجيع العلم والثقافة . وعندما عامل الحكم الصفوي العثمانيين بالمثل ولو جزئياً وسجل التاريخ حالات اضطهاد مذهبي منهم ، فقد النظام ميزة تبني الحرية المذهبية ، لكنه بقي متصفاً بميزتي الإعمار ، وتشجيع العلم والثقافة . 8 ـ كان مطلب الشيعة عبر التاريخ وما زال : نيْل حريتهم في العقيدة والتعبير عنها وممارستها ، فهم يقاومون الإجبار والإكراه ، كما لا يجبرون أحداً على مذهبهم ، وقد وثقنا تطبيق الحكام المغول الشيعة لتوجيهات نصير الدين الطوسي والعلامة الحلي ، في الحرية المذهبية والإعمار وتشجيع الثقافة . لكن الشاه إسماعيل تأثر بمعاصره السلطان سليم وشكل سابقة في التاريخ الشيعي في إجبار بعض الناس على مذهب أهل البيت عليهم السلام ! وكون سياسته جواباً على سياسة العثمانيين ، لا يجعلها مبررة . 9 ـ يعتبر اختراع السيد حيدر والد الشاه إسماعيل للقبَّعة الشيعية لجيشه ومريديه ، ابتكاراً إعلامياً ذكياً ، وتعبئةً معنوية لجنوده بأنهم ينتمون إلى أهل البيت عليهم السلام ويقاتلون من أجل قضيتهم . ولم يسجل التاريخ حالة رفض في الناس للقبعة الشيعية ، وهو يكشف أن التشيع كان واسعاً في إيران ومقبولاً عند عامة الناس ، خاصة في قبائل الأتراك . 10 ـ الحركة الصفوية فعل طبيعي ، فهي بالمنطق الوطني حركة زعيم شعبي لتوحيد بلد تشتت بفعل الحكم المغولي ، فنهض مع أنصاره ليوحده . بينما الحركة العثمانية كما ستعرف حركة من قائد مغولي كان جندياً عند السلاجقة ، وكوَّن جيشاً من المماليك المحترفين والأسرى ( الإنكشارية ) من غير أهل البلد ، وأخذ يحتل مناطق ويحكمها ، ولم تشاركه في حركته أي قبيلة أو جماعة من قبائل البلد ! هذا ، ولا يتسع المجال لدراسة تاريخ الصفويين ، وغرضنا إثبات صحة المسار العام لتأسيس دولتهم وعملها ، وأصالة حركتهم بصفتها نتيجةً طبيعية لموجة التشيع التي شهدتها الأمة بتخطيط نصير الدين والعلامة رضوان الله عليهما ، وفعلاً طبيعياً لتوحيد إيران في دولة بعد أن شتتها المغول . وستعرف المزيد عنهم في الحديث عن الدولة التركية . قال السيد الأمين في أعيان الشيعة : 2 / 114 : ( والصفوي نسبة إلى الشيخ صفي الدين إسحق جدهم المذكور ، وظهرت دولتهم بعد وفاة حسن الطويل ملك تبريز ، وهم من أهل أردبيل وكانت مدة ملكهم 233 سنة من سنة 906 إلى سنة 1139 ، وعدة ملوكهم عشرة أولهم الشاه إسماعيل بن حيدر ، ولم يكن آباؤه من السلاطين ، لكنهم كانوا من مشائخ الصوفية والعرفاء فلقبوا بلقب بسلطان لذلك ، وآخرهم الشاه طهماسب الثاني بن الشاه حسين . وارتقت في عهدهم الدولة واتسعت المملكة ، وكانوا معظمين لأهل العلم والدين فكثرت في عهدهم العلماء ، وألفت الكتب ونسخت المخطوطات النفيسة من كتب الإسلام ، وانتقلت الدولة منهم إلى نادر شاه )

3