بسمه تعالى سماحة آية الله المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي حفظكم الله وأيدكم بتوفيقه . .
قال تعالى : * ( ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا ) * ( 1 ) . .
من الذي كان مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) في الغار ؟ ! . .
وهل قصة الحمامة وخيوط العنكبوت صحيحة ؟ ! . .
فأنزل الله سكينته . . على من أنزل الله السكينة ؟ ! . .
وأيده الله بجنود لم تروها . . من هم الجنود ؟ وما عملوا ضد المشركين والذين يلحقون النبي ( صلى الله عليه وآله ) في قصة الهجرة ؟ ! . .
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . .
فإن الذي كان مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) في الغار ، هو أبو بكر بن أبي قحافة . .
وإن ما جرى في الغار من نسج العنكبوت على بابه ، ونبات الشجرة عليه هناك ، ثم أن تبيض الحمامة الوحشية ، وتحتضن بيضها في مدخل ذلك الغار الذي فيه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، - نعم إن ذلك لا يدع مجالاً للشك في أن الله تعالى حافظ لنبيه ( صلى الله عليه وآله ) ، ناصر له على أعدائه ، فلا معنى لأن يحزن أبو بكر وهو يشاهد ذلك كله . . بل لقد كان عليه أن يزداد يقينه . وتتصلب عزيمته ، ويتضاعف إيمانه . .
فما معنى حزن أبي بكر في مثل هذا الحال ؟ ! . . ولماذا يرتاب في نصر الله لنبيه ، ولطفه به ، ورعايته له ( صلى الله عليه وآله ) وهو يرى تلك الألطاف والمعجزات والكرامات الظاهرة الدلالة على ذلك ؟ ! ! . .
واللافت هنا : أن الله سبحانه لم ينزل السكينة على ذلك الذي يبدو أنه كان في أمس الحاجة إليها ، وهو أبو بكر الذي بلغ في حزنه حداً دفع الشخص المطلوب الحقيقي للمشركين ، إلى أن يبادر إلى نهيه عن ذلك الحزن بل أنزلها على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، الذي كان ثابتاً ، مطمئناً ، مستيقناً بنصر وحفظ الله تعالى ، الذي أيده بجنود لم تروها . .
وذلك إن دل على شئ فإنما يدل على أن حزن ذلك الرجل قد أوجب حجب العنايات الربانية واللطف الإلهي عنه ، لأنه ليس فقط قد فقد استحقاقه لذلك ، بل هو قد ظهر منه ما يوجب حرمانه منه على سبيل العقوبة له ، في موقع يرى نفسه في أشد الحاجة إليه . .
وإنما حرمه الله منه ، لأنه أظهر أنه لم يتفاعل مع معجزات الله الظاهرة التي تخضع لها عقول جميع البشر ، وتطمئن لها نفوسهم ،
وتعنوا لها جباههم . .
وأما كيف كان ذلك التأييد بالجنود لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فذلك يبقى في دائرة الغيب الإلهي ، الذي لا يعرف إلا بالوحي الإلهي ، ثم بالإخبار من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . .
والحمد لله رب العالمين .