- العراق
منذ سنتين

ثقافة الأنبياء ( عليهم السلام )

هناك من يقول : إن الأنبياء في ثقافتهم وإمكاناتهم الفكرية يكونون في مستوى عصرهم . فهل هذا صحيح ؟


بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ والحمد لله ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . . أولاً : إن هذا الكلام باطل ومردود ، لأن إبراهيم ( عليه السلام ) كان أعظم من النبي موسى وعيسى ( عليهما السلام ) ، ومن سائر الأنبياء ما عدا نبينا محمد ( صلى الله عليه وآله ) . . فهل انحطت الامكانات الفكرية ، وثقافات المجتمعات بعد عصر إبراهيم ، ثم عادت إلى الارتفاع في عهد نبينا الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) ؟ . . وثانياً : لو كان هذا الكلام صحيحاً ، فاللازم أن يكون جميع الأنبياء الذين يكونون في عصر واحد ، في مستوى واحد . . مع أننا نعلم أن لوطاً الذي كان في عصر إبراهيم لم يكن في مستوى إبراهيم ، فان إبراهيم كان من أولي العزم ، وكان أعظم من جميع الأنبياء ، ومنهم لوط ، باستثناء نبينا الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) . . وثالثاً : هل إن هذا الكلام يعني : أن النبي محمداً ( صلى الله عليه وآله ) في ثقافته ، وفي مستواه الفكري أدنى من الناس في هذا العصر ؟ ! ! . . وهل قياس المستويات هذه قد تم عبر أجهزة دقيقة الملاحظة ، عرفت مدى النشاط الفكري ، وحجم المعلومات التي يملكها الأنبياء عبر العصور ، ثم طلعت علينا بهذه النتيجة ؟ . . رابعاً : إن الأنبياء إنما يستمدون معارفهم ، وعلومهم وثقافاتهم من الله خالق الكون والحياة ، والمطلع على أسرار كل المخلوقات والمهيمن على مسيرها ، والواقف على مسارها . . فهل يستمد مثقفوا هذا العصر من مصدر أوثق وأوسع ثقافة ، وأعمق فكراً ، وأصح رأياً من مصدر معارف الأنبياء وعلومهم . وأما إذا كان الحديث عن القابليات ، فليس ثمة ما يثبت أن استعداد وقابلية البشر للفهم وللوعي ، ولتلقي المعارف قد اختلف عما كان عليه عبر العصور ، بل قد نجد في الآيات ما يشير إلى عكس ذلك . . قال تعالى : * ( أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الأرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا ) * [1] . فهل أثاروها بالجهل أم بالمعارف ، وبسلطان العلم ، وبدقة الممارسة ؟ خامساً : إن آدم ( عليه السلام ) الذي كان يعرف من اسم الله الأعظم خمسة عشر حرفاً ، لم يكن لديه مجتمع حتى يقال : إن ثقافته كانت في مستوى مجتمعه ، أو كانت أدنى أو أرفع . سادساً : إن ثقافة المعلم ومستواه الفكري لا يقاس بثقافة ومستوى تلامذته ، فان حامل الشهادات العالية يدرّس من هو أقل منه ثقافة . وأضعف فكراً . . سابعاً : ولو كان المقصود هو الزيادة إنما تكون للأنبياء على من هو أوسع الناس ثقافةً وأقواهم فكراً في الأمة بأسرها ، فلا بد أن يزيد نبي تلك الأمة عليه . فإنه يقال : إننا إذا قبلنا بضرورة الزيادة ، فقد تكون كنسبة ثقافة دكتور يعلم تلامذة في الصفوف الابتدائية ، أو كنسبة ثقافة مرجع إلى ثقافة تلامذته الذين انتهوا للتوّ من دراسة مرحلة السطوح . . وقد تكون النسبة أزيد من ذلك ، وليس ثمة ما يحدد نسبة هذه الزيادة ، فإنها رهن بالقابليات وبالفيض الإلهي عليهم [ ( صلوات الله وسلامه عليهم ) ] . ثامناً : هل يمكن اعتبار الإمام صاحب الأمر أوسع ثقافة ، وأرقى فكراً من الإمام علي ( عليه السلام ) ، ومن النبي ( صلى الله عليه وآله ) . . نبؤونا بعلم إن كنتم صادقين . والحمد لله رب العالمين .

1