logo-img
السیاسات و الشروط
- العراق
منذ 4 سنوات

أبو ذر أصدق لهجة

بسمه تعالى قد ورد عن رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] قوله : ما أظلت الخضراء ، ولا أقلت الغبراء ، ذا لهجة أصدق من أبي ذر . . أو نحو ذلك ( 1 ) . وظاهر هذا القول هو العموم بحيث يشمل النبي [ صلى الله عليه وآله ] والزهراء ، وعلياً والحسن والحسين عليهم الصلاة والسلام ، لا سيما وأنه آبٍ عن التخصيص ، بملاحظة إيراد الكلام على طريقة النفي والإثبات ، وفي مقام بيان مقامه العظيم . .


بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . . وبعد . . فإنه يمكن أن يجاب عن هذا السؤال بما يلي : أولاً : إنه إذا كان صدق الخبر هو مطابقته للواقع ، فإن من يكون صادقاً في جميع أخباره لا يمكن تفضيله على صادق آخر في جميع أخباره أيضاً ، أما لو كان أحدهما قد كذب ولو في مورد واحد ، فإن الآخر يكون أصدق منه ، فالأصدقية إنما تكون بلحاظ عدد أفراد الخبر حين تتطابق في الصدق أو لا تتطابق . . فإذا كان الإمام علي والسيدة فاطمة والإمامان الحسن والحسين [ عليهم السلام ] صادقين في كل ما يخبرون به . . فإنه يتساوون في الصدق مع أبي ذر [ رحمه الله ] ، الصادق في جميع أخباره أيضاً . . فيصح القول بأن السماء لم تظل والأرض لم تقل أصدق من أبي ذر . . وإنما أراد الله ورسوله من إعطاء هذا الوسام العظيم لأبي ذر ، بيان أنه صادق في كل إخباراته . . حيث سيكذبه بعض الناس ! ! فتكذيب أبي ذر في أي خبر يأتي به ، يساوق تكذيب رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] . . وما أعظمها من جرأة ، وكفى بها خزياً لأهلها ، نعوذ بالله ، ونستجير به من هذا الخذلان العظيم . . ثانياً : إنه حتى لو فرض شمول هذه الكلمة بحسب ظاهرها لمثل الإمام علي والسيدة الزهراء والحسنين [ عليهم السلام ] بل وللنبي الأكرم [ صلى الله عليه وآله ] . . فإن أدلة العصمة والطهارة لهم صلوات الله وسلامه عليهم ، تخرجهم عنها ، ليس على طريقة التخصيص من المراد الجدي لهذه الكلمة المباركة ، وإن كان ذلك ممكناً ومقبولاً . . بل على سبيل التخصّص ، من حيث إن هذه الأدلة على عصمتهم [ عليهم السلام ] ، وأصدقيتهم كانت قائمة وحاضرة ، فكل كلام يرد بعدها ، فإنه يرد مخصصاً بها من حين إلقائه . . ولا ينعقد له عموم ولا إطلاق بحيث يكون شاملاً لموردها . . بل هو من قبيل ضيق فم الركيّة [ أي البئر ] فإن المراد : أوْجِدْهُ حين حفرك له ضيقاً ، وليس المراد ضَيّقْ الواسع منه . . ويدل على ذلك [1] : أنه قد قيل لأبي عبد الله [ عليه السلام ] : أليس قال رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] في أبي ذر رحمة الله عليه " ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر " قال : بلى . قال : قلت : فأين رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] وأمير المؤمنين [ عليه السلام ] ؟ وأين الحسن والحسين [ عليهما السلام ] ؟ . قال : فقال لي [ عليه السلام ] : كم السنة شهراً ؟ قال : قلت : اثنا عشر شهراً . قال [ عليه السلام ] : كم منها حرم ؟ ! قال : قلت : أربعة أشهر . . قال [ عليه السلام ] : فشهر رمضان منها ؟ ! قال : قلت : لا . . قال [ عليه السلام ] : إن في شهر رمضان ليلة أفضل من ألف شهر ، إنا أهل بيت لا يقاس بنا أحد . . والحمد لله ، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله الطاهرين . .

1