- العراق
منذ سنتين

المختار الثقفي

بسم الله الرحمن الرحيم ما رأيكم في المختار الثقفي . . خصوصاً مع ادعائه لمهدية محمد بن الحنفية ، رحمه الله تعالى ؟ . .


بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . . وبعد . . 1 - فيما يرتبط بادعائه مهدية محمد بن الحنفية ، أقول : إن ما بين أيدينا من نصوص لا يثبت ذلك عنه ، ولا يبرر نسبة ذلك إليه . . فإنه إنما كتب إلى محمد بن الحنفية ، يقول : أنت مهدي بحمد الله . ولم يقل له : أنت المهدي . والظاهر : أن نسبة الكيسانية إليه قد جاءت في وقت متأخر ، وبطريقة الكيد الإعلامي الذي لاحقه أعداؤه من الأمويين والزبيريين بعد قتله . . 2 - أعتقد أن المختار كان محباً لأهل البيت [ عليهم السلام ] ، صادق الولاء لهم ، مبغضاً لأعدائهم ، وحانقاً عليهم . . وقد كان قتله لمرتكبي جرائم كربلاء عن إيمان وصدق ، وحرص ظاهر ، نابع من قناعة بهذا الأمر ، ولم يكن ذلك بهدف الإعلام السياسي ، كما هو ظاهر . . وقد ترحم عليه الإمام السجاد [ عليه السلام ] فيما روي عنه صلوات الله وسلامه عليه . . 3 - إن المختار كان يرى كيف أن ابن الزبير قد ملك الحجاز ، وهو معروف بلؤمه ، وبغضه للإمام علي وآله [ عليهم السلام ] . . كما أن عبد الملك بن مروان المعروف بأبي ذبان . حيث كان يلتقط الذباب ويأكله . . قد ملك الشام ومصر وسواها . . ولا يرى لهؤلاء أي فضل أو امتياز عليه ، لا في الفهم والوعي ، ولا في الميزات والمواصفات ، ولا في السياسة والتدبير . بل يرى لنفسه الفضل عليهم ، فإذا كان أمثال هؤلاء يحكمون الناس ، ويستبدون بأمور الأمة ، فليس هو بأقل منهم ، فلماذا لا يصيب مثل ما أصابوا ، وينال من هذه الدنيا مثلما نالوا . فثار عليهم ، وملك العراق ، وأظهر حسن سياسة وتدبير ، وفهم للواقع الذي يتعامل معه ، لولا أنه وقع في غلط فادح كانت فيه نهايته ، وذلك حين استعان في بعض الوقائع بغير العرب القاطنين في الكوفة ، فتركه العرب . . وتمكن منه أعداؤه بسبب ذلك . 4 - وبعد . . فإن المختار كان من جهة ، في مواجهة الزبيريين ، وقد كان الزبيريون حكام الحجاز ، وكان من جهة أخرى في مواجهة الحكام الأمويين . . وقد استولى على العراق ، وقتل من قدر عليه ممن شارك في قتل الإمام الحسين [ عليه السلام ] في كربلاء ، وهذا ذنب عظيم ، لا يمكن أن يغفره له أي من هذين الفريقين . وقد قدّر له أن يواجه الفشل في حركته . . فلاحقه أعداؤه في كلا الجانبين بحملة إعلامية مسعورة ، أدت إلى تشويه صورته ، ونسبة العظائم إليه . . هذا وقد كان للتيار الزبيري دور هام في تكوين الفكر لدى غير الشيعة ، وذلك على يد عروة بن الزبير ، الذي كان يستفيد من موقع خالته عائشة ، ونفوذها القوي . . ثم من قرابته من أبي بكر بصورة عامة . 5 - إن المختار نفسه قد ساعد - فيما يظهر - على إشاعة بعض الأخبار عنه ، حيث كان يمارس مع أهل العراق - الذين عرف فيهم آنئذٍ السطحية والجهل - أساليب تؤدي إلى اتهامه بذلك ، ومن شواهد سطحيتهم ، ما يذكرونه من أن قاتل الإمام الحسين [ عليه السلام ] يأتي إلى ابن زياد ويقول له : < شعر > إملأ ركابي فضة وذهباً * إني قتلت السيد المحجبا قتلت خير الناس أماً وأباً * وخيرهم إذ ينسبون نسباً < / شعر > فقال له ابن زياد : إن كان الأمر كذلك فلم قتلته . وحرمه من الجائزة . فكان يتوسل إلى التأثير عليهم ، في طاعتهم له ، وفي الاندفاع لحرب أعدائه بأمور يوهمهم أنها ترتبط بالرعاية الإلهية لهم ، واللطف الرباني بهم . . وكان يخرج لهم كرسياً ، زاعماً أن هذا الكرسي فيهم مثل تابوت السكينة الذي كان في بني إسرائيل . . فكانت هذه الحركات منه تؤثر في اندفاع الكثيرين لنصرته بكل حماس وشجاعة . . ويتفانون في طاعته . . ولكن ذلك قد شكل مادة مؤثرة في تشويه صورته ، وفي نسبة العظائم إليه . وسهل على الناس تصديق ذلك فيه وعنه . . والحمد لله رب العالمين .

1