- العراق
منذ سنتين

نوم علي [ عليه السلام ] بين النبي [ ص ] وعائشة

بسم الله الرحمن الرحيم سماحة [ العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي ] . . السلام عليكم ورحمة الله . . أعتذر فإنني أعتبر نفسي متطفلاً على العلم . . لقد ورد في كتاب مختصر مفيد الجزء الثاني ص 78 - 80 تحت عنوان تشنيعات حاقدة السؤال رقم ( 111 ) . . وقد نقل السائل رواية عن كتاب : " لله ثم للتاريخ " نقلاً عن بحار الأنوار وقال فيها : إن النبي " كان يقوم من فراشه ويضع إصبعه بيني وبين عائشة " . لكننا نرى أن لا وجود لهذا الكلام في الرواية بل إن الذي ورد في كتاب البحار وغيره من المصادر هو : " فإذا قام إلى صلاة الليل يحط بيده اللحاف من وسطه بيني وبين عائشة حتى يمس اللحاف الفراش الذي تحتنا " . ثم أوردتم في مقام الجواب أنكم راجعتم كتاب البحار فوجدتم الحديث في موردين أحدهما في ج 38 ص 314 والآخر في ج 40 ص 2 وكلاهما من طريق كتاب سليم بن قيس . . ولكن الرواية وردت في البحار في أكثر من موردين وعن غير طريق سليم فإن أحد طرق الرواية هو ابن شهر آشوب وهو لا يذكر أنه نقل ذلك عن سليم . . والروايات بالإضافة للذي ذكرتموه كالتالي : 1 - مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب ج 2 ص 59 : " وروي أنه سافر [ صلى الله عليه وآله ] ومعه علي [ عليه السلام ] وعائشة فكان النبي ينام بينهما " . [ نفس الرواية في البحار وردت في ج 38 ص 297 . ومستدرك سفينة البحار للشيخ علي النمازي ج 7 ص 381 ] . 2 - بحار الأنوار - العلامة المجلسي ج 101 ص 49 : " برواية ابن أبي عياش عنه قال : سألت المقداد عن علي [ عليه السلام ] ، قال : كنا نسافر مع رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] قبل أن يأمر نساءه بالحجاب وهو يخدم رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] ليس له خادم غيره وكان لرسول الله [ صلى الله عليه وآله ] لحاف ليس له لحاف غيره ومعه عائشة فكان رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] ينام بين علي [ عليه السلام ] وعائشة ليس عليهم لحاف غيره فإذا قام رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] من الليل يصلي حط بيده اللحاف من وسطه بينه وبين عائشة حتى يمس اللحاف الفراش الذي تحتهم ويقوم رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] فيصلي " . أما روايات سليم كما ورد في كتاب سليم هي على النحو التالي : 1 - كتاب سليم بن قيس - تحقيق محمد باقر الأنصاري ص 343 : " دعاء رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] لعلي [ عليه السلام ] أبان عن سليم ، قال : سألت المقداد عن علي [ عليه السلام ] ، قال : كنا نسافر مع رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] - وذلك قبل أن يأمر نساءه بالحجاب - وهو يخدم رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] ليس له خادم غيره ، وكان لرسول الله [ صلى الله عليه وآله ] لحاف ليس له لحاف غيره ، ومعه عائشة . فكان رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] ينام بين علي وعائشة ليس عليهم لحاف غيره ، فإذا قام رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] من الليل يصلي حط بيده اللحاف من وسطه بينه وبين عائشة حتى يمس اللحاف الفراش الذي تحتهم ، ويقوم رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] فيصلي . فأخذت علياً [ عليه السلام ] الحمى ليلة فأسهرته ، فسهر رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] لسهره ، فبات ليله مرة يصلي ومرة يأتي علياً [ عليه السلام ] يسليه وينظر إليه حتى أصبح . فلما صلى بأصحابه الغداة قال : [ اللهم اشف علياً وعافه ، فإنه قد أسهرني مما به من الوجع ] . فعوفي ، فكأنما أنشط من عقال ما به من علة " . 2 - كتاب سليم بن قيس - تحقيق محمد باقر الأنصاري ص 422 وص 423 : " أفضل منقبة له [ عليه السلام ] من رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] قال : فأخبرني بأفضل منقبة لك من رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] . قال [ عليه السلام ] : نصبه إياي بغدير خم ، فقام لي بالولاية من الله عز وجل بأمر الله تبارك وتعالى . وقوله [ أنت مني بمنزلة هارون من موسى ] . وسافرت مع رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] - وذلك قبل أن يأمر نساءه بالحجاب - وأنا أخدم رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] ليس له خادم غيري . وكان لرسول الله [ صلى الله عليه وآله ] لحاف ليس له لحاف غيره . . ومعه عائشة ، وكان رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] ينام بيني وبين عائشة ليس علينا ثلاثة لحاف غيره . وإذا قام رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] يصلي حط بيده اللحاف من وسطه بيني وبين عائشة ليمس اللحاف الفراش الذي تحتنا ويقوم رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] فيصلي . فأخذتني الحمى ليلة فأسهرتني ، فسهر رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] لسهري . فبات ليلته بيني وبين مصلاه يصلي ما قدر له . ثم يأتيني فيسألني وينظر إلي . فلم يزل دأبه ذلك إلى أن أصبح . فلما أصبح صلى بأصحابه الغداة ثم قال : [ اللهم اشف علياً وعافه فإنه قد أسهرني الليلة لما به من الوجع ] ، فكأنما نشطت من عقال ما بي قبله . . إلخ " . [ ونقل هذه الرواية الأخيرة أيضاً الشيخ الطبرسي في كتاب الإحتجاج ج 1 ص 231 - 233 ومحمد محمديان في كتاب حياة أمير المؤمنين [ عليه السلام ] عن لسانه ج 1 ص 55 ] . ثم قلتم إن الحديث في كلا الموردين لا يملك السند الذي يجعله في عداد الأحاديث الصحيحة . . - لماذا اعتبرتم الحديث لا يملك السند بمستوى الأحاديث الصحيحة ؟ - هل لمجرد أنه روي هذا الحديث عن كتاب سليم اعتبرتم ذلك ؟ ؟ - فإذا كان كذلك فإن هذا يتناقض مع ما ذكرتموه في كتاب " مأساة الزهراء [ عليها اسلام ] " حول كتاب سليم . . حتى إنكم وجهتم الموارد التي كان من الممكن أن تكون مدخلاً للطعن في الكتاب ؟ ؟ وقلتم هناك : " ثانياً : كتاب سليم يعد من أوائل ما ألفه قدماء الأصحاب ، وهو يعبر عن أصول وثوابت المذهب بصورة عامة ، وقد تلقاه العلماء بالقبول والرضا ، ولا نجد فيه أي أثر لهذا الخلط المزعوم ، ولم يقدم لنا مدعيه أي مورد يصلح شاهدا على مدعاه ، حيث لم يظهر لنا من هذا الخلط سوى دعواه ذلك " . " مأساة الزهراء ص 141 " . وقلتم أيضاً : " ثالثاً : إننا إذا رجعنا إلى كتاب سليم بن قيس ، فلا نجد فيه إلا ما هو سليم وموافق للمذهب ، وليس فيه ما يحتمل أن يكون غلواً في شأن الأئمة حتى على زعم من يرى ذكر بعض هذه المعجزات غلواً ومع هذا فإنك ترى في الكافي وغيره من كتب الشيعة أضعاف ما ورد في كتاب سليم ولا طريق لنا إلى رده " . " مأساة الزهراء ص 142 " . - إذا كان حال الرواية هو حال جميع الروايات في التصحيح والتضعيف كروايات الكافي وغيره فإن مجرد وجود الرواية في كتاب سليم لا يجعل الرواية ضعيفة سنداً . . وأول الكلام أن الرواية تخالف وتتنافى مع الأصل الاعتقادي في العصمة . . مع وجود توجيه أن ما فعله النبي [ صلى الله عليه وآله ] هو العمل بمقتضى العصمة . . وإن ذلك يدل على عصمة أمير المؤمنين [ عليه السلام ] . . ولماذا لا يصار إلى تعليل ما ورد في الرواية من أنه [ صلى الله عليه وآله ] إذا قام إلى صلاة الليل يحط بيده اللحاف من وسطه بيني وبين عائشة حتى يمس اللحاف الفراش الذي تحتهم . وبذلك ينتفي المحذور . ولماذا لا يقال إن ذلك كان في يوم بارد أو كان في مرض أمير المؤمنين علي [ عليه السلام ] وكان ذلك لضرورة حينئذٍ . . إلا أن يقال إن المرض مرفوع والإمام [ عليه السلام ] لا يمرض لأن النبي [ صلى الله عليه وآله ] كان قد دعا له فمن حين دعائه [ صلى الله عليه وآله ] لم يمرض . . ولكن يمكن أن يجاب أن هذا الحدث كان قبل دعاء النبي [ صلى الله عليه وآله ] له بأن لا يصيبه لا مرض ولا برد ولا حر بدليل أن الرواية تصرح أن هذه الحادثة كانت قبل نزول الأمر بالحجاب ؟ ولماذا لا يتم توجيه الرواية بأن ذلك كان قبل أن يأمر نساءه بالحجاب كما صرحت الروايات الواردة ؟ ؟ ولماذا لا يكون النقض على أهل العامة بأنه قد ورد عندهم بأسانيد صحيحة أن رسول الله أدخل الزبير مع بعض نسائه تحت لحاف واحد وذلك للروايات الآتية ؟ : 1 - المستدرك - الحاكم النيسابوري ج 3 ص 364 : " [ حدثنا ] أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن سنان القزاز ثنا إسحاق بن إدريس ثنا محمد بن حازم ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال أرسلني رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] في غداة باردة فأتيته وهو مع بعض نسائه في لحافه فأدخلني في اللحاف فصرنا ثلاثة " . [ هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ] . 2 - كتاب السنة - عمرو بن أبي عاصم ص 597 : " 1394 - ثنا محمد بن المثنى ، ثنا إسحاق بن إدريس ، ثنا أبو معاوية ، حدثنا هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عبد الله بن الزبير قال : بعثني رسول الله [ صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ] في حاجة في يوم بارد قال : فجئت ومعه بعض نسائه في لحافه . قال : فأدخلني في لحافه " . 3 - تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر ج 81 ص 392 وص 393 : " أخبرنا أبو يعلى حمزة بن علي بن هبة الله أنا أبو القاسم بن أبي العلاء أنا أبو محمد بن أبي نصر أنا عمي أبو علي محمد بن القاسم أنا أبو بكر أحمد بن علي بن سعيد القاضي أنا أبو موسى بن المثنى الزمن أنبأ إسحاق بن إدريس الأسواري أنا أبو معاوية الضرير ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير قال بعثني رسول الله [ صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ] في حاجة في يوم بارد فجئت ومعه بعض نسائه في لحاف فأدخلني في لحافه [ صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ] " . 4 - مجمع الزوائد - الهيثمي ج 9 ص 151 : " وعن الزبير قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة باردة أو في غداة باردة فذهب ثم جئت ورسول الله صلى الله عليه وسلم معه بعض نسائه في لحاف فطرح على طرف ثوبه أو طرف الثوب " . 5 - الكامل - عبد الله بن عدي ج 1 ص 334 : " حدثنا عبد الوهاب بن أبي عصمة وموسى بن هارون الثوري قالا حدثنا محمد بن المثنى حدثنا إسحاق بن إدريس الإسواري حدثنا أبو معاوية الضرير حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير عن الزبير قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة في يوم بارد فجئت ومعه بعض نسائه في لحاف فأدخلني في لحافه " . 6 - سبل الهدى والرشاد - الصالحي الشامي ج 7 ص 357 : " وروى ابن عدي عن عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنه قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم بارد في حاجة ، فجئت ، ومعه نسائه في لحاف ، فأدخلني في لحافه " . وعذراً على التطاول أطلب منكم السماح . .


بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . . فقد تلقيت رسالتك الكريمة ، وسررت لإهتمامك بالشأن العلمي ، أسأل الله تعالى أن يزيدك من فضله تأييداً وتسديداً ورعاية وتوفيقاً ، إنه ولي قدير . . أخي الكريم . . إن رسالتك تتعلق بسؤال ورد عن موضوع كنت في وقت سابق قد آثرت أن أجيب عنه بطريقة تقطع الطريق أمام تداوله ، وإشاعته ، لأنني رأيت أن ذلك قد يسئ إلى مقام النبي [ صلى الله عليه وآله ] ، ويجرنا إلى الحديث عن أمور غير لائقة به ، وبالإمام علي صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين . . غير أنك آثرت الدخول في بعض التفاصيل ، ولك أنت الخيار في ذلك ، سلّمك الله . . أخي الكريم . . لقد قرأت رسالتك ، فوجدت فيها بعض ما يحتاج إلى بيان وتوضيح ، أو إلى استدراك أو تصحيح . . وحيث إن المقام ليس مقام تطويل ، ولا توجد رغبة في تقديم بحث شامل حول هذا الموضوع وأشباهه . . فلا بد من الاكتفاء بما يلي : 1 - قد ذكرت سلمك الله : أن كتاب البحار قد روى الرواية أيضاً عن المناقب لابن شهرآشوب ، وذلك في ج 38 ص 297 ومستدرك سفينة البحار ج 7 ص 381 . وأقول : إن رواية المناقب لم تذكر محل الشاهد الذي ينصبّ الاعتراض من أولئك الحاقدين عليه ، وهو أن النبي [ صلى الله عليه وآله ] ، كان يقوم وتبقى عائشة والإمام علي [ عليه السلام ] ، نائمين في فراش واحد ، وتحت لحاف واحد ، غير أن النبي [ صلى الله عليه وآله ] ، كان يضع إصبعه بينهما . . ! ! كما زعموا ! ! قبحهم الله . . 2 - قد ذكرت أن المجلسي قد أورد في البحار ج 101 ص 49 رواية أخرى عن ابن أبي عياش ، وظاهر كلامك أنها غير روايات سُليم . . ولكننا حين راجعنا كتاب البحار في نفس ذلك الجزء والصفحة ، وجدناه يصرح بأنه يروي ذلك عن سُليم بالذات ، فيقول : " وجدت في كتاب سُليم بن قيس ، برواية ابن أبي عياش عنه ، قال : سألت المقداد عن علي الخ . . " . ثم ساق الكلام كما ذكرت أنت - وقال في آخره : " أقول : تمام الكلام في باب أن علياً [ عليه السلام ] أخص الناس بالرسول [ صلى الله عليه وآله ] . . " . ثم راجعنا كلامه في ذلك الباب ، وهو في البحار ج 38 ص 314 فوجدناه عين الكلام الذي نقلناه عنه ، فهما حديث واحد . . وقد ذكره [ رحمه الله ] في الموردين ، منبهاً على اتحادهما بصراحة ووضوح . . وهذا معناه : أنه ليس في البحار حديث آخر سوى ما ذكرناه ، وأن روايات البحار كلها عن سُليم ، دون سواه . . وأن رواية واحدة لسليم قد نقلها في كتابه مرتين ، لأجل مناسبة اقتضت ذلك . 3 - ثم إنك ذكرت أن الرواية موجودة أيضاً في كتاب سُليم بتحقيق محمد باقر الأنصاري . وحسب الطبعة التي في حوزتنا في ج 2 ص 814 و 903 وأنها منقولة في الاحتجاج ج 1 ص 369 حسب الطبعة التي في حوزتنا أيضاً . . ونقول : إن هذا لا ربط له فيما نحن فيه ، فإننا لم ننكر وجود الرواية في كلا الكتابين ، ولا أشرنا إلى ذلك لا بالسلب ولا بالإيجاب ، ولم نكن في وارد تتبع مصادر الرواية ، بل كنا بصدد الرد على السؤال الذي وردنا . . غير أننا نشير هنا ، إلى أن الاحتجاج أيضاً لم يروها بسند خاص به ، بل نقلها هو الآخر أيضاً عن سُليم بن قيس ، فليست هذه في مقابل تلك ، بل هي عينها . . وكذلك الحال في إثبات الهداة ج 2 ص 185 ، فإنه قد نقلها عن سُليم أيضاً . . ونحن قد أشرنا ضمناً إلى رواية الاحتجاج حين قلنا : إن المجلسي قد ذكرها في البحار ج 40 ص 2 . إذ أن المجلسي إنما نقلها في هذا المورد عن الاحتجاج ، فأغنانا ذلك عن التنصيص عليه . . 4 - وأما قولنا : إن هذا الحديث لا يملك السند الصحيح ، فلعلنا لم نوضح مقصودنا منه بالشكل الكافي ، لأننا - كما قلنا - كنا نتوخى حسم الأمر ، من دون تعرّض للتفاصيل ، ونقول هنا : إن مرادنا أن إحدى الروايتين قد رواها سليم عن المقداد ، ولم يكن المقداد حاضراً ، ولا رأى نوم النبي [ صلى الله عليه وآله ] ، مع الإمام علي [ عليه السلام ] ، وعائشة ، ولم يصرح بالسماع من أي منهم ، فلعله نقل ذلك عن عائشة ، أو عن غيرها . . وأما الرواية الأخرى التي نقلها في البحار ، فهو إنما نقلها عن الاحتجاج ، وقد ظننا : أنها رواية للاحتجاج نفسه ، ومن المعلوم : أن صاحب الاحتجاج لا يذكر الأسانيد . . كما أننا لم نلتفت إلى أنه قد رواها عن سليم ، أو أنه أخذها ، أو لم يأخذها من كتابه . . وقد أخطأنا التوفيق في ظننا هذا ، فجزاك الله خيراً ، لأنك قد نبهتنا إلى أمر كنا قد غفلنا عنه . . غير أننا نضيف هنا : أن صحة نسبة الكتاب إلى مؤلفه شئ . . وصحة الحديث الموجود فيه شئ آخر . . فالكافي هو للكليني جزماً ، ولكن ذلك لا يعني الجزم بصدور جميع مضامينه عن الأئمة [ عليهم السلام ] . . إما لضعف بعض رجال الأسانيد . . وإما لخلل في مضمون الحديث نفسه . . أو لوجود معارض يسقط الحديث المذكور عن الاعتبار . . وقد يتحتم رد الحديث لمنافاته لما هو ثابت ومقطوع به ، كالعصمة ، أو نحو ذلك . . فإذا كان هذا الحديث قد رواه سُليم في كتابه ، وعلمنا بأن الكتاب هو لسُليم جزماً ، فذلك لا يعني صدور ذلك الحديث ، أو سلامته من التحريف أو السقط . . بل لا بد بعد الفحص والتدقيق في وثاقة سُليم ، ووثاقة من يروي عنه سُليم . ووثاقة من روى الكتاب عن سليم - لا بد لنا - بعد ذلك أن نثبت أن الحديث لا ينافي ما ثبت بالأدلة القطعية . . وإلا فلا بد من الحكم عليه بالسقوط كما قلنا . . وعن سليم نفسه ، نقول : إن العلماء لا يرون أنه في دقته في النقل ، وفي الوثاقة بمستوى الكليني ، مثلاً . وحتى لو كانا في مستوى واحد ، فإنه إذا كان الحديث الذي يرويه هذا مخالفاً لأصل من أصول العقيدة كالعصمة مثلاً ، فلا بد من رده ورفضه ، والحكم بوجود واسطة قد وقعت في الاشتباه ، أو أنها كانت ضحية تزوير الآخرين أو غير ذلك . . والنتيجة هي أن الحديث الذي هو موضع البحث يبقى مشكوكاً فيه ، لأكثر من سبب فهو : 1 - لا ينسجم في ظاهره مع ما هو ثابت بالدليل القطعي ، من النهي عن النوم في فراش واحد ، وتحت لحاف واحد . . 2 - وعلى هذا الأساس فإن النبي [ صلى الله عليه وآله ] ، لا يمكن أن يفعل أمراً ممنوعاً عنه شرعاً ، أو غير لائق . . 3 - إن درجة أحاديث سليم في الاعتبار لا تصل إلى درجة روايات الكافي مثلاً ، لأن رواية الكتاب المذكور إنما كانت بواسطة أبان بن أبي عياش الذي هو من العامة [1] . . - كما قيل - ولسنا بصدد تحقيق ذلك . . فإذا عارضت روايته ما يرويه عدول وثقات الخاصة ، في مثل الكافي ، فإن روايته تسقط عن الاعتبار ، أو تحمل على وقوع السقط أو الغلط فيها ، أو نحو ذلك . . وذلك ، وإن كان لا يؤثر في أصل نسبة الكتاب إلى مؤلفه . ولكن يبقى للاحتمالات في ما يرتبط بالدقة في النقل ، وفيما يرتبط بأبان بن أبي عياش نفسه تأثيرها ، في مقام التعارض مع أخبار عدول رواتنا رضوان الله عليهم . . 4 - وبعد ، فقد يمكن توجيه الرواية المذكورة - لو فرض صحتها وغضضنا النظر عن حقيقة أن أحداً لم يروها لنا غير سليم - بما يلي : أولاً : إنه إذا كان النبي [ صلى الله عليه وآله ] ، ينام في الوسط ، بين الإمام علي [ عليه السلام ] ، وعائشة ، فلا بد أن يكون له مكان يكفيه للتقلب على فراشه . . وسيكون الفصل بين الإمام علي [ عليه السلام ] ، وبين عائشة كبيراً ، يجعل من اعتبار عائشة والإمام علي [ عليه السلام ] ، نائمين في فراش واحداً أمراً غير ظاهر . ويدل على ذلك : أن الرواية تصرح بأن النبي [ صلى الله عليه وآله ] ، كان يحط بيده اللحاف من وسطه بينه وبين عائشة ، ليمس اللحاف الفراش الذي تحتهما . . وبذلك يكون النهي عن النوم تحت لحاف واحد ، ناظراً إلى صورة ما لو كانا قريبين من بعضهما ، كما يكون حال المحارم مع بعضهم البعض ، أو كما ينام من لا يكون بينهما حاجز . . ويشبه هذا ما هو شائع في البلدان الباردة في إيران ، حيث إن وسيلتهم للتدفئة هي أنهم يعمدون إلى تغطية الجمر بالرماد ، ويضعونه تحت منضدة مرتفعة عنه وسط الغرفة ، ويضعون فوقها لحافاً كبيراً ، يغطي مساحة الغرفة تقريباً ، ويمتد اللحاف لجميع أرجائها . ثم هم يجلسون حول تلك المنضدة ، ويلتحفون بذلك اللحاف ؛ فلا يصدق على الجالسين أو النائمين في تلك الغرفة أنهم في لحاف واحد . . ليكون ذلك محرماً شرعاً ! . . ثانياً : إن تلك الروايات قد صرحت بأن النبي [ صلى الله عليه وآله ] ، كان يقوم من بينهما للصلاة ، وهو إنما كان يصلي بالقرب منهما ، في نفس ذلك المكان أيضاً ، فلم يكن غائباً عنهما . . فظهر مما تقدم : أنه إذا كان [ صلى الله عليه وآله ] قد حقق الفصل فيما بينهما بوضع اللحاف بيده ، حتى يمس الفراش الذي تحتهما ، فيتحقق بذلك الفصل الشرعي ، فإذا أضيف ذلك إلى وجود البعد الكافي بينهما ، فلا يعود المورد مشمولاً للنهي الوارد عن النوم في فراش واحد ، ولحاف واحد . . 5 - وأما ما ذكرناه في كتابنا " مأساة الزهراء [ عليها السلام ] " عن كتاب سليم ، فهو صحيح ، لأنه قد جاء رداً على من يريد أن يسقط كل كتاب سليم عن الاعتبار ، ولم نكن بصدد إثبات أن كتاب سليم صحيح بكل مضامينه ، ليكون حاله عندنا كحال صحيح البخاري عند أهل السنة ، فإن الفقرة الأولى المنقولة من ص 141 إنما ذكرت أن هذا الكتاب هو من أوائل ما ألّفه قدماء أصحابنا ، وأنه يعبر عن أصول وثوابت المذهب [ بصورة عامة ] وهذا صحيح . . وأن العلماء قد تلقوه بالقبول والرضا ، وهذا صحيح أيضاً . . ولكن ذلك لا يعني صحة سند جميع أحاديث الكتاب . . فهو ككتاب الكافي ، الذي تلقاه العلماء بالقبول والرضا ، ولكنهم لا يصححون جميع أحاديثه . . وهو ليس فيه خلط يوجب سقوط أصل الكتاب عن الاعتبار . . وأما الفقرة الثانية والمنقولة من كتاب " مأساة الزهراء [ عليها السلام ] " ص 142 ، فهي أيضاً تقول : إن ما في كتاب سليم موافق للمذهب ، فدعوى وجود ما فيه غلو في شأن الأئمة لا تصح . . والموارد المذكورة فيه هي على حد ما ورد في الكافي وغيره من الكتب المعتمدة عندنا . . 6 - وأما أن القضية قد حدثت قبل نزول الحجاب ، فلا أثر له في رفع الإشكال الذي أوردوه ، من وجود النهي عن النوم في فراش واحد ، وتحت لحاف واحد . . لأن المنع عن ذلك عام لما قبل فرض الحجاب وما بعده . . 7 - وأما ما نقلتموه عن عبد الله بن الزبير ، وعن أبيه الزبير ، من أن النبي [ صلى الله عليه وآله ] قد أدخله تحت اللحاف . . فلا يصح الإشكال به على أهل السنة ، لنفس السبب الذي ذكرناه في ما تقدم ، حين تحدثنا عن رواية المناقب ، فإنه [ صلى الله عليه وآله ] لم يترك الزبير مع زوجته [ صلى الله عليه وآله ] وحدهما في ذلك الفراش ، ولم تتحدث الرواية عن أنه [ صلى الله عليه وآله ] ، قد قام من بينهما ووضع اللحاف بيده بينهما حتى لامس الفراش ، لكي يرد الإشكال . . هذا والسلام عليك أيها الأخ الكريم ورحمة الله وبركاته . .