logo-img
السیاسات و الشروط
ذو الفقار سيف علي ( 21 سنة ) - العراق
منذ شهر

أثر طهارة القلب على السلوك

السلام عليكم ورحمة الله إذا بلغ الإنسان أعلى مراتب التقوى والورع، وطهّر قلبه من الذنوب والنكات السوداء، فهل سيشعر تلقائيًا بالنفور والتقزز من المحرمات كالزنا، والنظر المحرم، وشرب الخمر، وأكل لحم الخنزير، وسائر المعاصي؟ وبتعبير أدق : هل المحرمات قبيحة في ذاتها، ولكن ينجذب إليها الإنسان بسبب ظلمة القلب وسواد الباطن؟ أم أن الإنسان ينجذب إليها بطبعه، ثم يمنعه الإيمان والتقوى من الوقوع فيها؟


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ولدي العزيز، سؤالك عميق ويدل على تأمل في حقيقة النفس الإنسانية وعلاقتها بالمعصية والطاعة. اعلم - ولدي - أن المحرمات في نظر الشريعة قبيحة لأنها تفسد الفطرة وتضر الإنسان في دنياه وآخرته، ولكن إدراك قبحها يختلف باختلاف صفاء القلب ونقاء الباطن. وكلما ازداد الإنسان تقوى وورعًا، وتطهّر قلبه من الذنوب، أصبح أكثر حساسية تجاه المعاصي، فيشعر بنفور داخلي منها، بل قد يصل إلى حد التقزز منها كما يتقزز من شيء خبيث أو مؤذٍ. وهذا النفور ليس مجرد قرار عقلي، بل هو ثمرة نور الإيمان الذي يملأ القلب ويجعل صاحبه يرى الأمور على حقيقتها. وأما أصل الانجذاب إلى المحرمات، فهو خليط بين ميول النفس وشهواتها التي أودعها الله في الإنسان لحكمة، وبين ظلمة القلب التي تزداد بالمعصية وتقل بالطاعة. فالنفس بطبعها تميل إلى بعض الشهوات، لكن إذا أظلم القلب بالذنوب، يضعف وازع الضمير ويزداد الانجذاب إلى الحرام، حتى يرى الإنسان القبيح حسنًا. وأما إذا أشرق القلب بنور التقوى، يرى الإنسان قبح المعصية فينفر منها، بل قد يستغرب كيف كان يميل إليها يومًا ما. إذًا، المحرمات قبيحة في ذاتها، لكن وضوح هذا القبح في عين الإنسان يتوقف على صفاء قلبه وقوة إيمانه، فكلما زاد الإيمان، أصبح الحرام أبعد عن النفس وأثقل على الروح، حتى يصبح تركه سهلاً بل محبوبًا. أسأل الله أن يرزقك قلبًا سليمًا ونفسًا مطمئنة تأنف من كل معصية.

2