logo-img
السیاسات و الشروط
- العراق
منذ 4 سنوات

علم الكتاب عند من ؟ !

بسم الله الرحمن الرحيم سماحة آية الله العلامة المحقق [ السيد جعفر مرتضى العاملي ] [ دام ظله ] . . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . هناك إشكال يوردُهُ بعض الناس حاصِلُهُ إنهُ لا يصح إن يكون المراد بمن عندَهُ علم الكتاب في الآية الواردة في القرآن الكريم ( قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ) ( 2 ) هو علي [ عليه السلام ] باعتبار إن علياً [ عليه السلام ] ممن آمن بالنبي [ صلى الله عليه وآله ] وهو بالتالي طرفٌ في النزاع بين النبي [ صلى الله عليه وآله ] والمشركين . وحينئذٍ فإنهُ لا يعقل أن يحيل النبي [ صلى الله عليه وآله ] المشركين إلى علي [ عليه السلام ] وأن يستشهد بهِ على صدق نبوتِهِ [ صلى الله عليه وآله ] لأنهم لن يقبلوا شهادتَهُ ، فكيف يجعَلُهُ [ صلى الله عليه وآله ] شهيداً حينئذٍ والحال أنهم لنْ يقبلوا شهادته ، والنبي [ صلى الله عليه وآله ] يعلم ذلك أيضاً ؟ أليس ذلك من قبيل الإحالة إلى محال ؟ ومع صحة هذا الإشكال العقلي تسقط كل الروايات التي تفسر منْ عندَهُ علم الكتاب بعلي [ عليه السلام ] . أفيدونا ولكم الأجر والثواب . . والسلامُ عليكم ورحمة الله وبركاتُهُ . .


بسم الله الرحمن الرحيم وله الحمد ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . . وبعد . . أولاً : إن الروايات المتواترة ، وكثير منها صحيح السند قد دلت على أن المقصود ب‌ ( مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ) أمير المؤمنين علي ، والأئمة من ذريته عليه وعليهم السلام . وهي تقطع دابر كل تخرص ورجم بالغيب في هذا المجال ؛ فإنهم [ عليهم السلام ] عدل القرآن ، وأحد الثقلين اللذين أمرنا الله بالتمسك بهما . ولا يمكن تكذيب هذا العدد الكبير من الروايات الصحيحة ، فكيف إذا كانت متواترة من طرق الشيعة . . كما أنها مروية من طرق أهل السنة . . ونذكر من هذه الروايات ثلاثاً فقط ، هي التالية : 1 - عن أبي عبد الله [ عليه السلام ] ، قال : الذي عنده علم الكتاب هو أمير المؤمنين [ عليه السلام ] . وسئل عن الذي عنده علم من الكتاب ، أعلم ؟ ! أم الذي عنده علم الكتاب ؟ ! فقال : ما كان علم الذي كان عنده علم من الكتاب عند الذي عنده علم الكتاب إلا بقدر ما تأخذ البعوضة من ماء البحر . . [1] . 2 - وعن الإمام الباقر [ عليه السلام ] في تفسير الآية : إيانا عنى ، وعلي أولنا ، وأفضلنا ، وخيرنا بعد النبي [ صلى الله عليه وآله ] [2] . 3 - وعن ابن بكير ، عن أبي عبد الله [ عليه السلام ] ، قال : كنت عنده ، فذكروا سليمان وما أعطي من العلم ، وما أوتي من الملك . فقال لي : وما أعطي سليمان بن داود ؟ إنما كان عنده حرف واحد من الاسم الأعظم ، وصاحبكم الذي قال الله تعالى : قل : كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب . وكان - والله - عند علي [ عليه السلام ] ، علم الكتاب . فقلت : صدقت والله جعلت فداك [1] . فإذا جاء الخبر اليقين المتواتر عنهم [ عليهم السلام ] ، وكان عدد كثير منه صحيح السند ، فلا بد من الوقوف عنده والانتهاء إليه ، وليس لأحد - بعد ثبوته - الحق بالتشكيك بكلامهم . استناداً إلى حدسيات وآراء الرجال . . ولا بد أن تزول الشبهة بكلامهم [ صلوات الله وسلامه عليهم ] . . ورحم الله امرءاً عرف حده فوقف عنده . ثانياً : إن الآية نفسها تكاد تكون صريحة في أن المقصود لا يمكن أن يكون غير علي [ عليه السلام ] ، لا عبد الله بن سلام ، ولا غيره من أهل الكتاب . وحيث إن هناك سعياً حثيثاً من قبل البعض لصرف الآية عن أمير المؤمنين [ عليه السلام ] ، وتخصيصها بعبد الله بن سلام اليهودي ، فإننا لا بد لنا من توجيه الكلام بحيث يحسم مادة النزاع في هذا الأمر ، فنقول : إن الآية التي هي مورد البحث هي التالية : ( وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ) [2] . ونحن في سياق بيان ما نرمي إليه سوف نشير إلى عدة نقاط ترتبط بهذه الآية الشريفة . . فنقول : 1 - إن الشاهد بين النبي [ صلى الله عليه وآله ] ، وبين الذين كفروا ، إن كان من أهل الكتاب الذين لم يؤمنوا بالرسول ، وينكرون نبوته ، فإن شهادته لا تجعلهم يعترفون بالحق ، بل هم سوف يغتنمونها فرصة لإسقاط دعوته وتضعيف أمره . . وليس لنا أن نتوقع منهم أن يبادروا إلى إبطال دينهم ، وإثبات حقانية هذا الدين الجديد الذي يعارضه ، ويناقضه ، وينفيه . . وإن كان الشاهد هو عبد الله بن سلام بعد إسلامه ، فمن جهة ، ليس ثمة ما يطمئن - بحسب العادة - إلى أن ابن سلام سوف يقول الصدق ، ولا يكتم الشهادة ، فقد تدفعه أهواؤه إلى ذلك ، فإنه ليس بمعصوم . بل إن الوقائع التي رافقت حياته بعد إسلامه قد أثبتت أنه لم يكن وفياً للحق ، بل اتبع هواه ، وعاند الإمام الحق ، واتبع سبيل الذين لا يعلمون . . كما أن أهل الكتاب قد كتموا الشهادة بالحق لرسول الله [ صلى الله عليه وآله ] ، في غير هذا المورد ، وقد تحدث الله عنهم في ذلك ، وأنبهم عليه ، واتهمهم بأنهم يحرفون الكلم عن مواضعه ، وغير ذلك ، فراجع تفسير قوله تعالى : ( قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) [1] . وقال تعالى : ( مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ ) [1] . فمن كان كذلك كيف تجعل شهادته عدلاً لشهادة الله وشهيديته ؟ ! وكيف يسجل ذلك في القرآن ليقرأه الناس وليستفيدوا منه خلفاً عن سلف ؟ ! . . ألا يعد هذا من الإغراء للناس بما لا يصح الإغراء به ؟ بل إن إصرار أهل الكتاب على البقاء على دينهم لهو من أعظم مظاهر كتمان الشهادة بالحق ، كما هو ظاهر لا يخفى . . مع أن سياق الآية والتعبير بكفى ، وجعل شهيدية العالم بالكتاب مقرونة بشهيدية الله تعالى يفيد : أن هناك ضمانة حقيقية ، وطمأنينة شديدة إلى أمانة وصدق الشاهد ، وأنه لن يكتم الشهادة فضلاً عن أنه لن يشهد إلا بالحق والصدق لا على سبيل الإعجاز في الإخبار عن الغيب ، ولا على سبيل الإعجاز بإجبار ابن سلام على ذلك تكويناً . بل الأمر يجري وفق السنن ، من حيث إنه يستند إلى أن الشاهد هو ذلك الإنسان العالم بمواطن الحق والباطل ، المعصوم عن أن ينقاد لهواه ، وينساق مع تيار الباطل . . 2 - إن الحديث إنما هو مع المشركين والكفار ، وهم كما لا يعترفون برسول الله [ صلى الله عليه وآله ] فإنهم لا يعترفون أيضاً باليهود ، وإلا لكانوا تابعوهم ، ودخلوا معهم في دينهم ، فما معنى إلزامهم بشهادة من يرون أنهم مخطئون وضالون ؟ ! وما معنى أن تقرن شهادة اليهود بشهادة الله سبحانه ، في مقام التحدي ؟ ! 3 - إنه بعد أن دخل ابن سلام في الإسلام لم يعد هناك أي فرق بنظر الكفار بينه وبين علي [ عليه السلام ] ، فهذا خصم لهم مدع عليهم ، وذلك أيضاً كذلك بنظرهم . . 4 - إن الآية قد تحدثت عن الشهيد ، لا عن الشاهد . . والتعبير الطبيعي عن الذي يؤدي الشهادة في موارد الترافع والاختلاف هو كلمة " شاهد " ، فيقال فلان شاهد ، لا شهيد ، التي هي من صيغ المبالغة . . 5 - أضف إلى ما تقدم : أنه لا يقال - في العادة - : فلان شاهد بيني وبينكم ، بل يقال فلان شاهد على فلان ، أو شاهد على الأمر . وقد ذكر أخ كريم : أنه يمكن أن يكون التعبير بكلمة ( بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ) للإشارة إلى توسط الشاهد بين الطرفين ، وتساويهما عنده بحيث لا يميل إلى أحدهما على حساب الآخر . وهذا يعطيه الوثاقة والأمانة والعدالة في الشهادة ، إلى حد أن تصبح شهادته هي الفيصل في الأمر ، فيكون شاهداً حاكماً ، قاطعاً للنزاع . والتعبير بكلمة شهيد للإلماح إلى شدة اطلاعه وحضوره ، الأمر الذي يحتم إطاعته والقبول منه . ونقول : إننا نتفق مع هذا الأخ الكريم ، على أن المراد بالشهيدية هو الحضور القوي . . ولكننا لا نوافقه على أن المراد بها الشهادة بين متخاصمين على حد الشهادات الأخرى . بل هو شهيدية وحضور حاكم وفاصل للأمر من دون أن يكون هناك شهادة . لأن معرفة الصدق ، خصوصاً في أمر يتعذر فيه الاطلاع إلى درجة الحضور ، كمجئ جبرئيل [ عليه السلام ] للرسول [ صلى الله عليه وآله ] ، أمر غير ميسور للبشر العاديين وذلك معناه أن هذا الشهيد يملك وسائل عالية جداً تمكنه من الحضور حتى في مثل هذه الأمور الخفية جداً ، وذلك لا يتناسب إلا مع ما هو أرقى من هذا الذي نعيشه ونألفه . . وهو شهيدية الإمام والإمامة التي ستظهر آثارها في يوم القيامة . . وهذا يؤيد ويؤكد المعنى الذي نسوق الكلام إليه . . وهو أنها شهيدية بمعنى الحضور لا بمعنى أداء الشهادة . 6 - إن من الواضح : أن التوجه نحو الاكتفاء بشهيدية الله ، ومن عنده علم الكتاب ليس معناه أن الذي عنده علم الكتاب سيكون قادراً - بما أوتي من علم - على إلزامهم بالحجة ، بعد أن عجز الرسول نفسه عن إلزامهم بها . بل المراد أن ذلك العالم بالكتاب سيكون هو حجة الرسول [ صلى الله عليه وآله ] ، عليهم . 7 - ليس في الآية أية إشارة إلى أن المقصود بالكتاب فيها ، هو كتاب التوراة أو الإنجيل ، فتطبيق الآية عليهما ما هو إلا تخرص ، ورجم بالغيب ، ومن دون مبرر . بل قد وجدنا في الروايات الواردة عن المعصومين [ عليهم السلام ] ما يشير إلى أن المراد بالكتاب هو ذلك الكتاب الذي يكون للعالم به القدرة على التأثير في عالم التكوين ، والهيمنة على الموجودات ، حيث ذكرت الروايات : ما يدل على أن هذا الكتاب هو نفس الكتاب الذي كان آصف بن برخيا يعلم بعضه ، فتمكن به من الإتيان بعرش بلقيس من اليمن إلى بيت المقدس : ( قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي ) [1] . والمراد بالكتاب : القرآن . . الذي هو تبيان كل شئ ، وقال تعالى : ( مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ) [2] فمن كان عنده حقيقته ، فإنه سيكون متمكناً ومهيمناً على الأشياء بأعظم هيمنة . ويمكّن آصف بن برخيا والأنبياء السابقين لأنهم إنما يملكون بعضاً من علوم القرآن ، وعلي [ عليه السلام ] ، يعرف كل ما في هذا القرآن . فالمراد بعلم الكتاب إذن : هو ذلك العلم القاهر لهم ، الذي يعطي العالم به السلطة والقدرة على التصرف ، وإراءة الخوارق التي تسقط استكبارهم ، وتعرفهم بمدى ضعفهم ، وبأنهم لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً . 8 - وإذا تحقق ذلك ، فإن ملاحظة أنه تعالى قد عبر بكلمة " شهيد " ثم نسبها لله سبحانه ، وللعالم بالكتاب في سياق واحد تعطينا : أن صيغة المبالغة " شهيداً " قد جاءت للتعبير عن الشهادة التي تكون هي الأشد حضوراً ، والأكثر إحاطة وهيمنة وإشرافاً ، والأشد تمكيناً للاطلاع على دقائق الأحوال وخفاياها ، على كل خصوصياتها وحقائقها ومزاياها . بحيث تكون - بملاحظة تعدد المنكشفات - ، بمثابة معاينات ومشاهدات متعددة ، ومباشرة حسية لذلك كله . . فتعددها يوجب تعدد المشاهدات والشهادات ، فيصح المبالغة - والتكثير - بلحاظ ذلك ، فقال : " شهيداً " . كما أن نيل حقائقها ووقائعها قد أوصلها إلى درجة المحسوس المشاهد ، حتى لو كانت من الأمور التي لا تنالها الحواس الظاهرية . فهل لأحد من أهل الكتاب هذه الإحاطة ، وهذا الإشراف ليصح أن يقال عنه إنه شهيد ، وأن تقرن شهيديته بشهيدية الله تعالى ؟ ! 9 - إن الشهيدية في مورد الآية قد تعلقت بأمر لا تناله الحواس الظاهرة ، بل يعرف بالأدلة العقلية ، وبالبصيرة الهادية ، وبقضاء الفطرة ، والوجدان المستند إلى الدليل والبرهان - حتى لو كان هذا الدليل هو المعجزة - في مقام التحدي . ونيل العلم بالنبوة لا ينحصر بأهل الكتاب ، ولا بعبد الله بن سلام ، بل البشر جميعاً يشاركونهم في ذلك . . ولكن الأمر الذي تحدثت عنه الآية هنا هو شهيدية بالنبوة ، وإشراف على حقائقها ودقائقها ، مستندة إلى العلم المأخوذ من الكتاب . . لا إلى العلم من خلال ظهور المعجزات . . مما يعني : أن دلائل هذه النبوة التي يعاينها ذلك العالم بالكتاب كثيرة جداً . . ومتعددة ، فالشهادة بالنبوة بمثابة شهادات بتلك الدلائل التي نالها ذلك العالم بعلمه . . 10 - كما أن شهيديته لا تكون بمجرد الإعلان بنعم ، أو بلا . . كما هو الحال في أية شهادة على أمر مختلف فيه . . بل هي شهادة فيها إظهار لخفيات مكّن العلم بالكتاب من إظهارها . وذلك بطريقة إعجازية . . خصوصاً : وأن الذين كفروا قد حسموا الأمر ، وأعلنوا رفضهم لنبوته [ صلى الله عليه وآله ] ، بصورة جازمة : ( لَسْتَ مُرْسَلاً ) فلم يكن هناك مجال للحوار ، وللأخذ والرد معهم . . فجاء هذا الموقف ليواجه هذا العناد منهم ، وليتحدى غطرستهم واستكبارهم ، وليكون بمثابة وعيد لهم بالانتقام ، وبعدم النجاة ، ما دام أن الأمور تعود إلى الله سبحانه ، وسيكون من عنده علم الكتاب هو الآخذ بكظمهم ، والمتولي لأمرهم . فلا غرو إذا قلنا بعد ذلك كله : أن المقصود بالشهيدية هو مقام الشهادة على الخلق ، والتي تختزن معنى الإحاطة والهيمنة ، والإشراف التام على كل الحالات والخصوصيات . والتي قرنت بشاهدية وشهيدية الله سبحانه . . الذي هو مصدر الفيض والعطاء والتمكين لهذه الشهيدية للعالم بالكتاب المرتبطة به ، والمنتهية إليه أيضاً ، لأن علمه به إنما هو بتعليم منه تعالى . . فشهيدية هذا العالم بالكتاب مساوقة لشهيدية الرسول [ صلى الله عليه وآله ] : ( وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ) [1] ( وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيداً ) [2] ( لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ ) [3] . ويكون هذا الشهيد معصوماً ، لا مجال لاحتمال أي إخلال في حقه ، وقوياً في ذات الله ، لا يدعوه إلى كتم الشهادة رغب ولا رهب . عليم بالحقائق ، مطلع على أسرار الكائنات ، يمتلك - بتمليك الله سبحانه له - القدرة على حسم الأمور في الاتجاه الصحيح . . وتكون الآية تتجه إلى ردّ التحدي ، والتصدي للاستكبار حيث تواجههم بالوعيد الحازم ، حيث يتولى الله ، ومن عنده علم الكتاب ، - ومن موقع العلم والقوة والقدرة على التصرف - مواجهتهم بما يناسب عنادهم ، وجحودهم ، واستكبارهم ، حيث سيكون علي [ عليه السلام ] هو الذي له مقام الشهيدية ، وهو المتولي لأمر الصراط ، فلا يمر عليه إلا من عنده جواز من علي [ عليه السلام ] ، والذي يعطيه علي [ عليه السلام ] هذا الجواز هو من التزم الحق ، والصدق وتجنب الجحود عن علم ، وسمع كلمة الحق . ولم يتول مستكبراً عنها كأن لم يسمعها . . وستكون معاملة علي [ عليه السلام ] معهم معاملة العارف بهم عن مشاهدة ومعاينة لمكان شهيديته ، وإشرافه على الكتاب وعلمه ومعرفته الدقيقة بحقائقه ودقائقه سواء في مجال التشريع أو في التكوين ، والهيمنة على السنن الإلهية . . في سياق العمل على تطبيق السياسة الربانية في الكون كله ، وفي الحياة كلها . . والحمد لله ، والصلاة والسلام على محمد وآله . .

2