- العراق
منذ سنتين

علي والزهراء [ عليهما السلام ]

هل احتج علي والزهراء [ عليهما السلام ] بحديث الغدير ؟ ! بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . نشكر لكم إجابتكم على سؤالنا السابق وسأحاول استقصاء النقاط المهمة التي لفتّم نظرنا إليها وذلك بتتبع المصادر التاريخية والحديثية المتعلقة بالموضوع . وعندي الآن سؤالان : أولاً : تعتقد الشيعة بأن حديث الغدير هو من أقوى الأدلة على أحقية علي [ رض ] بالخلافة من غيرِهِ . أرجو أن ترشدوني إلى بعض المصادر التاريخية ولو إلى مصدر واحد فقط عند السنة يذكر فيه إن علياً [ رض ] أو فاطمة [ رض ] استشهدا بهذا الحديث على أحقيته بالخلافة حيث إن ما وردَ من طرُقِكُم في ذلك لا يُلزِمُنا ، علماً إن جمهور علمائنا من السنة إلا من شذَّ لا ينكرون صدور هذا الحديث وإن كانوا يناقشون في دلالته على ما تدعيه الشيعة . ثانياً : إذا كانت الإمامة بالنسبة للإمام منصباً وحقاً إلهياً لا شخصياً كما يقول الشيعة فكيف تفسرون لنا تنازل الحسن [ رض ] عن هذا الحق إلى معاوية وهل يعقل أن يكون الحق الإلهي مورداً للمساومة والمفاوضة والتنازل يا ترى ؟ مع الشكر الجزيل . . والسلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاتُهُ .


بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . . أما بالنسبة للسؤال الأول فإننا نقول : قد سألتم عن احتجاج علي أو فاطمة [ عليهما السلام ] بحديث الغدير ، ونقول في الجواب : أولاً : إنكم قد ذكرتم بأن جمهور علماء السنة - إلا من شذ - لا ينكرون صدور هذا الحديث . فإذا كان الحديث ثابتاً ومعلوماً لدى كل أحد ، وإذا كان النبي [ صلى الله عليه وآله ] ، قد أورده أمام عشرات الألوف من الناس كما ذكرت الروايات ، فلا تبقى ثمة حاجة إلى الاحتجاج به ؟ ! فإن من يعرف حرمة الكذب ، ويقرأ الآيات في ذلك ، ويسمع تأكيدات الرسول [ صلى الله عليه وآله ] ، على حرمته . ومن يعرف حرمة السرقة ، ويقرأ آيات تحريمها صباح مساء ، ومن يعرف وجوب الصلاة ويقرأ ويسمع آيات القرآن ، وكلمات الرسول [ صلى الله عليه وآله ] ، في الحث عليها ، والدعوة إليها ، فإنه حين يمارس الكذب ، ويقدم على السرقة ، وعلى ترك الصلاة جهاراً نهاراً ، فسيكون الاحتجاج عليه بالآيات والروايات عبثاً ، وبلا فائدة أو عائدة . وهكذا الحال تماماً بالنسبة لحديث الغدير ، فإن من يأتي بالآلاف من حملة السلاح من بني أسلم ، ويستقوي ، ويهاجم بيت فاطمة [ عليها السلام ] ، ويضربها ويسقط جنينها ، ويأخذ علياً أمير المؤمنين [ عليه السلام ] بالقوة للبيعة ، ومن يقول : إن النبي ليهجر - وهو على فراش المرض - ليمنعه من كتابة كتاب لا تضل الأمة بعده . . إنه يفعل ذلك قبل أن ينبس علي [ عليه السلام ] ، ولا غيره ببنت شفة ، وقبل أن يجري ذكر الخلافة من أي كان من الناس ، بل يكون هو فقط المبادر لهذا التصعيد كله ، ومن طرف واحد . . مع أنه قد حضر في يوم الغدير ، وسمع أقوال رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] ، وشارك في مجلس البيعة لعلي [ عليه السلام ] ، في ذلك اليوم ، قبل شهرين ونصف فقط . . إن من يفعل ذلك ، فإن الاحتجاج لا ينفع معه . . ولن يزيد ذلك الناس معرفة بالحق . . لأن الناس كلهم يعرفون حديث الغدير وسواه ، كما يعرفون صلاتهم وصيامهم . . ثانياً : إن عدم نقل التاريخ لنا شيئاً من ذلك لا يدل على عدم حصوله منه ومنها [ عليهما السلام ] ، لا سيما مع الحرص الظاهر على محاربة وطمس كل شئ يؤيد حق علي [ عليه السلام ] ، بالأمر ويدين خصومه فيما أقدموا عليه . . وعدم نقل أهل السنة ذلك ، يعد أمراً طبيعياً ، لأن نقلهم له إنما يعني تسجيل إدانة لأناس يريدون تبرئتهم من كل شئ ، كما أنه سوف يحدث خللاً اعتقادياً لو أراد الناس الالتزام بلوازمه . . ولا أحب أن أقول أكثر من هذا . . ثالثاً : إنه ليس ثمة ما يدل على انحصار الحجية بما نقله محدثو ومؤرخو ، وعلماء أهل السنة ، بحيث يبطل ذلك أقوال ، ونقولات غيرهم . . ومن يدّعي هذا الانحصار يحتاج إلى دليل . . بل ربما يكون دليل مخالفيهم هو الأقوى . . وذلك لأن هذا التوثيق ، وذاك الرفض مرتكزان إلى حسم الأمر في مسألة الإمامة وفقاً للأدلة الشرعية المتوفرة ، فلا معنى لفرض اتجاه معين في الأخذ بالمصادر والمراجع ، قبل حسم الأمر في تلك المسألة ، لأن هناك من يدّعي أن قضايا الدين لا بد أن تؤخذ من القرآن ، ومن خصوص عترة الرسول [ صلى الله عليه وآله ] ، فمن خالفهم في شئ ، فإنه يردّ عليه . . رابعاً : إننا نجد في مصادر أهل السنة العديد من الموارد التي أشير فيها إلى أن علياً [ عليه السلام ] كان يحتج بحديث الغدير ، ويسعى لحمل الذين حضروا واقعة الغدير على أن يعلنوا للناس بما رأوا وبما سمعوا في ذلك اليوم الأغرّ ، ونذكر من ذلك ، الشواهد التالية : أ - احتجاجات علي [ عليه السلام ] : حيث إن النصوص قد ذكرت : 1 - احتجاجه [ عليه السلام ] ، بحديث الغدير في يوم الشورى ، حيث قال [ عليه السلام ] : ولأحتجن عليكم بما لا يستطيع عربيكم ولا عجميكم تغيير ذلك ، ثم قال : أنشدكم الله ، أيها النفر جميعاً : أفيكم أحد وحّد الله قبلي ؟ قالوا : لا . . إلى أن قال : فأنشدكم الله ، هل فيكم أحد قال له رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] : من كنت مولاه فهذا علي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره . ليبلغ الشاهد الغايب ، غيري ؟ قالوا : اللهم لا . . إلخ . . [1] . وعلى كل حال : فقد ذكروا حديث المناشدة عن الدارقطني وابن مردويه ، وأبي يعلى وغيرهم . ولنفترض أن بعض رجال أسناد هذا الحديث ضعاف ، فإن ذلك لا يعني كذب الرواية من الأساس كما هو معلوم . لا سيما مع أن مصلحة الرواة هي في خلاف مضمون ما يروونه . . 2 - واحتج علي [ عليه السلام ] ، بهذا الحديث في خلافة عثمان أيضاً . . وذلك في المسجد ، في حلقة كان فيها أكثر من مائتي رجل . فراجع فرائد السمطين ص 123 كما في الغدير ج 1 ص 163 - 165 . 3 - وحديث مناشدته [ عليه السلام ] للناس بحديث الغدير يوم الرحبة في سنة 35 للهجرة قد رواه كثير من علماء أهل السنة فراجع الغدير ج 1 ص 166 - 184 تجد عشرات المصادر من كتب أهل السنة . 4 - مناشدته به في يوم الجمل - كما ذكره الحاكم في المستدرك ج 3 ص 371 وعن مروج الذهب ج 2 ص 18 والمناقب للخوارزمي ص 112 وغيرهم كما في الغدير ج 1 ص 186 - 187 . . 5 - وحديث الركبان ، راجع فيه الغدير ج 1 ص 187 - 191 ب - احتجاج الزهراء [ عليها السلام ] : روى شمس الدين أبو الخير الجزري الدمشقي المقري الشافعي في كتابه أسنى المطالب في مناقب سيدنا علي بن أبي طالب ص 49 - 51 قال عن حديث الغدير : فألطف طريق وقع بهذا الحديث وأغربه ما حدثنا به شيخنا خاتمة الحفاظ أبو بكر محمد بن عبد الله بن المحب المقدسي مشافهة : أخبرتنا الشيخة أم محمد زينب ابنة أحمد عبد الرحيم المقدسية ، عن أبي المظفر محمد بن فتيان بن المثنى ، أخبرنا أبو موسى محمد بن أبي بكر الحافظ ، أخبرنا ابن عمة والدي القاضي أبو القاسم عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد المدني بقراءتي عليه ، أخبرنا ظفر بن داعي العلوي باستراباد ، أخبرنا والدي وأبو أحمد ابن مطرف المطرفي قالا : حدثنا أبو سعيد الإدريسي إجازة فيما أخرجه في تاريخ استراباد ، حدثني محمد بن محمد بن الحسن أبو العباس الرشيدي من ولد هارون الرشيد بسمرقند وما كتبناه إلا عنه ، حدثنا أبو الحسين محمد بن جعفر الحلواني ، حدثنا علي بن محمد بن جعفر الأهوازي مولى الرشيد ، حدثنا بكر بن أحمد القسري . حدثتنا فاطمة وزينب وأم كلثوم بنات موسى بن جعفر [ عليه السلام ] ، قلن حدثتنا فاطمة بنت جعفر بن محمد الصادق ، حدثتني فاطمة بنت محمد بن علي ، حدثتني فاطمة بنت علي بن الحسين ، حدثتني فاطمة وسكينة ابنتا الحسين بن علي عن أم كلثوم بنت فاطمة عن فاطمة بنت النبي ، رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] ورضي عنها ، قالت : أنسيتم قول رسول الله صلى الله عليه ى [ يوم غدير خم ، من كنت مولاه فعلي مولاه ؟ وقوله صلى الله عليه [ وآله ] : أنت مني بمنزلة هارون من موسى [ عليهما السلام ] ؟ وهكذا أخرجه الحافظ أبو موسى المديني في كتابه المسلسل بالأسماء ، وقال : هذا الحديث مسلسل من وجه ، وهو أن كل واحدة من الفواطم تروي عن عمة لها ، فهو رواية خمس بنات أخ كل واحدة منهن عن عمتها [1] . الجواب عن السؤال الثاني : وأما فيما يرتبط بالسؤال الثاني حول تنازل الإمام الحسن [ عليه السلام ] عن الخلافة إلى معاوية ، فإننا نحيل السائل الكريم على كتابنا " مختصر مفيد المجموعة الأولى " ص 54 - 59 فلعله يجد فيه بغيته ! . ولنا أمل بأن يقبل عذرنا في هذه الإحالة . والحمد لله ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . .