- العراق
منذ سنتين

لماذا جمع بين الفجور والتقوى

قال تعالى في سورة الشمس : ( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ) ( 1 ) . . والسؤال هو : لماذا جمع الله بين الفجور والتقوى ؟ ! ولم يقل : فألهمها طاعتها ومعصيتها . أو الصلاح والفساد . . ونحو ذلك ؟ !


بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطاهرين . . وبعد . . فإن الله سبحانه قد سوى النفس الإنسانية كأحسن ما تكون التسوية فجاء ترتيب قواها بصورة دقيقة ، وصحيحة ، ومتوازنة ، وفق الحكمة ، ومن موقع القدرة ، والعلم . ثم زوّدت فطرة الإنسان بكل ما تحتاجه ، وهيأ الله لها هدايات ودلالات تعينها وترشدها ، وتسددها ، وهي هداية العقل ، والشرع . . ودفعها لالتزام جانب الحفظ والوقاية . . والابتعاد عن مواقع الخطر . وهذا هو ما يعبر عنه بالتقوى . فالتقوى هي جعل الوقاية والستر الحافظ . . أما الفجور فهو - كما فسره الراغب - شق ستر الديانة ، وذلك بمخالفة الأوامر والنواهي ، وشق الحجاب المضروب ، وإسقاط الحافظ . . فالتعبير بالفجور وبالتقوى هو الأقرب للمعنى الذي يريد الله سبحانه أن نعيه ونتفهمه . . فاتضح إذن ، أن الله سبحانه قد ألهم النفس الإنسانية القانون الذي يحفظها . . وهيأ لها المقدمات التي تؤدي بها إلى حفظ نفسها من كل سوء . وذلك بواسطة ما زودها به من قدرات وطاقات ، وأحاسيس ومشاعر ، وبواسطة العقل الذي يعرّفها بوجود خالق ، وتكاليف ، ونبوّة ، وآخرة ، وغير ذلك . ويحذرها من كل ما يمكن أن يسئ لها . . فيثير فيها الإحساس بالخوف ، فتلجأ إلى مواضع الأمن وتهتدي بهدى الشريعة ، وتتستر الديانة بستر الذي يقيها من كل ما يوجب فساداً في نشأتها ، أو في حركتها ، أو في مصيرها الذي ستنتهي إليه . . والله هو العالم . . والحمد لله رب العالمين .

1