- العراق
منذ سنتين

تعليم القرآن قبل خلق الإنسان ؟ لماذا ؟

قال تعالى : ( الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الإِنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ) ( 1 ) . والسؤال هو : كيف قدم الله تعالى تعليم القرآن على خلق الإنسان . . ألم يكن الأولى تأخيره ، باعتبار أنه لا يمكن أن يعلمه القرآن قبل أن يخلقه . .


بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطاهرين . . وبعد . . أولاً : ليس في قوله : ( عَلَّمَ الْقُرْآنَ ) أن تعليم القرآن كان للإنسان ، فإنه لم يقل : علم الإنسان القرآن . . بل جاءت القضية لمجرد الإشارة إلى أن تعليم القرآن قد صدر من الله تعالى . . وهذا أمر هام جداً . وليس بصدد تحديد المتلقي والمتعلم لهذا القرآن . . فقدم الكلام على هذه النقطة لأنها أعظم من نفس خلق الإنسان ، لأن الإنسان بدونها سيكون ضرره أعظم من نفعه ، فبعد أن تحدث عن أعظم رحمة ، بدأ بالحديث عن تاريخ وعن دقائق صنع الخلق ، وخصائصه وميزاته مذكراً الإنسان بآلاء الله ونعمه . . فذكر له أن الله قد وضع الميزان ، وجعل كل شيء وفق نظام دقيق ، وأشار إلى وجود حالة من الشعور لدى الكائنات ، فقال : ( وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ . . ) وأن ( الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ ) [1] أي كل شيء فيه وفق حسابات دقيقة . . وكل ذلك ليبين لنا ضرورة القانون الإلهي وهو القرآن لصيانة كل هذا الوجود البالغ الحساسية والدقة . . فلا يمكن التعامل معه بعشوائية . . ثانياً : بالقرآن يصل الكون وكل ما في الوجود إلى كماله ، فالقرآن أعظم رحمة خص الله بها هذا الوجود ، وهذا الكون ، لأن الكون كون فساد ، وفناء ، واضمحلال بدون القرآن ، وبالقرآن يصل الإنسان وكل شيء إلى الغاية التي رسمت له ، ويتصل بالباقي والمطلق ، واللا محدود . . فالقرآن هو الذي يصون نواميس الكون والحياة ، من أن يتعدى عليها ومن ثم فهو يمكنها من التأثير في إعمار الكون ، وإيصاله إلى كماله . . فالقرآن رحمة للكون كله . . لأنه يحميه من عوادي الجهل ، والهوى ، من طغيان الغرائز ، حيث تدمر كل ما فيه من خيرات ، وبركات ، وتحولها إلى كوارث ونقمات . . ثالثاً : في تفسير القمي : أن قوله تعالى ( عَلَّمَ الْقُرْآنَ ) يراد به تعليم القرآن للنبي [ صلى الله عليه وآله ] . . وفي بعض الروايات : أن المراد بالإنسان الذي علمه الله سبحانه وتعالى البيان هو علي بن أبي طالب [ عليه السلام ] . وعلينا أن لا ننسى أن الله سبحانه قد خلق أشباح وأرواح محمد وعلي وفاطمة ، قبل خلق الخلق ، فربما يكون الله تعالى قد علم النبي [ صلى الله عليه وآله ] في تلك العوالم السابقة . وذلك يؤكد استحقاقه [ صلى الله عليه وآله ] واستحقاق أهل بيته المعصومين تلك المنازل الإلهية ، والمقامات الربانية التي كانت له [ صلى الله عليه وآله ] في ذلك العالم ، حتى كان الأنبياء يتوسلون به [ صلى الله عليه وآله ] وبهم [ عليهم السلام ] إلى الله سبحانه ، ويستجيب الله تعالى لهم ، ويكشف بهم الهموم والكربات . وينالون المقامات والبركات . . والحمد لله رب العالمين .

3