- العراق
منذ سنتين

ا يعتقدون بالبداء و لا جبرية

بسم الله الرحمن الرحيم سماحة العلامة المحقق السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . لقد استلمت ردكم الشافي حول فوائد الاعتقاد بالبداء وقد وجدت فيه من اللطائف والإشارات ما لا يمكن وصفه والتعبير عنه فجزاكم الله خير الجزاء . ولكن استوقفتني بعض العبارات التي أتمنى من سماحتكم توضيحها لنا . لقد ذكرتم في رسالتكم بأن عدم الاعتقاد بالبداء سوف يؤدي بالإنسان إلى الشعور بالفشل والخيبة والى الخنوع [ نقطة 2 - 3 ] وقد يقال ها هو العالم الغربي لا يعتقد بذلك ومع ذلك لا ينطبق عليه ما ذكرتم . وكذلك الأمر مع أهل السنة فإنهم لا يؤمنون بالبداء ومع ذلك فإننا نراهم يعملون وفق ما يعتقدونه صحيحاً من الأعمال العبادية التي يطمحون أن توصلهم إلى الجنة . بل أكثر من ذلك : فإننا نجد أن الكثرة الغالبة من الشيعة لا يعلمون معنى البداء وربما لم يسمعوا به ومع ذلك نجد لديهم الطموح والأمل وعدم اليأس . فكيف نستطيع أن نفهم هذا الأمر عند كل هؤلاء رغم عدم إيمانهم بالبداء ؟ . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .


بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطاهرين . . أخي الكريم . . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . . فإن ما ذكرته لك في إجابتي السابقة في النقطة الثانية والثالثة فيما يرتبط بمساوئ عدم الاعتقاد بالبداء إنما أردت به أن الاعتقاد بعدم البداء المساوق للاعتقاد بالجبرية الإلهية ، هو المسبب لتلك السلبيات . فأما الشيعة الجاهلون بالبداء فإنما يعملون بمقتضى فطرتهم التي تقودهم إلى انتهاج سبيل من يؤمن بهذه الحقيقة الفطرية الراسخة . ولعل هذا هو السبب في أن الذي يُخرج من المذهب هو إنكار البداء . . أما عدم الاعتقاد به ، بسبب الجهل ، أو عدم الالتفات فلا محذور فيه . . لكن ذلك يوجب حرمان الإنسان من فوائد وعوائد رصدها الله لمن يلتفت ويعتقد بهذا الأمر بصورة تفصيلية . وأما بالنسبة للغربيين فإننا نقول : إن ما ذكرته حول عدم اعتقادهم بالبداء قد لا يكون واضح الانطباق عليهم . . إذ أن من يعتقدون بالله من الغربيين إما أنهم لا يعتقدون بالجبرية الإلهية ، بسبب غفلتهم عن هذا الأمر مطلقاً فيكون حالهم حال الشيعة الجاهلين بهذا الأمر . . أو لا يعتقدون بالله . وهؤلاء أيضاً لا يرون جبرية في مسيرة الكون والحياة ، بل هم يعيشون فكرة إطلاق اليد وامتلاك حرية التصرف في كل شيء في هذا الكون . . فيكون حالهم حال من يعتقد بالبداء من حيث عدم شعوره بالخيبة ، وبالفشل واليأس . وأما أهل السنة فإن أكثرهم أيضاً يعيشون حالة الغفلة والجهل بتفاصيل عقائدهم . وذلك يفسح المجال أمام الفطرة والوجدان ليقودا مسيرة هذا النوع من الناس في مثل هذه الأمور ، المغفول عنها أو التي تغافل علماؤهم عنها ، فلم يعملوا على تركيزها في نفوسهم وفي حياتهم لسبب أو لآخر . أما الذين عاشوا هذا الاعتقاد بعدم البداء منهم فإنهم ولا شك متأثرون به ، مستسلمون ، خاضعون ، خانعون للجبارين وللمستعمرين . هذا . . وقد استفاد الاستعمار والحكام عبر التاريخ من اعتقادات كهذه ، واتخذوا منها وسيلة لاستمرارهم في إذلال الناس ، والتسلط عليهم . ولا نريد أن نقول أكثر من هذا ، فإن الحديث طويل ، وذو شجون . والحمد لله ، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله الطيبين الطاهرين . 4 / 6 / 1423 للهجرة .