- العراق
منذ سنتين

برهان نفي الصفات العارضة

في خطبة لأمير المؤمنين [ عليه السلام ] قال فيها : " . . وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة . . " . فكيف يمكن لنا أن نفهم معنى هذا القول بملاحظة ما يذهب إليه علماؤنا من أن الصفات عين الذات . وتقبلوا منا خالص الدعاء بالتوفيق والسداد


بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطاهرين . . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . وبعد . . فإن المراد بكلام أمير المؤمنين [ عليه السلام ] في الفقرة المشار إليها : أن الموصوف وإن كان لا يحتاج إلى الصفة في أصل وجوده ، وقيامه بذاته . . إلا أنه يحتاج إليها في كماله . . وأما الصفة فهي تحتاج إلى الموصوف في أصل قيامها وتحققها ، لأنها لا يمكن أن تقوم بدونه . . ومن الواضح : إن هذه الفقرة من كلامه [ صلوات الله وسلامه عليه ] قد وردت للرد على من زعم أن صفات الله تعالى زائدة على الذات ، عارضة عليها . . فأشار [ عليه السلام ] إلى أن زيادة الصفات على الذات الإلهية غير ممكن ، لأن الصفة العارضة مغايرة للموصوف ، وهي محتاجة إليه في القيام والتحقق ، وهو مستغن عنها في ذلك ، وإن كان يحتاجها في كماله . . وكل متغايرين . . لا بد وأن يكون فيما بينهما ما به الامتياز وما به الاشتراك . وهو هنا متحقق في الاشتراك في الوجود . ومن الواضح : أن ما به الاشتراك لا يمكن أن يكون هو نفسه ما به الامتياز ، وإلا لكان الواحد كثيراً ، والكثير واحداً . . إذن فلا بد أن يكون كل من المتغايرين مركباً من جزئين ، أحدهما يشترك به مع غيره ، والآخر يميزه عن ذلك الغير . وهذا معناه لزوم التركيب في الذات الإلهية ، وفي صفاتها ، ومحاذير التركيب كثيرة . . منها الحاجة ، ومنها تعدد القديم . . وغير ذلك . . ويشهد لذلك قوله [ عليه السلام ] بعد ذلك ، فمن وصف الله سبحانه ، فقد قرنه ، أي قرنه بالصفة الزائدة ، ومن قرنه فقد ثناه أي جعل له ثانياً . . ومن ثناه فقد جزأه . فاتضح : أن هذا الذي ذكره [ عليه السلام ] إنما هو برهان نفي الصفات الزائدة العارضة على الذات ، وهو يثبت بالتالي لا بدية أن تكون صفاته تعالى عين ذاته . . والحمد لله رب العالمين .