وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلاً وسهلاً بكم في تطبيق المجيب
ابنتي الكريمة، إنّ وهبا كان نصرانيّا، فأسلم هو وأمّه على يد الحسين (عليه السّلام).
فقتل في المبارزة أربعة وعشرين راجلا واثني عشر فارسا، ثمّ أخذ أسيرا فأتى به عمر بن سعد، فقال: ما أشدّ صولتك! ثمّ أمر فضربت عنقه.
ورمى برأسه إلى عسكر الحسين (عليه السّلام)، فأخذت أمّه الرّأس فقبّله، ثمّ رمت بالرّأس إلى عسكر ابن سعد، فأصابت به رجلا، فقتلته، ثمّ شدّت بعمود الفسطاط، فقتلت رجلين، فقال لها الحسين: «ارجعي يا أمّ وهب! أنت وابنك مع رسول اللّه، فإنّ الجهاد مرفوع عن النّساء».
فرجعت وهي تقول: إلهي لا تقطع رجائي. فقال لها الحسين (عليه السّلام): «لا يقطع اللّه رجاءك يا أمّ وهب».
(موسوعة الإمام الحسين (عليه السلام)، تاريخ الإمام حسين (عليه السلام)، ج٣، ص٥١٠)
هذا المشهد العظيم من مواقف أم وهب النصرانية التي أسلمت على يد الإمام الحسين (عليه السلام)، لا يُعدّ مجرد قصة تاريخية، بل يحمل رسائل تربوية وعقائدية وإنسانية عميقة، يمكن بيان بعضها:
الرسالة الأولى: الثبات على الحق مهما كلف الثمن:
رميها رأس ولدها إلى العدو بدل أن تبكي عليه يدل على أن هذه الأم لم تكن ترى في ابنها ضحية أو خسارة، بل تراه شهيدًا في سبيل الله والحق، وقد نال الشرف الذي كانت ترجو له.
هي رسالة تقول فيها: (لن تُرهبوني بقتله، بل زادني ذلك فخراً وثباتاً).
الرسالة الثانية: رفض الهوان والذل حتى من موقع الأمومة:
الأمومة عادةً تقتضي الحزن والانكسار عند فقدان الولد، لكن أم وهب تجاوزت غريزة العاطفة البشرية إلى عقل الإيمان والولاء، فرأس ابنها المقطوع عندها ليس رمزًا للحزن بل راية نصر.
رميها للرأس إلى معسكر ابن سعد بعد تقبيله، وكأنها تقول: (رأس ابني لن يكون أداة شماتة بأهل الحق، فإن رميتوه إليّ، فردّيته عليكم قتلاً في ساحتكم)
الرسالة الثالثة: المرأة ليست عاجزة عن النصرة الفعلية:
بشدّها إلى المعركة بعمود الخيمة وقتلها رجلين، أثبتت أن المرأة في المعركة العقائدية ليست كائناً تابعاً أو هامشياً، بل محارباً بالنية والفعل.
وهذا يعكس مستوى وعي المرأة في مدرسة أهل البيت، والتي لم تكن تنتظر من يحرّكها، بل انطلقت بدافع الولاء والإيمان.
الرسالة الرابعة: الإيمان يمكن أن يصنع الأبطال من كل البيئات:
وهب وأمه كانا نصرانيَّين، وأسلموا على يد الإمام الحسين (عليه السلام)، وفي أيام معدودة تحولوا إلى نماذج خالدة في الفداء والولاء.
هذه رسالة تقول: (لا تستخف بأحد، فباب الحسين مفتوح، وإذا دخلته بصدق، صنع منك شيئًا عظيماً).
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين (عليه السلام).