- العراق
منذ سنتين

إسلام أبي بكر

لدي استفسار عن " إسلام أبي بكر " ، وحيث إني لم أجد إجابته في كتابكم القيم " الصحيح من سيرة النبي الأعظم [ صلى الله عليه وآله ] " لذلك وددت أن أسألكم عنه الآن : من المعروف أن أبا بكر كان من أول الناكصين على أعقابهم بعد وفاة الرسول [ صلى الله عليه وآله ] ، وهو الذي كان من مؤسسي السقيفة التي جرَّت المشاكل على الإسلام إلى يومنا هذا . ولكن الغريب أن شخصية بهذا القدر من عدم ثبات الإيمان في قلبها أن ينقل التاريخ عنها بأنها دخلت في الإسلام في فترة مبكرة ، أو قل في فترة غير متأخرة ! ! . ملاحظة : حسب تحقيقكم في كتاب الصحيح قلتم بأن إسلامه كان بعد الإسراء والمعراج ، ولكن ذلك لا يدفع الإشكال حيث إن تلك الفترة أيضاً مبكرة بالنسبة لشخص لم يستقر الإسلام في قلبه ؛ فما هو جوابكم للموازنة بين هذين التناقضين : عدم ثبات إيمان الرجل ، ودخوله في الإسلام في فترة كان المسلمون يحاربون من جميع الجهات ؟


إن دخول الإسلام في وقت مبكر لا يعني الخلوص والإخلاص التام ، والإنصهار فيه وفي مبادئه ، والتزام تشريعاته . . إذ قد ذكرنا في كتابنا " الصحيح من سيرة النبي [ صلى الله عليه وآله ] " : أن دعوة النبي [ صلى الله عليه وآله ] قد اقترنت من أول يوم بالوعد الكبير بأن الله سيفتح على يديه البلاد ، إلى حد أنهم سيحصلون حتى على كنوز كسرى وقيصر . والكثيرون من الذين أسلموا كانوا معدمين في الجاهلية ، وليس لديهم مال ولا مقام ، بل كانوا يشتغلون بحرف يتصدى لها الفقراء ، كالخياطة ، والصيد ، ونش الذباب على مائدة ابن جدعان بشبع البطن وستر العورة . فدخلوا في هذا الدين ، وفيهم الصادق الإيمان ، والطامع في الحصول على الجاه والمال . . وفي الغالب كانت كيفية تعاطيه مع الأمور هي التي تكشف حقيقته ، وتفصح عن دخيلته ، فإذا كان ذلك الإنسان متفانياً في سبيل الدين ، ويقذف نفسه في لهوات المهالك دفاعاً عنه وعن نبيه الكريم ، فذلك هو المؤمن الصادق الإيمان . . وإذا كان ذلك الرجل الذي يرصد الفرص ، ليظهر نفسه في موقع الرخاء على أنه هو المدبر ، والمبادر ، والمتصدر . ثم يتحاشى الأخطار في مواقع البلاء ، ويعمل على الفرار منها . . فذلك هو الذي تكون نفسه أحب إليه من الله ورسوله ، ومن دينه ، ومن كل شيء . . وتفصيل هذه الأمور موجود في كتاب " الصحيح من سيرة النبي الأعظم [ صلى الله عليه وآله ] " فراجع . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .