يذكر في ما ينقل عن الإمام الخميني الراحل أنه كان يقول : " لو كانت الزهراء رجلاً لكانت نبياً ، و ليس أي نبي بل محمداً الخاتم ؛ فمقامها أسمى حتى من مقام الأئمة [ عليهم السلام ] إلا علي [ عليه السلام ] " .
1 - فإذا قلنا : إن محمداً [ صلى الله عليه وآله ] خير الخلق قاطبة ، وهي بمنزلته ، في حين أن الكفؤ الأوحد على وجه الأرض لها هو علي [ عليه السلام ] ، فهل مقام الأمير مقام الرسول ؟ أم أن الرسول أعظم ؟
2 - وإذا قلنا : إنها بمقام الرسول فهو خير الخلق وهي كذلك ، فهل يهفو خير الخلق و يتمنى الرقي لما هو أدنى منه ؟ بمعنى أنه جاء في الرواية : أن الرسول كان يكثر تقبيل فاطمة الزهراء [ عليها السلام ] . وهذا الأمر غير الطبيعي ما بلغ به إلى أن يثير حفيظة عائشة زوجة النبي وغيرتها من كثرة هذا التقبيل ، ليجبها النبي بعد سؤالها : أنه لما عرج به إلى السماء أكل من ثمار شجرة طوبى ، فتكونت نطفة الزهراء . وأنه كلما قبلها شم رائحة شجرة طوبى ، فهو يهفو لطوبى لا إلى ذات الزهراء . وهي بالمعيار المحدد سابقا أعظم وأسمى من طوبى وغير طوبى ، فما التوجيه ؟
أولاً : إن قول الإمام الخميني الذي ذكرتموه إنما يدل على
أفضليتها على الأئمة [ عليهم السلام ] . ويشير إليه ما روي عنهم من أن فاطمة [ عليها السلام ] حجة الله عليهم ، أو نحو ذلك .
أما القول بأنها لو كانت رجلاً لكانت نبياً ، بل محمد الخاتم ، فهو يدل على كونها في مقام النبوة و الخاتمية ، ولا يدل على أنها كالخاتم [ صلوات الله و سلامه عليه و آله ] في المنزلة و الفضل .
والشاهد على ذلك : أن الأئمة [ عليهم السلام ] جميعاً لهم منزلة الإمامة إلا أن علياً أفضلهم ، كما أن أهل الكساء أفضل من بقيتهم ؛ فحصول المنزلة لا يلزم منه حصول نفس الفضل أو الأفضلية .
وقد ورد في الروايات : أنه لو لم يكن علي لم يكن لفاطمة كفؤ ، آدم فمن دونه ؛ فكون علي كفؤاً للزهراء [ صلوات الله و سلامه عليهما ] لا يلزم منه أن تكون بمقامه ، فإن عدم كفاءة الأنبياء لها آدم فمن دونه حتى إبراهيم [ عليه السلام ] يدل على أفضليتها عليهم ، لا على علي ؛ فلا مانع من أن تكون فاطمة [ عليها السلام ] أفضل من الأنبياء جميعاً دون رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] ، وعلي [ عليه السلام ] أفضل منها ومن الأنبياء جميعاً باستثناء رسول الله أيضاً [ صلى الله عليه وآله ] .
ثانياً : أما كلامكم في موضوع شجرة طوبى ، و قولكم : هل يهفو خير الخلق و يتمنى الرقي إلى ما هو أدنى منه ، فهو غير صحيح ؛ فإن كونه يهفو إلى ما هو أدنى منه ليس معناه أنه يهفو للرقي إلى ما هو أدنى منه كما ذكرتم فإن علياً [ عليه السلام ] كان يهفو لولديه الحسنين [ عليهما السلام ] ، وهو أفضل منهما .
ثالثاً : أما بالنسبة للرواية التي ذكرتم و التي مفادها : أن إسقاط الزهراء [ عليها السلام ] لجنينها المحسن كان في الطريق ؛ فهي لا تعارض عشرات الروايات التي دلت على أن الإسقاط كان في بيتها . فلعل هذه العبارة مقحمة في أحاديث الإسقاط ، ولعل الإسقاط استند إلى الضرب في الطريق و في البيت معاً ، فيكون الضرب الذي حصل في البيت قد هيأ للإسقاط الذي حصل في الضربة الثانية . وعلى كلا الحالين فإن النصوص المتواترة تدل على حصول الإسقاط ، والاختلاف في هذه الخصوصيات لا يضر في أصل ثبوت ذلك .
والحمد لله رب العالمين . 9 شوال 1422 ه . الموافق 28 / 12 / 2001 م .