- العراق
منذ سنتين

لصدوق والشهادة الثالثة في الأذان

ما هو رأي الشيخ الصدوق [ رحمه الله ] حول الشهادة الثالثة لأمير المؤمنين [ عليه السلام ] في الأذان ؟


لقد طلب السائل منا أن نلقي الضوء على رأي الصدوق [ رحمه الله ] حول الشهادة الثالثة لأمير المؤمنين [ عليه السلام ] في الأذان ونحن إجابة لطلبه نقول : بالنسبة لما يقوله الشيخ الصدوق [ رحمه الله ] حول ذلك نقول : لقد قال الشيخ الصدوق [ رحمه الله ] : " المفوضة لعنهم الله قد وضعوا أخباراً وزادوا في الأذان " ومحمد وآل محمد خير البرية " مرتين . وفي بعض رواياتهم بعد أشهد أن محمداً رسول الله : " أشهد أن علياً ولي الله " مرتين . ومنهم من روى بدل ذلك : " أشهد أن علياً أمير المؤمنين حقاً " مرتين . ولا شك أن علياً ولي الله ، وأنه أمير المؤمنين حقاً ، وأن محمداً وآله خير البرية . ولكن ذلك ليس في أصل الأذان . وإنما ذكرت ذلك ليوف بهذه الزيادة المتهمون بالتفويض ، المدلسون أنفسهم في جملتنا " [1] . إنتهى كلام الصدوق [ رحمه الله ] . . وكلامه [ رحمه الله ] ظاهر الدلالة على أنه يتهم المفوضة بأنهم قد وضعوا أخباراً مفادها : أن هذه الجملات الثلاث : " أشهد أن علياً ولي الله " و " محمد وآل محمد خير البرية " و " أشهد أن علياً أمير المؤمنين حقاً " هي من فصول الأذان الحقيقية . . ونقول : أولاً : إن الصدوق [ رحمه الله ] لا يعترض على من يقول : إن هذه الفقرات ليست من فصول الأذان ، بل يؤتى بها على سبيل القربة المطلقة ، أو أنها من المستحب في ضمن عمل آخر ، كما هو حال فقهائنا رضوان الله تعالى عليهم ، فهم لا يعتبرونها جزء من الأذان . بل حاله حال الصلاة على النبي وآله بعد قوله : " أشهد أن محمداً رسول الله " حيث إن الروايات قد دلت على استحباب الصلاة على النبي [ صلى الله عليه وآله ] بعد " أشهد أن محمداً رسول الله " في الأذان وفي غيره [1] . . والصلاة على النبي [ صلى الله عليه وآله ] ليست من فصول الأذان قطعاً كما هو معلوم وعلى هذا الأساس ، فإن الصدوق يعترض على رواية أحاديث في جزئيتها . ويعتبر تلك الأحاديث موضوعة . ولا يعترض على من يذكر الشهادة بالأذان لا بنية كونها جزءاً منه كما يفتي به فقهاؤنا العظام . ثانياً : لنفترض جدلاً أن الصدوق [ رحمه الله ] يعترض على ذكرها في الأذان حتى من دون قصد الجزئية ، فإننا نقول إنه ليس بالضرورة أن يكون الصدوق قد أصاب حين حكم على تلك الأخبار بأنها موضوعة . فلعلها أخبار صحيحة وقد صدرت عن المعصوم بالفعل . . وقد اشتبه الأمر على الشيخ الصدوق [ رحمه الله ] . ثالثاً : إنه قد يكون [ رحمه الله ] لم يلتفت إلى أن تلك الأخبار إنما تريد الإعلام بجواز أن تقال في الأذان ، وإن لم تكن في فصوله ، تماماً كالأخبار التي تحدثت عن جواز الصلاة على النبي [ صلى الله عليه وآله ] في الأذان بعد قول : " أشهد أن محمداً رسول الله " . . رابعاً : إن مما لا ريب فيه أن بعض الأحكام لم يكن بيانه ميسوراً في بعض تلك الحقب الزمنية ، لأكثر من علة وسبب . فلم يتمكن رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] ولا أمير المؤمنين [ عليه السلام ] وكذلك بعض الأئمة [ عليهم السلام ] من بيانها . فبقيت محفوظة لدى الأئمة الطاهرين [ عليهم السلام ] ، حتى واتاهم الظرف لذلك ، فبينوها ، وأظهروها . خامساً : لقد دلت الأدلة على أن الله قد فوض للأئمة [ عليهم السلام ] جعل وإنشاء بعض الأحكام . وذلك حينما تكتمل العناصر الموجبة لذلك . وفقاً للضوابط المعطاة لهم [ صلوات الله عليهم ] . وقد فوض الله تعالى لنبيه [ صلى الله عليه وآله ] ذلك فسنّ الركعتين الأخيرتين في صلاة الظهر والعصر والعشاء ، ولأجل ذلك يعبر عن هاتين الركعتين بركعتي السنة . وعن الركعتين الأوليين بركعتي الفريضة . فلا مانع من أن تكون الشهادة الثالثة من هذا القبيل خصوصاً مع ما نعلمه من قسوة الحكام ضد أهل البيت [ عليهم السلام ] وضد شيعة علي [ عليه السلام ] الأبرار ، فهل يمكن أن يسمحوا لهم بأن يشهدوا له بالولاية في الأذان أو في غيره ؟ ! فإذا وردت أحاديث عن الأئمة [ عليهم السلام ] ولو في وقت متأخر ، فإنها تبرر فتوى بعض الفقهاء قدس الله أسرارهم بجزئيتها أيضاً . ولا معنى لإنكار الشيخ الصدوق عليهم ، إذا لم يلتفت إلى هذه الخصوصية . . ومهما يكن من أمر . . فإننا نعود فنكرر القول : إن الشيخ الصدوق [ رحمه الله ] قد أنكر تلك الروايات التي تتحدث عن جزئية هذه الفقرات للأذان ، ولا يريد أن يمنع من قولها فيه أصلاً ولو بغير عنوان الجزئية كما هو فتوى معظم فقهائنا رضوان الله تعالى عليهم . . وعلى كل حال ، فإن لهذا البحث مجالاً آخر . . وقد يجد السائل بعض اللمحات في كتابنا " خلفيات مأساة الزهراء [ ج 2 ص 438 - 444 ط سنة 1422 ه‌ ] " . . والحمد لله رب العالمين .

3