أولاً : إننا إذا شككنا في تحقق الموت بمجرد موت الدماغ ، فالعقلاء يحتمون الحكم بلزوم استمرار التعامل معه على أساس أنه حي حتى يثبت موته .
ثانياً : إن ما تترتب عليه الآثار الشرعية هو الموت التام المستغرق . أما الموت الدماغي فلا يكفي لترتب تلك الآثار ، ولأجل ذلك لا يجوز أن نبدأ بتشريح جثة الميت بمجرد موت دماغه ، وكذا لا يجوز قطع أي من أعضائه ، كيده مثلاً ، أو أن تقلع عينه ، حتى لو أوصى بها لغيره - لو صحت الوصية - ولا أن تقسم تركته ، ولا تبدأ عدة زوجته . ولعل ذلك يرجع إلى استصحاب بقاء الحياة الذي أشرنا إليه ، أو إلى أن الموت الذي تترتب عليه الآثار هو هذا الموت الذي يعرفه الناس ، أما موت الدماغ فلا يسمونه موتاً .
ثالثاً : هناك حالات ميؤوس منها ، مثل حالة العمى ، ثم نجد أن الله عز وجل يعيد للأعمى بصره بدعاء ، أو بكرامة للإمام [ عليه السلام ] ، وقد يشفى مريض السرطان بابتهال وتهجد . فلماذا لا يعيد الله الدماغ إلى الحياة بدعاء أيضاً ؟ !
ولو جاز التعامل مع الميت دماغياً معاملة الميت ، فلماذا لا يتعامل مع المشلول والأعمى بنفس هذا المنطق أيضاً فتقلع عين الأعمى ، وتقطع أعضاء المشلول ؟ ! . . وكل جارحة تعطلت في الإنسان لماذا لا تقتلع ، وتستعمل . . لصالح إنسان آخر ؟ ! .
رابعاً : إن هذه الحالات المستعصية تشكل ابتلاء للناس ؛ ليظهر مدى تحملهم وقد قال تعالى : ( أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ ) [1] . كما أن ذلك يحمل معه مثوبة للمريض ولأهله فلماذا يحرمون منها .
والخلاصة :
أن الله سبحانه قد تعامل مع الناس على أساس أن النفس الذي يتردد في صدر كل إنسان هو حق له - وقد عودنا : أنه ما دامت هناك أدنى درجة من الحياة ، فإن الله سبحانه يستجيب الدعاء فيه للبشر العاديين . . وقد أفسح المجال للإنسان أيضاً ليستعمل قدراته العلمية فقد ينجح - في آخر لحظة - في إعادة الحياة للدماغ باكتشاف علاج ناجح لهذه الحالة . . فإن جميع الاحتمالات والخيارات تبقى مفتوحة أمام الإنسان ما لم تحدث الوفاة والموت التام لكل شيء .
والحمد لله رب العالمين . .