- العراق
منذ 3 سنوات

حساب الحيوانات في الآخرة وعقابها

هل تحاسب الحيوانات في الآخرة؟


1 - إن بعض الروايات تقول : إنه سوف يقتص في الآخرة للجَّماء من القرناء . . أي أن الحيوان الذي له قرن إذا اعتدى على آخر لا قرون له ، فإنه سوف يقتصّ له منه في الآخرة . . وقد يحاول البعض أن يقول : إن هذا الحديث قد جاء على سبيل الكناية عن الإنسان الذي يملك قوى ووسائل قهر للآخرين ، واستفاد منها في هذا الاتجاه ، ضد من هو ضعيف لا يملك قدرات دفع وردع ، فإنه سوف يجازى في الآخرة على فعله هذا . . ولكننا نقول : إن هذا المعنى لو صح ، فإن ذلك لا يسقط دلالة الرواية على عقوبة الحيوانات ، لأن ظاهر الكلام هو أنه جاء على سبيل الترقي ، والانتقال من الفرد الأدنى إلى الأعلى ، أي أنه إذا كان يقتص من الحيوانات لبعضها البعض ، فما بالك بالناس العقلاء ، الذين جاءتهم الأنبياء ، بالأوامر والزواجر ، فإنهم إذا اعتدى بعضهم على بعض ستكون عقوبتهم بطريق أولى . 2 - وهناك بعض الآيات تشير إلى ذلك أيضاً ، كقوله تعالى : ( وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ) [1] . . وذلك لأنّ هناك نوعين من الوحوش : أحدهما : ما يكون طعامه لحوم الحيوانات الأخرى ، وتكون حياته قائمة على ذلك بحسب فطرته . فهذا النوع لا يلام على مبادرته للافتراس لأن قوام حياته يكون بذلك ، وذلك كالسبع من الحيوانات، والصقر من الطيور. لكن لو اعتدى هذا الحيوان على نظيره الذي لم يجعله الله طعاماً له ، أو اعتدى آكل العشب على الحيوانات الأخرى ، وأراد افتراسها وأكلها ، ولم تجعل من طعامه بحسب فطرته، فإن الله يعاقبه على ذلك، ويقتصّ له منه؛ لتجاوزه حدود فطرته. وهذا التجاوز منه يحتّم جعل الروادع له. وواضح : أن الله سبحانه لا يعاقبها في الآخرة إلا إذا كانت تعي الوعيد بالعقوبة ، بحسب ما يناسب حالها ، فيعاقبها الله ثم تعود رميماً ، ولا يكون لها جنّة ، ولا نار . وهكذا كان حال الإنسان أيضاً ، فإن الله قد جعل له لحوم بعض الحيوانات طعاماً ، على أن يميتها بطريقة معينة هي التذكية الشرعية ، فإن تجاوز ذلك وأراد التعدي على غيرها ، أو أراد إماتتها بغير الطريق الشرعي، ولا وجه حقّ من إضرار وما شابه، فإنّه سيعاقب على هذا التعدّي، أو ستنزل درجته الكمالية، ولكن له جنّة وله نار بخلاف سائر الحيوانات .

5