ذكر المؤرخون حول تاريخ الغزوة أنّ رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم لمّا فتح مكّة لثلاث عشرة مضت من رمضان، وكان فتح مكّة يوم الجمعة لعشر بقين من رمضان من السنة الثامنة للهجرة، فأقام صلی الله عليه وآله وسلم بمكّة خمس عشرة ليلة، ثم غدا يوم السبت لستّ ليال خلون من شوّال إلى منطقة حُنين.
وكان الرسول (ص) يخطط للمعركة ويعد لها عدّتها حيث نظم صفوف جيشه فعبّأ (ص) أصحابه وصفّهم صفوفا في السّحر، ووضع الألوية والرايات في أهلها، مع المهاجرين لواء يحمله عليّ عليه السلام، وفي الأنصار رايات، مع الخزرج لواء يحمله الحُباب بن المُنذر- و يقال لواء الخزرج الأكبر مع سعد بن عبادة- ولواء الأوس مع أسيد بن حضير، وفي كلّ بطن من الأوس والخزرج لواء أو راية
اختلفت كلمة المصادر التاريخية في المقاتلين الذين ثبتوا مع رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم فقيل هم أربعة: علي بن أبي طالب (عليه السلام)، والعباس بن عبد المطلب، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب من بني هاشم، وابن مسعود.وفي رواية أخرى انهزم المسلمون عن رسول الله حتى بقي في عشرة من بني هاشم، وقيل تسعة، وهم: علي بن أبي طالب، والعباس بن عبد المطلب، وأبو سفيان بن الحارث، ونوفل بن الحارث، وربيعة بن الحارث، وعتبة ومعتب ابنا أبي لهب، والفضل بن العباس، وعبد الله بن الزبير بن عبد المطلب، وقيل أيمن بن أمّ أيمن.وقد بلغ عدد الفارين من المعركة ما بين مائة وثلاثمائة من الرجال.
وقال ابن إسحاق: فلما انهزم الناس، ورأى من كان مع رسول اللهصلی الله عليه وآله وسلم من جفاة أهل مكة الهزيمة، تكلّم رجال منهم بما في أنفسهم من الضّغن، فقال أبو سفيان بن حرب: لا تنتهي هزيمتهم دون البحر، وإن الأزلام لمعه في كنانته. وصرخ جبلة بن الحنبل- وقال ابن هشام: كلدة بن الحنبل-: ألا بطل السّحر اليوم. وقال شيبة بن عثمان بن أبي طلحة الذي قتل يوم أحد: اليوم أدرك ثأري من محمد.
في تلك الأجواء العصيبة أمر الرسول (ص) عمَّه العباس الذي كان صاحب صوت عظيم أن ينادي في المسلمين الذين كانوا يواصلون فرارهم، ولا يلوون على شيء: فأخذ العباس بزمام ناقة الرسول وأخذ ينادي "يا معشَر الأنصار، يا معشر السَمُرة، يا أصحاب سورة البقرة" ويقصد من السمرة الشجرة التي كانت عندها بيعة الرضوان. فبلغت صرخاتُ العباس مسامع المسلمين فثارت حميتُهم، وأخذوا يثوبون إلى رسول اللّه صلی الله عليه وآله وسلم وهم يقولون: لبيك لبيك.فكان الرجل منهم يريد ليثني بعيره، فلا يقدر على ذلك، فيأخذ درعه فيقذفها في عنقه، ويأخذ سيفه وترسه، ثم يقتحم عن بعيره فيخلي سبيله في الناس، ثم يؤم الصوت، حتى ينتهي إلى رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم، حتى إذا اجتمع إليه صلی الله عليه وآله وسلم منهم مائه رجل إستقبلوا الناس- أي المشركين-، فاقتتلوا.
روى أبو يعلى والطبراني برجال ثقات عن أنس، قال: وكان عليّ- رضي الله عنه- يومئذ أشدّ الناس قتالا بين يديه.ومضى علي بن أبي طالب إلى صاحب راية هوازن فقتله. وجاء في الكافي وإعلام الورى أن عليّاً عليه السلام قتل أربعين رجلاً من المشركين.
جاء في رواية الطبري، فأخذ النبي صلی الله عليه وآله وسلم حفنة من تراب، فرمى بها في وجوههم، و قال: حم لا ينصرون!. فولى المشركون مدبرين.وقد صرّح القرآن الكريم والأحاديث الشريفة بنزول الملائكة يوم حُنين.
بلغ عدد قتلى المشركين من بني مالك من قبيلة ثقيف سبعين قتيلاً.وفي رواية أخرى أن قتلى هوازن كان بعدد قتلى المشركين في بدر أي سبعين قتيلا. وفي رواية المسعودي: وقتل دريد بن الصمة يومئذ في نحو من مائة وخمسين رجلاً من هوازن، وهرب مالك بن عوف. وكان السبي ستة آلاف رأس. والإبل أربعة وعشرين ألف بعير. والغنم أكثر من أربعين ألف شاة. وأربعة آلاف أوقية فضة.