السلام عليكم ورحمة اللّٰه وبركاته
ابنتي الكريمة، كان الله في عونكِ وأن ما تعانين منه للأسف الشديد مشكلة حاصلة لكثير من المؤمنات، وهنا بعض النصائح:
١- يقول تعالى في سورة المدثر: ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (٣٨)﴾. فالكل مكلف، والكل يحمل وزر عمله، ولا يقع على الآخر فعل غيره، فإذا قصر شخص (مهما كان) بوظائفه الشرعية، فهذا لا يعني أن نقصر نحن بوظائفنا الشرعية، والواجب قدر المستطاع النصح بالتي هي أحسن، ولا يجوز الكلام عن الوالدين بغيابهما أمام الصديقات، فإن هذا من الغيبة وهي من الكبائر، فعليكِ بالإستغفار والتوبة النصوح.
٢- هل طاعة الوالدين واجبة مطلقاً؟
[أرجو قراءة الجواب إلى نهايته وبدقة].
الجواب:
فيما يرجع إلى شؤون البنت أو الولد مما يترتب عليه تأذّي أبويه فهو على قسمين:
الأول: أن يكون تأذّيه ناشئاً من شفقته [أي الأذى للأب أو الأم يتأذون على البنت أو الولد بسبب الرحمة والشفقة على بنتهما أو ولدهما]
فيحرم التصرّف المؤدّي إليه سواء نهاه عنه أم لا.
ولاحظي - ابنتي - أن الأذية (المحرمة) هي التصرف الذي نفعله ويتأذى الأب أو الأم نتيجة ما يحملوه من عطف ورحمة وشفقة علينا.
الثاني: أن يكون تأذّيهما ناشئاً من اتصافهما ببعض الخصال الذميمة، كعدم حبّهما الخير لبنتهما أو لولدهما دنيوياً كان أم اخروياً، ولا أثر لتأذّي الوالدين إذا كان من هذا القبيل، ولا يجب على البنت أو الولد التسليم لرغباتهما من هذا النوع.
وبذلك يظهر أن إطاعة الوالدين في أوامرهما ونواهيهما الشخصية غير واجبة في حد ذاتها.
٣- نحن لا نقول أن الوالدين ملائكة أو لديهم العصمة، كلا، إطلاقاً، بل هم بشر يخطيء ويُصيب.
والمهم هو أن يكون تصرفنا - في حال الإساءة منهما - وفق الموازين الشرعية.
بمعنى: إن كانا قد ارتكبا إثماً في حقنا، فهذا لا يعني أن نرتكب الإثم في حقهم، فلا عقوق يصدر منا تجاههم.
كما أن الصبر على أذاهم - إن صدر منهم - لهو عمل عظيم عند اللّٰه سبحانه، يقول (عزَّ وجلَّ) في سورة الزمر: ﴿ ... المزید إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ (١٠)﴾.
وتذكري - ابنتي - أن التقرب إلى الله يكون بطرق عدة، والمهم هو اتيان الواجبات وتجنب المحرمات، والصبر قريب بحول الله وقوته، وحاولي إذا من تقدم لخطبتكِ وهو صاحب خلق و دين فإقبلي فإن البركة والخلاص بالزواج الصالح إن شاء الله تعالى.
نسأل اللّٰه تعالى أن يأخذ بأيديكم إلى ما فيه الخير والصلاح والتوفيق والتسديد بالنبي وآله (صلوات اللّٰه وسلامه عليهم أجمعين).