السلام عليكم.
في الأونه الاخيره انتشر استعمال السوشيل ميدا وكثر من البنات تضهر بدون حجاب وكل من تنصحه يقول الله ينضر الى قلوبكم وليس الى حركاتكم فما رأي سماحتكم بهذا الموضوع ارجو الرد كثير من البنات نحرفت نحو هذا الكلام
وثانيا اذا نشرت مقاطع لرجلي ويدي ونص وجهي هل هي حرام ارجو الرد
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
١- الروايه المنقولة في السؤال بغض عن اختلافها و سندها هي كالتالي :
إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ" فهو حجة عليهم لا لهم؛
لأنه صلى الله عليه واله لم يقل "ولكن ينظر إلى قلوبكم" حتى عطف عليها "وأعمالكم"
يعني التي تنبثق من تلك القلوب، والتي لا بد أن تكون صالحة موافقة لمرضاة الله عز وجل مرجوا بها وجهه سبحانه، وقد قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}
فالذي ذكر لكم الروايه يريد ان يدلس عليكم وليس اهلا للسماع منه لعدم أمانته العلمية في النقل !
٢- علينا أن ننبّه هنا إلى أنّ القضايا الإسلامية الإشكاليّة، ومنها القضايا المتصلة بالمرأة كقضيّة الحجاب لا يصح أن تدرس بشكل تجزيئي (بالمفرق)، لأنّ دراستها كذلك لن تقدم صورة كاملة عن حقيقة التصور الإسلامي إزاء القضية التي هي مورد النظر، وربما نخرج بنتائج مغايرة لحقيقة التعاليم الإسلامية، وإنّما يفترض أن تدرس – قضية الحجاب - في إطار الرؤية الإسلامية العامة حول المرأة ودورها في الحياة والتي هي بدورها جزء من الصورة الاسلامية العامة، والجزء الآخر المكمل للصورة هو وظيفة الانسان – رجلاً أو امرأة – في نظام الخلق ودوره في الحياة، ومن هنا فإننا نحكم بخطأ الذين يدرسون مسألة ميراث المرأة – مثلاً- ونقصانه عن ميراث الرجل بعيداً عن النظام الاقتصادي العام ومسؤوليات الرجل في هذا النظام وما يتحمله من أعباء مالية تفوق بكثير أعباء المرأة.
وهكذا الحال في قضية الستر، فإنّ المنهج الصحيح في دراستها هو وضعها في إطار الرؤية الإسلامية العامة حول المرأة ودورها في الحياة جنباً الى جنب مع دور الرجل، هذه الرؤية القائمة على مبدأ تكريم المرأة كإنسان، ومن مقتضيات التكريم أن يتمّ التعامل معها على أساس أنّها إنسان وليست مجرد أنثى أو مجرد جسد فحسب، وهو يقتضي أن تخرج إلى المجتمع أيضاً كأنسان لا كأنثى تظهر مفاتنها أمام الجمهور، وأنا أسأل: أين كرامة المرأة وحرمتها إزاء ما يتعامل به الإعلام الدعائي معها؟ ألم تتحول المرأة إلى سلعة للدعاية إلى حد امتهانها والاتجار بجسدها؟
٣-ولا يمكننا أيضاً أن نقبل بالطرح الذي يرى أن الحجاب مسألةُ شخصية ويدخل في إطار ممارسة المرأة لحريتها الشخصية، والوجه في رفض ذلك:
أولاً: إنّ الحرية لا تمارس في الهواء الطلق أو في الفراغ، وإنما تُمَارَسُ في فضاء اجتماعي معين له منظومة قيمية وأخلاقية، ولذا لا بد أن تُمَارِسَ المرأة - كما الرجل - حريتها في إطار هذا المناخ الاجتماعي، أما الحرية المطلقة والمجردة عن كل قيد، فهذه أقرب إلى التفلت منها إلى مفهوم الحرية.
ثانياً: إنّ من يريد محاكمة الإسلام في أي حكم من أحكامه، ومنها موضوع الحجاب الذي يُدَعَّى أنّه يقيد حرية المرأة، فليس من حقه أن يحاكمه انطلاقا من قِيَم حضارة أخرى أو وفقاً لمبادئها وقوانينها، وإنما يحاكم – كغيره من التصورات- إمّا على أساس ما يتبناه هو من مبادىء، أو في ضوء المبادىء الإنسانية والعقلائية العامة، وإنّها لمفارقة عجيبة أن يُحاكم الإسلام بسبب عدم انسجامه مع مبادىء الحضارة الغربية بينما لا تُحاكم تلك الحضارة – مثلاً- وفق قيمنا الحضارية!
ثالثاً: إنّ حجاب المرأة - كما السفور- له تأثيره الإجتماعي وارتباطه الجلي بالجنس الآخر وهو الذكر، والإنسان عندما يمارس حريته فهو لا يمارسها في الهواء الطلق، ولذا كان من الضروري أن يُلاحَظ مدى تأثير التزامه بحقه في الحرية على الأخرين، لأننّا نزعم أنّ للسفور تأثيراً سلبياً على الرجل وعلى المجتمع عامة، ولهذا لا يصح مقاربة المسألة من زاوية الحريات الشخصية فحسب، بل لا بدّ من مقاربتها من زاوية تأثيرها على المجتمع.
ولنا هنا أن نسأل الذين يربطون المسألة بالحرية الشخصية للمرأة بعيداً عن تأثير ذلك على المجتمع:
ما رأيكم لو أنّ المرأة أرادت الخروج عارية – مثلاً- فهل يمكن القبول بذلك بحجة أنّها حرّة في جسدها ولها أن تفعل به ما تشاء؟!
أتسمح الأنظمة التي تنادي بحرية المرأة أن تخرج المرأة عارية أو يخرج الرجل عارياً؟ والجواب بالنفي، لماذا؟ لأنّ ذلك يخدش الحياء العام ويخلق في المجتمع حالة من الاستنفار الجنسي والغرائزي، وإذا كان هناك رفض شبه عام عند معظم الناس ولو كانوا غير مسلمين للتعري التام، فهذا يعني أنَّ مبدأ التستر صحيح، وأنّ المسألة ليست مسألة حرية شخصية، لأن المرأة لا تمارس حريتها في فضاء معزول عن الناس.
إننا نعتقد أنّه ليس مسموحا للمرأة – كما الرجل- تحت عنوان الحرية الشخصية أن تسيء الى الأمن الأخلاقي للمجتمع، تماماً كما لا يسمح للإنسان أن يسيء الى الأمن العام للمجتمع بحجة أنه حر، ألم يقولوا: إنّ حريتك تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين..
هل لنا أن نفرض الحجاب؟
في حال اقرارنا بأنّ مسألة الستر ليست داخلة في نطاق الحريات الشخصية المحضة فلا يكون مستغرباً بعد ذلك أن يأمر الاسلام بالحجاب ويعتبره واجباً، وبالتالي يكون حاله حال سائر الواجبات، ومن الطبيعي حينئذ أن يتحمّل الآباء والأمهات مسؤلية حثِّ بناتهن وحملهن على ارتداء الحجاب، كما يتعاملون مع أبنائهم في موضوع الصلاة - مثلاً- حيث يأمرونهم بالصلاة على قاعدة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة} (التحريم: 6)،
لكن التشريع لا يسمح للأبوين باستخدام أسلوب التعنيف والضرب مع البنت لعدم التزامها بالحجاب، على أنّ هذا الاسلوب ليس صحيحاً من الناحيّة التربوية، وهو بالتأكيد لن يجدي نفعاً في تحقيق الهدف المنشود من فرض الحجاب .
وهكذا فإنّ القضيّة لا تُعالج بمنطق الأوامر الاعتباطيّة الفوقيّة الشبيهة بالقرارات العسكرية، وإنّما لا بدّ من اعتماد أسلوب اقناعي تربوي محبب يبشر ولا ينفر، لأنّ مشكلة الكثير من الآباء والأمهات أنّهم لا يستطيعون إقناع الأولاد بما هم عليه من عادات وتقاليد، فيعمدون إلى لغة الفرض والإجبار، وقد تحاول بعض الأمهات فرض طريقتها الخاصة وعاداتها في لبس الحجاب على بنتها، وهذا خطأ فادح، لأنّ هذا الأمر يدخل في نطاق المتحرك،
كما يستفاد مما روي عن الإمام علي (عليه السلام ): "لا تقسروا أولادكم على آدابكم فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم.."
٤- ما صدر منكم حرام و يجب عليكم التوبة و الاستغفار وعدم العودة الى مثلها
٥-يمكننا الاستدلال على وجوب الستر و الحجاب بدليلين أساسيين، هما الكتاب والسنة.
أولاً: من القرآن :
اشتمل القرآن الكريم على عدة آيات تدلّ على وجوب الحجاب نذكر بعضها:
1- قال تعالى: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو أبنائهن ... المزیدولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن..} (النور 31).
وموضع الاستدلال في هذه الآية هو فقرتان :
الأولى: قوله: { ولا يبدين زينتهن إلاّ ما ظهر منها}، فإنّ في تفسيرالزينة التي نهى الله عن إبدائها رأيين:
الأول: أن يُراد بها الزينة الطبيعيّة، أي مواضع الزينة، فتكون دلالة الآية على لزوم ستر مفاتن الجسد واضحة ومُبَاشِرَة، وهذا التفسير توحي به بعض الروايات وهي رواية الفضيل، قال سألت أبا عبد الله(ع) عن الذراعين من المرأة، أهما من الزينة التي قال الله تبارك وتعالى {ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن} ؟ قال: نعم، وما دون الخمار من الزينة، وما دون السوارين" ،
وقوله (عليه السلام ): "ما دون الخمار"، يعني ما يستره الخمار من الرأس والرقبة، وقوله: "ما دون السوارين" أي ما دون الكفين، فتشمل الساعدين والعضدين .
الثاني: أن يُراد بالزينة معناها الظاهر، وهي الزينة الخارجيّة المعروفة التي تضعها النسوة على أجسادهن، والنهي عن إظهار الزينة ملازم للنهي عن إظهار مواضعها، لأنّ كشف الزينة متلازم مع كشف مواضعها وبعض الروايات الواردة عن الأئمة(ع) تشهد للتفسير الثاني .
الثانية: قوله تعالى: { وليضربن بخمرهن على جيوبهن}، فإنّ الخُمُرَ جمع خمار، وهي أغطية الرأس، والجيوب هي فتحة القميص، والمراد بها الصدر من باب إطلاق اسم الحال على المحل، ويلاحظ أنّ الآية لم تأمر النساء بارتداء الخمار، وإنّما أمرت بإلقائه على الجيوب، ما يعني أنّها تفرض الخمار موجوداً ولكنّها تأمر بارتدائه بكيفية خاصة، وهي ستر الجيوب به، وهذا المعنى يتضح جلياً من خلال الرجوع إلى عادة النساء إبان نزول الآية، مما ذكرته المصادر التاريخية، حيث قيل: إن جيوب النساء في الجاهلية كانت واسعة تبدو منها نحورهن وصدورهن وما حواليها وكنّ يسدلن الخُمُرَ من ورائهن فتبقى مكشوفة، فأُمِرْنَ أن يَسْدُلْنَها من قدامهن حتى يغطينها ، وهذا ما يستفاد من بعض روايات أهل البيت (ع)، فقد جاء في الكافي في سبب نزول الآية
رواية معتبرة عن الإمام الباقر (عليه السلام )، قال: "استقبل شاب من الأنصار إمرأة بالمدينة وكان النساء يتقنعن خلف آذانهن، فنظر إليها وهي مقبلة"
2- إنّ المناخ القرآني العام يوحي بوجوب الستر والعفة ، وذلك يتضح من خلال التأمل في جملة من الآيات القرآنية، من قبيل قوله تعالى: {فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض}،(الأحزاب: 32)،
فإن المرأة إذا كانت مدعوّةً في أسلوب تخاطبها مع الرجال الأجانب إلى التزام الكلام المتزن والبعيد عن الإغراء، فكيف يُسمح لها بكشف مفاتنها التي هي أشد وقعاً في إغراء الرجال وإثارتهن من مجرد الكلمات؟! .
ونحوه في الدلالة قوله تعالى: {ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن}، (النور: 31)،
فإذا كان ضرب الأرجل بالأرض بهدف إلفات نظر الرجال وإثارتهم محرماً، فيستفاد من ذلك أنّ كل ما يحقق الإثارة هو أمر محرّم ولا يرضى به المشرع الإسلامي.
ونحوه أيضاً قوله تعالى: {والقواعد من النساء اللائي لا يرجون نكاحاً ليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة}،(النور: 60)،
فهذه الآية رخّصت في التخفّف من اللباس للنساء اللاتي لا يرجون نكاحاً، وهنّ اللواتي بلغن سناً لا يرغب بهن الرجال ولا يرغبن بالرجال، وهذا معناه أنّ النساء اللاتي لا زِلْنَ في سنٍ يَرْغَبُ بهن الرجال ويرغبن في الرجال فلا يجوز لهن التكشف أمام الرجال الأجانب، إلا ما خرج بالدليل من الوجه والكفين وظاهر القدمين .
ثانياً: من السنة:
ثمّ لو أنّ القرآن الكريم - من خلال الآيات المتقدمة - كان فيه شيء من الإجمال في أمر الحجاب وتفاصيل الستر، فإنّ السنة الشريفة توضّح ذلك بما لا لبس فيه، ولا يخفى أنّ الروايات الواردة من طرق السنة والشيعة تدلُّ بوضوح على أنّ وجوب الستر هو أمرٌ مفروغ منه، وإنّما محط النظر- في تلك الروايات - هو في التفاصيل، كتغطية الوجه وعدمها، وقبل أن نشير إلى بعض هذه الروايات لا بد أن ننبه إلى مسألة مهمة تتصل بتصحيح خللٍ منهجي، يتصل بمرجعية السُّنة النبوية الشريفة في عملية إثبات الأحكامة الشرعية.
وأما الروايات الدالة على وجوب الستر والحجاب، فهي كثيرة ومستفيضة، وبعضها يدلُّ على هذا الحكم بالصراحة، وبعضها بالملازمة، ولا شكَّ في حصول الوثوق بصدور مضمون هذه الأخبار عن النبي (صلى الله عليه واله ) والأئمة المعصومين (عليهم السلام )، فمن هذه الروايات: صحيحة الفضيل المتقدمة، ومنها: صحيحة مسعدة بن زياد قال: سمعت جعفر وسئل عما تظهره المرأة من زينتها ؟ قال : "الوجه والكفين" . إلى غير ذلك من الروايات الواردة من طرق الشيعة والسنة .