السلام عليكم ورحمة الله
روى الشيخ الكليني (رحمه الله) في كتابه الكافي (الرواية٧٩) ج ٨ ص ١٠٤- ١٠٥- ١٠٦:
عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي عبيدة الحذاء، عن ثوير بن أبي فاختة قال: سمعت علي بن الحسين (عليهما السلام) يحدث في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: حدثني أبي أنه سمع أباه علي بن أبي طالب (عليه السلام) يحدث الناس قال: إذا كان يوم القيامة بعث الله تبارك وتعالى الناس من حفرهم عزلا بهما، جردا مردا في صعيد واحد يسوقهم النور وتجمعهم الظلمة حتى يقفوا على عقبة المحشر فيركب بعضهم بعضا ويزدحمون دونها فيمنعون من المضي، فتشتد أنفاسهم ويكثر عرقهم وتضيق بهم أمورهم ويشتد ضجيجهم وترتفع أصواتهم قال: وهو أول هول من أهوال يوم القيامة، قال فيشرف الجبار تبارك وتعالى عليهم من فوق عرشه في ظلال من الملائكة فيأمر ملكا من الملائكة فينادي فيهم: يا معشر الخلائق انصتوا و استمعوا منادي الجبار، قال فيسمع آخرهم كما يسمع أولهم قال: فتنكسر أصواتهم عند ذلك وتخشع أبصارهم وتضطرب فرائصهم وتفزع قلوبهم ويرفعون رؤوسهم إلى ناحية الصوت " مهطعين إلى الداع قال: فعند ذلك يقول الكافر: " هذا يوم عسر.
قال: فيشرف الجبار عز وجل الحكم العدل عليهم فيقول: أنا الله لا إله إلا أنا الحكم العدل الذي لا يجور اليوم أحكم بينكم بعدلي وقسطي لا يظلم اليوم عندي أحد، اليوم آخذ للضعيف من القوي بحقه ولصاحب المظلمة بالمظلمة بالقصاص من الحسنات والسيئات واثيب على الهبات ولا يجوز هذه العقبة اليوم عندي ظالم ولا حد عنده مظلمة إلا مظلمة يهبها صاحبها وأثيبه عليها وآخذ له بها عند الحساب، فتلازموا أيها الخلائق واطلبوا مظالمكم عند من ظلمكم بها في الدنيا وأنا شاهد لكم عليهم وكفى بي شهيدا.
قال: فيتعارفون ويتلازمون فلا يبقى أحد له عند أحد مظلمة أو حق إلا لزمه بها، قال: فيمكثون ما شاء الله فيشتد حالهم ويكثر عرقهم ويشتد غمهم وترتفع أصواتهم بضجيج شديد، فيتمنون المخلص منه بترك مظالمهم لأهلها قال: ويطلع الله عز وجل على جهدهم فينادي مناد من عند الله تبارك وتعالى - يسمع آخرهم كما يسمع أولهم -:
يا معشر الخلائق أنصتوا لداعي الله تبارك وتعالى واسمعوا إن الله تبارك وتعالى يقول [لكم]: أنا الوهاب إن أحببتم أن تواهبوا فتواهبوا وإن لم تواهبوا أخذت لكم بمظالمكم قال: فيفرحون بذلك لشدة جهدهم وضيق مسلكهم وتزاحمهم قال: فيهب بعضهم مظالمهم رجاء أن يتخلصوا مما هم فيه ويبقى بعضهم فيقول: يا رب مظالمنا أعظم من أن نهبها قال: فينادي مناد من تلقاء العرش أين رضوان خازن الجنان جنان الفردوس قال: فيأمره الله عز وجل أن يطلع من الفردوس قصرا من فضة بما فيه من الأبنية والخدم، قال:
فيطلعه عليهم في حفافة القصر الوصائف والخدم قال: فينادي مناد من عند الله تبارك
وتعالى: يا معشر الخلائق ارفعوا رؤوسكم فانظروا إلى هذا القصر، قال: فيرفعون رؤوسهم فكلهم يتمناه، قال: فينادي مناد من عند الله تعالى: يا معشر الخلائق هذا لكل من عفا عن مؤمن، قال: فيعفون كلهم إلا القليل، قال: فيقولن الله عزو جل لا يجوز إلى جنتي اليوم ظالم ولا يجوز إلى ناري اليوم ظالم ولاحد من المسلمين عنده مظلمة حتى يأخذها منه عند الحساب، أيها الخلائق استعدوا للحساب، قال: ثم يخلى سبيلهم فينطلقون إلى العقبة يكرد بعضهم بعضا حتى ينتهوا إلى العرصة والجبار تبارك وتعالى على العرش قد نشرت الدواوين ونصبت الموازين واحضر النبيون والشهداء وهم الأئمة يشهد كل إمام على أهل عالمه بأنه قد قام فيهم بأمر الله عز وجل ودعاهم إلى سبيل الله قال: فقال له رجل من قريش يا ابن رسول الله إذا كان للرجل المؤمن عند الرجل الكافر مظلمة أي شئ يأخذ من الكافر وهو من أهل النار؟ قال: فقال له علي بن الحسين (عليهما السلام):
يطرح عن المسلم من سيئاته بقدر ما له على الكافر فيعذب الكافر بها مع عذابه بكفره عذابا بقدر ما للمسلم قبله من مظلمة.
قال: فقال له القرشي: فإذا كانت المظلمة للمسلم عند مسلم كيف تؤخذ مظلمته من المسلم؟ قال: يؤخذ للمظلوم من الظالم من حسناته بقدر حق المظلوم فتزاد على حسنات المظلوم، قال: فقال: له القرشي: فإن لم يكن للظالم حسنات؟ قال: إن لم يكن للظالم حسنات فإن للمظلوم سيئات يؤخذ من سيئات المظلوم فتزاد على سيئات الظالم.