logo-img
السیاسات و الشروط
حسن ( 18 سنة ) - العراق
منذ شهر

تفسير آية جاء من أقصى المدينة

السلام عليكم ما تفسير قول تعالى وجاء من أقصى المدينه رجل يسعى قال ياقوم اتبعو المرسلين


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أهلاً وسهلاً بكم في تطبيق المجيب ولدي العزيز، نذكر لك تفسيراً مختصراً لهذه الآية الشريفة. القرية " في الأصل اسم للموضع الذي يجتمع فيه الناس، وتطلق أحيانا على نفس الناس أيضا، لذا فمفهومها يتسع حتى يشمل المدن والنواحي، وأطلقت في لغة العرب وفي القرآن المجيد مرارا على المدن المهمة مثل " مصر " و " مكة " وأمثالهما(١). وأقصى المدينة أبعد مواضعها بالنسبة إلى مبدء مفروض، وقد بدلت القرية في أول الكلام مدينة هنا للدلالة على عظمها وتساعها، والسعي هو الاسراع في المشي. وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى، أشير إلى اهتمام الرجل نفسه بإيصال الخبر وإبلاغه، فالاهتمام بمجيئه من أقصى المدينة ليعلم أن لا تواطؤ بينه وبين الرسل في أمر الدعوة(٢). بل يدلّل على أنّ دعوة هؤلاء الأنبياء وصلت إلى النقاط البعيدة من المدينة، وأثّرت على القلوب المهيّأة للإيمان، ناهيك عن أنّ أطراف المدن عادةً تكون مراكز للمستضعفين المستعدين أكثر من غيرهم لقبول الحقّ والتصديق به(٣). وكان اسمه حبيب النجار، عن ابن عباس وجماعة من المفسرين، وكان قد آمن بالرسول عند ورودهم القرية، وكان منزله عند أقصى باب من أبواب المدينة، فلما بلغه أن قومه قد كذبوا الرسل وهموا بقتلهم، جاء يعدو ويشتد، (قال يا قوم اتبعوا المرسلين) الذين أرسلهم الله إليكم، وأقروا برسالتهم(٤). فتشير هذه الآيات إلى جانب آخر من جهاد الرسل الذي وردت الإشارة إليه في هذه القصّة. والإشارة تتعلّق بالدفاع المدروس للمؤمنين القلائل وبشجاعتهم في قبال الأكثرية الكافرة المشركة .. وكيف وقفوا حتّى الرمق الأخير متصدّين للدفاع عن الرسل. فهذا الرجل الذي يذكر أغلب المفسّرين أنّ اسمه "حبيب النجّار" هو من الأشخاص الذين قُيّض لهم الإستماع إلى هؤلاء الرسل والإيمان وأدركوا بحقّانية دعوتهم ودقّة تعليماتهم، وكان مؤمناً ثابت القدم في إيمانه، وحينما بلغه بأنّ مركز المدينة مضطرب ويحتمل أن يقوم الناس بقتل هؤلاء الأنبياء، أسرع- كما يستشفّ من كلمة يسعى- وأوصل نفسه إلى مركز المدينة ودافع عن الحقّ بما إستطاع. بل إنّه لم يدّخر وسعاً في ذلك. والتعبير بـ "رجل" بصورة النكرة يحتمل انّه إشارة إلى أنّه كان فرداً عادياً، ليس له قدرة أو إمكانية متميّزة في المجتمع، وسلك طريقه فرداً وحيداً. وكيف أنّه في نفس الوقت دخل المعركة بين الكفر والإيمان مدافعاً عن الحقّ، لكي يأخذ المؤمنين في عصر الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) درساً بأنّهم وإن كانوا قلّة في عصر صدر الإسلام، إلاّ أنّ المسؤولية تبقى على عواتقهم، وأنّ السكوت غير جائز حتّى للفرد الواحد. والتعبير بـ "ياقوم" يوضّح حرقة هذا الرجل وتألمّه على أهل مدينته، ودعوته إيّاهم إلى اتّباع الرسل، تلك الدعوة التي لم تكن لتحقّق له أي نفع شخصي(٥). دمتم في رعاية الله وحفظه ………………… ١- الأمثل، الشيخ ناصر مكارم الشيرازي، ج ١٤، ص ١٥٠. ٢- تفسير الميزان، السيد الطباطبائي، ج ١٧، ص ٧٥، بتصرف. ٣- الأمثل، الشيخ ناصر مكارم الشيرازي، ج١٤، ص ١٥٦. ٤- بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج ٦٤، ص ٢٠٤. ٥- الأمثل، الشيخ ناصر مكارم الشيرازي، ج١٤، ص ١٥٦، بتصرف.