السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
آثار الرياء على الفرد.
إنّ أهمَّ ما يسبّبهُ الرياء من الآثار على الفرد يمكن
اجماله بالنقاط التالية:
أ ـ خلع الايمان وسلبه. سُئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم : فيما النجاة غداً؟
فقال صلى الله عليه وآله وسلّم : :إنّما النجاة في أن لا تخادعوا الله فيخدعكم، فإنّهُ من يخادع الله، يخدعه ويخلع منه الايمان، ونفسه يخدع لو يشعر» فقيل له: وكيف يخادع الله؟ قال صلى الله عليه وآله وسلّم : «يعمل بما أمر الله ثمَّ يريد به غيره».
ب ـ احباط الأجر وعدم قبول العمل. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم : «إنّ المرائي ينادى عليه يوم القيامة، يافاجر، يا غادر، يامرائي، ضلّ عملك وحبطك أجرك، اذهب فخذ أجرك ممن كنت تعمل له».
حـ ـ الإعتلال في الباطن. قال امير المؤمنين عليه السلام : «المرائي ظاهره جميل وباطنه عليل».
د ـ الافتضاح في الدنيا قبل الآخرة وانكشاف أمره. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم: «من أسرّ سريرة ردّأه الله رداءها، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر».
هـ ـ العذاب الشديد يوم القيامة. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم : «أشدّ الناس عذاباً يوم القيامة، مَنْ يرى الناس أنّ فيه خيراً ولا خير فيه».
وأما أثاره على المجتمع:
للرياء مساوئ وآثار وخيمة على المجتمع أهمها ما يلي:
أ ـ التفشي في المجتمع بالانتقال من المبتلي به (بالرياء) الى الاصحاء.
بل يصبح ذلك خُلُقاً يتوارثه الاجيال إذا صارَ ظاهرة عامة للمجتمع نتيجة التفشي الكبير.
ب ـ حدوث الدعاوي والخصومات، بسبب اغترار الابرياء والبسطاء بالمرائين، حيث يدعوهم صلاح ظاهرهم الى الاعتماد عليهم والثقة بهم، ثمّ يبين خداعهم بعد افتضاحهم، فتقع تلك الخصومات والدعاوي.
حـ ـ حلول العقاب الالهي وعمومه، اذا بلغ من الناس أن يكون دينهم رياءً دون أن يخالطهم خوف، فيدعون عند ذلك فلا يستجاب لهم.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم : «سيأتي على الناس زمان تخبث فيه سرائرهم وتحسن فيه علانيتهم طمعاً في الدنيا، لا يريدون به ما عند ربّهم، يكون دينهم رياء لا يخالظهم خوف، يعمّهم الله بعقابٍ فيدعونه دعاء الغريق فلا يستجيب لهم».
الاسباب والبواعث:
1 ـ دنو مستوى الوعي في إمور الدين، الفقهية منها وغيرها.
2 ـ عدم الإهتمام بتزكية النفس وتربيتها.
3 ـ حب الجاه والسمعة ومدح الآخرين وإطرئهم.
4 ـ الطمع، من أجلِ الحصول على مكسبٍ ماديٍّ أو معنوي.
5 ـ الخشية من ذمّ وانتقاد الناس.
6 ـ الاختلاط برفاق السوء ومعاشرتهم والتأثر بأخلاقهم.
علاج الرياء التفكّر في عظمة الله الخالق وحقّه العظيم وأنّ الله لا يقبل عمل المرائي.
فعن الصادق عليه السلام قال : « كلّ رياء شرك إنّه من عمل للناس كان ثوابه على الناس ، ومَن عمل لله كان ثوابه على الله ».
وفي الحديث القدسي قال الله تعالى : « أنا خير شريك ، مَن أشرك معي غيري في عمل عمله لم أقبله وهو لمَن عمل له ولا أقبل إلّا ما كان خالصاً لي وحدي ».
نعم قد يوسوس الشيطان ليمنع المؤمن من العبادة فيظهر له أنّه مراءٍ فلا بدّ من عدم الاهتمام بذلك والاستمرار في العبادة.
ففي الحديث عن الصادق عليه السلام : « إذا أتى الشيطان أحدكم وهو في صلاته فقال إنّك مرائي فليطل صلاته ما بدا له ما لم تفته وقت فريضته ».
فالرياء هو طلب المنزلة في قلوب الناس بإظهار خصال الخير ، فيقصد المرائي بالعبادة أن تكون له منزلة عند الناس ، وهذا المعنى يزول عندما يلتفت المؤمن إلى أنّ العبادة لابدّ أن تكون لله تعالى وأنّه هو المستحقّ للعبادة وهو القادر على كلّ شيء ، فإذا عمل المؤمن عملاً لله سرّاً يظهره الله تعالى للناس ، كما ورد في الحديث عن أبي عبد الله عليه السلام : « مَن أراد الله عزّ وجلّ بالقليل من عمله أظهره الله أكثر ممّا أراد ، ومَن أراد الناس بالكثير من عمله في تعب من بدنه وسهره من ليله ، أبى الله عزّ وجلّ إلّا ان يقلّله في عين مَن سمعه »
وإن أهمّ ما يمكن أن يفيد في هذا الجانب هو الالتزام بالنقاط التالية:
1 ـ رفع مستوى الوعي الديني، في مجالاته المختلفة وبالاخص الفقهي والأخلاقي.
2 ـ الاهتمام بتزكية النفس وتربيتها، وترويضها على ترك الخطورات، والصبر لى الطاعات، وانتهاج أفضل السبل الكفيلة بذلك.
3 ـ الابتعاد عن الأجواء والمحيطات الملوثة، ومقاطعة رفاق السوء، واستبدال ذلك بمجالس الذكر والرفقة الصالحة، وهذه النقطة وسوابقها عامة في علاج ارتكاب المحظورات.
4 ـ التملي من التفكير بهذا العمل وأهدافه وعواقبه الوخيمة واستعظامها حتى تستهولها النفس فيكون رادعاً لها عن اقترافه.
5 ـ قطع جذور الطمع وحب الجاه والسمعة واجتثاثها من الاصول، لانها من البواعث المهمة على الرياء، وترويض النفس على ذلك.
6 ـ التوازن في الاعتداد بالنفس والثقة بها، وترك الاهتمام بقييم الناس وخشيتهم