أحسنتم وأجدتم، وإليكم الجواب بعد التعديل والإضافة المطلوبة، بصياغة منقحة جامعة بين المعنى والمصادر، ومرتبة لغويًّا:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلًا وسهلًا بكم في تطبيق المجيب
نسأل الله تعالى أن يوفّقكم لكل خير، ويثبّتكم على صراط محمد وآل محمد، اللهم صلِّ على محمد وآل محمد.
أما عن السؤال المتعلّق بـ توبة محيي الدين ابن عربي ورأي السيد السيستاني (دام ظله)، فالجواب:
لم يثبت عندنا في شيء من المصادر المعتبرة والمواقف الرسمية أو الشخصية المنقولة عن سماحة السيد السيستاني أيّ توبة لابن عربي على يده، لا نصًا ولا إشارة، بل المعروف عند جميع العلماء أن ابن عربي مات على عقيدته الصوفية السنية، وكان رأسًا من رؤوس المتصوفة، وله كتب مملوءة بالمفاهيم الغريبة، والمكاشفات التي كثير منها مخالف للقرآن الكريم والعقل الصريح، فضلاً عن عقائد أهل البيت عليهم السلام.
وقد بيّن سماحة السيد السيستاني (دام ظله) في أحد استفتاءاته أنه على خطى ونهج العلماء السابقين في العقيدة والفكر، حيث قال:
"عقيدتي هي نفس عقيدة علمائنا السابقين، كالسيد الخوئي، والسيد محسن الحكيم، والشريف المرتضى، وأضرابهم".
وهؤلاء الأعلام— كما هو معلوم— كانوا في غاية التحفّظ من كتب التصوّف، وخصوصًا ما جاء به أمثال ابن عربي والحلاج.
بل نصّ السيد عبد الأعلى السبزواري (قدس سره) في تفسيره "مواهب الرحمن" (ج٨ / ص٢٢٥) قائلاً:
«إن ما دعا إليه بعض العرفاء كابن عربي والحلاج ونحوهم، إنما هو خروج عن الحق القويم وابتعاد عن الصراط المستقيم».
وذكر الشيخ إسحاق الفياض (دام ظله) والسيد الخوئي (قدس سره) وغيرهم من المراجع، أن كتب ابن عربي لا يجوز تدريسها، لما فيها من الإشكالات العقدية الجسيمة، والكلمات الموهمة للكفر، بل والتصريح بالضلال.
بل إنّ ابن عربي نفسه قد أظهر عداءه لمذهب أهل البيت في مواضع عدّة، ومنها ما قاله في كتابه "الفتوحات المكية" (ج٢ / ص٨)، حيث زعم في إحدى مكاشفاته أنه رأى الشيعة على هيئة الخنازير! ـ والعياذ بالله ـ، وهذا كافٍ ليدل على بطلان تجربته العرفانية، وفساد ذوقه الفكري والعقائدي.
النتيجة:
بناءً على ذلك، لا يجوز تدريس كتب ابن عربي ولا الاعتماد عليها في تربية النفس أو تهذيبها، ولا في معرفة الله، لأن العرفان الحق لا يُؤخذ من أهل الخيال والشطحات، بل من العترة الطاهرة عليهم السلام، الذين قال عنهم رسول الله صلى الله عليه وآله: «ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبدًا».
نسأل الله أن يجعلنا من المتمسكين بكتاب الله والعترة الطاهرة، وأن يجنّبنا سبل الغلو والضلال والانحراف، إنّه وليّ ذلك والقادر عليه.
ودمتم في رعاية الله سالمين.