logo-img
السیاسات و الشروط
احمد علي ( 43 سنة ) - العراق
منذ شهر

الأذان: أصله، رواياته، وتوثيقه بين المذاهب

السلام عليكم.. هل صحيح أن الآذان غير مثبت لا في كتب السنه ولا الشيعة وأنه جا من رؤ يه أي حلم


عليكم السلام ورحمة الله وبركاته أهلاً وسهلاً بكم في تطبيق المجيب الصحيح: أنّ الأذان شرّعه النبيّ(صلّى الله عليه وآله) بأمر الله تعالى، وقد وردت بذلك روايات عديدة من طرق أهل السُنّة، وهي صحيحة السند أيضاً: الأولى: أخرج الحاكم بسنده عن سفيان بن الليل، قال: ((لمّا كان من أمر الحسن بن علي ومعاوية ما كان، قدمت عليه المدينة وهو جالس في أصحابه، فذكر الحديث بطوله، قال: فتذاكرنا عنده الأذان، فقال بعضنا: إنّما كان بدء الأذان رؤيا عبد الله بن زيد بن عاصم! فقال له الحسن بن علي: (إنّ شأن الأذان أعظم من ذاك؛ أذّن جبرائيل(عليه السلام) في السماء مثنى مثنى، وعلّمه رسول الله(صلّى الله عليه وآله)، وأقام مرّة مرّة، فعلَّمه رسول الله(صلّى الله عليه وآله) فأذّن الحسن حين ولي))(١). وعلّق الذهبي على الرواية بقوله: قال أبو داود: نوح كذّاب، وهو قول ابن الملقّن. انتهى(٢). نوح المقصود هو: نوح بن درّاج، اتّهم بالكذب والوضع! ولم يبيّن سبب كذبه، ولكن الجوزجاني كشف لنا عن سبب تضعيفه؛ فقال: زائغ(٣). ومقصود الجوزجاني بالزيغ هو: التشيّع، كما أفصح عن ذلك الذهبي في ترجمة الجوزجاني في (ميزان الاعتدال)(٤). وقال النجاشي في ترجمة ابنه أيوب: ((وأبوه نوح بن دراج كان قاضياً بالكوفة، وكان صحيح الاعتقاد)) (٥). وعليه فسبب طعنه: كونه شيعياً، لا غير، وإلاّ إذا رجعنا إلى ترجمته نجدهم رموه بالكذب والزيغ والوضع بلا أي مبرّر أو دليل، أو قل: هو جرح مبهم، وقد كشف عنه الجوزجاني فصار جرحاً مفسّراً، وبما أنّه ليس بجرح حتّى على مبانيهم، فيكون جرحه لا قيمة له ويحكم بوثاقته، كما ذكر بعضهم! فإذاً الرواية صحيحة. الرواية الثانية: عن زياد بن المنذر، حدّثني العلاء، قال: قلت لابن الحنفية: كنّا نتحدّث أنّ الأذان رؤيا رآها رجل من الأنصار، ففزع وقال: عمدتم إلى أحسن دينكم فزعمتم أنّه كان رؤيا!! هذا والله الباطل! ولكنّ رسول الله(صلّى الله عليه وآله) لمّا عُرج به انتهى إلى مكان من السماء ووقف، وبعث الله ملكاً ما رآه أحد في السماء قبل ذلك اليوم فعلّمه الأذان(٦). وهذا الحديث ضُعّف بسبب وجود زياد بن المنذر في الرواية! وعند الرجوع إلى ترجمته نجد أن تضعيفه لم يكن لفرية ارتكبها، أو مروق عن الدين ركبه، وإنّما ضُعّف لأنّه شيعي يروي فضائل أهل البيت(عليهم السلام)؛ قال ابن عدي: ((ويحيى بن معين إنّما تكلّم فيه وضعّفه لأنّه يروي فضائل أهل البيت))(٧). وعلى ذلك تكون الرواية صحيحة السند، لأنّ تضعيف الراوي لم يكن ناشئاً عن جرح معتدّ به ومقبول، وإنّما ضُعّف لأجل التعصّب. فالعداء متجذّر في بعض من علماء الحديث لنصب في نفوسهم، فلذلك يطعنون برواة فضائل أهل البيت(عليهم السلام)، ولك في النسائي، والصنعاني، والحاكم، وغيرهم خير شاهد. وأمّا الروايات الواردة عن أهل البيت(عليهم السلام) والمروية في كتب علماء الشيعة فهي كثيرة، وتنصّ على أنّ الأذان تشريع من الله تعالى من دون مدخلية للأحلام والمنامات الليلية فيه(٨). —————————————— (١) المستدرك على الصحيحين 3: 171 من فضائل الحسن بن عليّ (رضي الله تعالى عنه). (٢) كتاب تلخيص المستدرك للذهبي بهامش المستدرك على الصحيحين 3: 1437 (4859). (٣) تهذيب الكمال 30: 43 (6490). (٤) ميزان الاعتدال 1: 75 (257). (٥) رجال النجاشي: 120 (254). (٦) شرح الزرقاني على الموطّأ 1: 199 كتاب الصلاة الباب (41) حديث (144)، تنوير الحوالك: 85 كتاب الصلاة، السيرة الحلبية 2: 300. (٧) تهذيب الكمال 9: 519 (2070). (٨) تهذيب التهذيب 8: 411 (831) ترجمة لمازة بن زبار الأزدي. (٩) انظر: الكافي 3: 302 باب (بدء الأذان والإقامة).