دعاء يوم عرفه

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أهلًا وسهلًا بكم في تطبيق المجيب. ابنتي الكريمة، الدعاء عبادة وخضوع لله تعالى، وقد أمرنا الله تعالى به، ووعدنا بالإجابة، كما في كتابه الكريم: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: ٦٠]. وقال أيضًا: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ [البقرة: ١٨٦]. فبعد الإيمان بأن الله تعالى يستجيب دعاءنا كما وعد، تبقى مسألة مهمة، وهي أن هناك عوامل تُسهِم في استجابة الدعاء، ويكون الدعاء حينها سببًا في التوفيق، ومن أهم هذه العوامل: العمل والسعي. فقد رُوي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: «الداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر» [١]، أي: الرامي بقوسٍ بلا وتر، يسقط سهمه ولا يصيب، وكذلك الإنسان الذي يدعو الله (سبحانه) ولا يعمل ولا يسعى، لا يُستجاب دعاؤه، لا لبخلٍ ـ حاشا لله ـ بل لأن هذا الدعاء مرتبط بعمل وسعي الداعي، فيخيب مراده؛ لجهله بارتباط الدعاء بالعمل في بعض المطالب. ورُوي أيضًا عن الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام): «مَن سأل الله التوفيق ولم يجتهد، فقد استهزأ بنفسه» [٢]. فبعض الدعاء لا يُثمر إلا بالسعي الجاد والصحيح من الإنسان، إذ يكون هو المقدّمة اللازمة لاستجابة الدعاء. وهكذا هو دعاء يوم عرفة، الذي يحتوي على مضامين عظيمة؛ بعضها مرتبط بالعمل والسعي، وبعضها مرتبط بمصلحة العبد التي يُراعيها الله تعالى، وهي تخفى علينا. وما نغفل عنه أحيانًا، هو أن مجرد قراءة الدعاء فيها ثواب عظيم للمؤمن، ولو لم يُستجب دعاؤه كما يرجو، ففضل الله واسع. دمتم في رعاية الله وحفظه. ــــــــــــــــــــــ ١- وسائل الشيعة (آل البيت)، الحرّ العاملي، ج٧، ص١٤٥. ٢- بحار الأنوار، ج٧٥، ص٣٥٦، ح١١.