قبل فترة اشهر حدثت مشكلة بيني وبين زوجي وجعلنا حكمنا رب العالمين يظهر منو الظالم للاخر واني دعيت رب العالمين اذا اني ظالمه ياخذ حقه مني واذا هو ظلمني ياخذ حقي من عنده ومن المشكلة للان زوجي عنده مشاكل في العمل ورزقه متعسر لابعد الحدود والديون كثرت عليه
هل بسبب دعائي او بسبب مشاكله معي لانه ما زال يظلمني ولا يعاملني بالحسنى
وعندما اخبرته اني دعيت وقطع رزقه بسبب ظلمه لي زعل مني ويريد ان يطلقني
أهلاً وسهلاً بكم في تطبيق المجيب
ابنتي الكريمة، وفّقكِ الله لكل خير، وسدّدكِ لما يحب ويرضى، اعلمي أن الزواج في الإسلام ليس مجرد ارتباط بين رجل وامرأة، بل هو ميثاقٌ غليظٌ قائم على الرحمة والمودّة والسكن، قال تعالى: {وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم: ٢١)، ومن هنا، فالمشكلات التي تطرأ بين الزوجين ينبغي أن تُعالج بالحكمة والصبر، لا بالتجريح أو التهديد أو التخاصم، ولا بجعل الدعاء موضع اتهام للطرف الآخر، فإن الله جلّ وعلا أعدل الحاكمين، لا يُجامل أحدًا، ولا يُجري قضاءه إلّا عن علمٍ وعدلٍ ورحمة.
فنقول:
أولًا: في مسألة الدعاء والرزق:
لا حرج في أن يرفع المظلوم يديه إلى السماء، ويدعو ولكن لا يصح الجزم بأن ما يحدث لزوجكِ من ضيق في الرزق هو بسبب دعائك، بل الأصل أن ما يُصيب الإنسان من مصيبة قد يكون بسبب ما اقترفت يداه، قال تعالى: { وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ}، (الشورى: 30)، وقد يكون ابتلاءً للتكفير أو التنبيه أو التمحيص، أو حتى رفعة للدرجات، والله أعلم بسرائر عباده، وفي آية أخرى، يُبيّن سبحانه أن من أسباب الشدة والضيق، الإعراض عن طاعته، فيقول: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}
ثانيًا: ما ينبغي فعله الآن:
من الخطأ أن يتحوّل الدعاء إلى سبب خصامٍ بينكما، أو يُستعمل ذريعةً للطلاق، بل عليكِ أن تسعي للإصلاح، وتحاولي فهم جذور المشكلة، والعمل على علاجها بالحكمة، وهذه بعض الوصايا التي تنفع في مثل حالك:
١. افهمي أسباب تصرفات الزوج: فقد يكون ما يفعله ناتجًا عن ضيق نفسي أو هموم مادية، أو خلل في التواصل.
٢. اجلسي معه بهدوء واحترام، وافتحي قلبكِ له، وناقشيه في ما بينكما من مشاكل، دون تجريح، بل بروحٍ تريد الإصلاح.
٣. استعيني بحكيمٍ من أهلكِ أو أهله، إذا لم تنفع المحاولة المباشرة، فإن الله قال: {وَ إِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُما إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً خَبِيراً} (النساء: 35).
٤. اعتني بنظافتكِ ولباقتكِ، وأزيلي كل ما قد ينفّر الزوج، فربما كانت بعض التفاصيل الصغيرة تُؤثّر في العلاقة.
٥. أدّي ما عليكِ من واجبات شرعية، للزوج فإنّ الله لا يضيّع عملكِ، ولا تُقابلي إساءته بما لا يرضي الله.
٦. التزمي بالطاعات، وابتعدي عن المحرمات، فإنّ المرأة العفيفة التقية إذا أطاعت ربها، بارك الله في بيتها وزوجها، وفتح لهما أبواب الرزق والهدى، قال تعالى: {وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَ اتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ وَ لكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ} (الأعراف: 96)
ثالثًا: بخصوص الطلاق:
أما مسألة الطلاق، فلا ينبغي التفكير فيه كردّ فعلٍ على دعاء أو خلاف، ولا ينبغي أن يُتّخذ قرارًا لحظيًا، فيما لا يرضي الله، فروي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "إن الله عز وجل يحب البيت الذي فيه العرس، ويبغض البيت، الذي فيه الطلاق، وما من شئ أبغض إلى الله عز وجل من الطلاق."(الكافي - الشيخ الكليني - ج ٦ - الصفحة ٥٤).
بل الواجب هو التأنّي، والسعي ما استطعتما للإصلاح، فالأسرة أمانة، والحياة الزوجية امتحانٌ لكلا الطرفين.
ختامًا:
ابنتي المؤمنة، كوني هادئة، بعيدة عن الجدال، متمسكة بالإيمان، واثقة أن الله لا يضيع دعاء الصابرين، ولا يخيب المظلومين، واستكثري من الاستغفار، أنت وزوجك فإنّ فيه سرّ الفرج، كما قال تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً(١٠) يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً(١١)وَ يُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً(١٢) (نوح: 10-12). فالاستغفار يفتح أبواب الرحمة، يزيل الهموم، ويزيد الرزق، ويجلب بركات الله في الدنيا والآخرة
أسأل الله أن يصلح بينكما، ويؤلّف بين القلوب، ويرزقكما حياةً طيبة، ويجعل لكِ من كل همٍ فرجًا ومن كل ضيقٍ مخرجًا.
ودمتم في رعاية الله وحفظه.