السلام عليكم ورحمه الله
أنا فتاة أبلغ من العمر ٢٢ عامًا. تقدم لي شاب ذو خُلق ودين مرتين، وهو زميلي في الدراسة، لكن أُسرتي رفضت بسبب بُعد المسافة، رغم أنه معروف بحسن السيرة، ويرغب بالزواج بي بشكل رسمي.
المشكلة أن لدي أختًا تكبرني، كانت قد خُطبت لشخص من منطقة بعيدة أيضًا، ورفضه والدي سابقًا، لكنهم اليوم باتوا أكثر مرونة.
أختي تُعارض بشدة زواجي، وقالت إنها ستؤذي نفسها (تنتحر) إن وافق أهلي على زواجي قبلها، وهذا يُسبب لي ألمًا نفسيًا كبيرًا.
أنا في حيرة شديدة بين رغبتي في إكمال حياتي مع هذا الشاب الذي أراه مناسبًا جدًا، وبين خوفي من أذية أختي ورفض الأهل مجددًا.
فما توجيهكم الشرعي والروحي لي؟ وماذا تنصحونني؟ وهل يجوز لي أن أتمسك بخياري؟
أرجو من سماحتكم الدعاء لي ولأختي بالهداية والطمأنينة، وأن يجمع الله بيننا على الخير.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ابنتي الكريمة، أسأل الله أن يشرح صدرك ويهدي قلبك وييسر أمرك، فما تمرين به ابتلاء دقيق يحتاج إلى حكمة وصبر ووعي عميق بمسؤوليتك تجاه نفسك وأسرتك معًا.
أول ما ينبغي أن تعلميه أن الزواج حق مشروع لك، واختيار الشريك الصالح من أعظم القرارات في حياة الإنسان، وقد جعل الله معيار الدين والخلق هو الأساس في القبول، وليس المكان أو المسافة. ومع ذلك، فإن الأسرة لها دور مهم في حياة الفتاة، ورضاهم وسلامة علاقتك بهم أمر بالغ الأهمية، خاصة في مجتمعنا الذي يقوم على الروابط الأسرية القوية.
أما عن موقف أختك، فمشاعر الغيرة أو الإحباط التي تعيشها ليست مبررًا للتهديد بإيذاء النفس، وهذا أمر خطير لا يجوز الاستهانة به، ويحتاج إلى عناية خاصة واحتواء نفسي وعاطفي. من واجبك أن تتعاملي مع أختك برفق وحنان، وأن تحاولي فهم ألمها ومخاوفها، لكن لا ينبغي أن تجعلي حياتك ومستقبلك رهينة لمشاعرها أو تهديداتها، بل عليك أن توازني بين حقك في اختيار شريك حياتك وبين واجبك في دعم أختك ومساعدتها على تجاوز أزمتها.
أنصحك أن تفتحي حوارًا هادئًا وصادقًا مع والديك، وتشرحي لهم مشاعرك ورغبتك، وتطلبي منهم أن ينظروا إلى الأمر بعين العدل والرحمة، بعيدًا عن الضغوط أو المقارنات. كذلك حاولي أن تقتربي من أختك، وتظهري لها حبك واهتمامك، وتطمئنيها أنك لا تريدين أن تسببي لها ألمًا، بل تتمنين لها الخير والسعادة، وأن الزواج ليس سباقًا بينكما، بل هو رزق من الله يُقسمه كيف يشاء.
وان تفهميها عسى ان يكون ارتباطكم بهذه العائلة باب خير يفتح للأخت الكبيرة في الزواج وكثير ماحصل هذا مع بعض النساء حيث فتح باب الرزق لزواج باقي البنات في العائلة.
أما من الناحية الشرعية، فلا حرج عليك في التمسك بخيارك إذا كان الشاب صاحب دين وخلق، لكن من الأفضل أن تسعي لإقناع أهلك بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن تصبري حتى تهدأ النفوس وتتهيأ الظروف، فالعجلة في مثل هذه الأمور قد تزيد التوتر وتعمق الجراح.
وأخيرًا، أكثري من الدعاء والاستغفار، واطلبي من الله أن يلين قلوب أهلك، ويهدي أختك، ويكتب لكما الخير حيث كان. أسأل الله أن يجمع بينكم على طاعته، ويملأ قلوبكم بالسكينة والرضا.