logo-img
السیاسات و الشروط
( 19 سنة ) - العراق
منذ 3 أسابيع

كيفية التعامل مع كآبة أحد الوالدين في ظل ضغط الدراسة

السلام عليكم أحد والديّ جداً كئيب وكأنه يستمتع بالمشاكل بينه وبين الطرف الثاني ويستمتع بخلق جو مضطرب ومتوتر بالبيت من أتفه الأسباب وأنا وصلت مرحلة أتجنب أگعد بجانبه خوفاً من أن تنفتح سالفة تخص المشكلة وأنا بس ضغط الدراسة والامتحانات مكفيني وفوك هذا الضغط يخلون ضغط ثاني وتوتر وتفكير بدون أي مبرر فحقيقة أنا جداً تعبت من هذا الوضع والتفكير وأريد أنشغل فقط بدراستي ومستقبلي وبنفس الوقت ما أريد أخسر ديني وأكون عاق بأحد والديّ وما أعرف شنو التصرف الصحيح الي أتخذه


وعيكم السلام ورحمة الله وبركاته أهلاً وسهلاً بكم في تطبيق المجيب أعلم يا بني كم هو موجع أن يشعر الإنسان بالاختناق في بيته، وخصوصًا من أحد والديه، ولكن قبل كل شيء، أذكّرك، بما قاله الله تعالى في محكم كتابه، حيث قرن طاعته ببرّ الوالدين، فقال: {وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}. (الإسراء: ٢٣). وورد عن الإمام زين العابدين عليه السلام في رسالة الحقوق، قال: وَ أَمَّا حَقُّ أَبِيكَ فَأَنْ تَعْلَمَ أَنَّهُ أَصْلُكَ وَ أَنَّهُ لَوْلاَهُ لَمْ تَكُنْ فَمَهْمَا رَأَيْتَ فِي نَفْسِكَ مِمَّا يُعْجِبُكَ فَاعْلَمْ أَنَّ أَبَاكَ أَصْلُ اَلنِّعْمَةِ عَلَيْكَ فِيهِ فَاحْمَدِ اَللَّهَ وَ اُشْكُرْهُ عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ وَ لاٰ قُوَّةَ إِلاّٰ بِاللّٰه، (الخصال ج ٢، ص ٥٦٤). فالاحترام والقول الكريم، وعدم رفع الصوت، وعدم إظهار الضجر، هي من أساسيات البرّ، حتى لو كان أحد الوالدين على خلقٍ صعب أو تعاملٍ مزعج، وليس معنى ذلك السكوت المطلق أو التحمّل الضار، بل المقصود أن نضبط أنفسنا بما لا يسقطنا في العقوق، ونبحث عن طريقة تحمينا وتحفظ ديننا معًا إليك التوجيه المناسب في مثل حالتك أولًا: ما تشعر به من ضيقٍ وتعبٍ نفسيّ بسبب الجوّ المتوتر في البيت هو أمر طبيعي، خصوصًا في فترات الامتحانات والضغوط الدراسية، فالنفس البشرية تتأثر بما حولها، وخصوصًا عندما يكون أحد الوالدين - وهو المفترض أن يكون مصدر أمان - هو سبب التوتر. فلا تُلم نفسك على مشاعرك، لكن الأهم هو كيف تتصرّف دون أن تكتسب الإثم أو تقع في العقوق. ثانيًا: بحسب فقه أهل البيت عليهم السلام، فإن برّ الوالدين واجب، وله مراتب، وأدناها: ١. الكفّ عن إيذائهما ٢. عدم رفع الصوت عليهما ٣. الدعاء لهما ٤. عدم التسبب في تحقيرهما أو إذلالهما. وما تفعله من تجنّب الجلوس قرب الوالد خوفًا من أن تُفتح أبواب النقاش والتوتر، لا يُعد عقوقًا ما دام لا يتضمّن إساءة أو جفاء ظاهر أو ترك للواجبات، بل لعل هذا التجنب المؤقت نوع من الحكمة لحفظ نفسك ودينك. ثالثًا: اجعل نيتك في هذا الابتعاد المؤقت هي حفظ احترامك لوالدك، وابتعد إذا شعرت أن البقاء قد يوقعك في ردّ فعل سلبي أو ضيق لا تُحمد عواقبه، وإن استطعت، فافعل ذلك بلُطف، واظهر شيئًا من الاهتمام به عند هدوئه، ولو بكلمة طيبة، أو دعاء صامت، أو تقديم كوب ماء. هذه اللمسات الصغيرة تُبقي برّك قائمًا، ولو كنت متألّمًا. رابعًا: أحيانًا بعض الآباء يمرّون بظروف نفسيّة، أو يعيشون ضغطًا داخليًا لا يُفصحون عنه، فيظهر على شكل حبّ للنزاع، أو كآبة، أو افتعال للمشاكل، فلا تُعامله كخصم، بل كإنسان مبتلى، يحتاج إلى الدعاء، وإلى الحكمة في التعامل، وربما إلى البُعد الهادئ حين لا تُجدي النصيحة. خامسًا: لا تجمع بين همّ الدراسة، وهمّ البيت، وهمّ العقوق في قلبٍ واحد. قسّم الأمور: ١. افعل ما بوسعك لبرّ والدك. ٢. ادفع الأذى عن نفسك ما استطعت. ٣.دركّز على دراستك ومستقبلك. ختامًا: اعلم- يا ولدي- أن الله يراك، ويرى نيتك الطيبة، وحرصك على ألا تقع في العقوق، رغم ما تعانيه من ضغوط نفسية وأجواء متعبة. وهذا بحد ذاته مقام عظيم عند الله، أن تصبر وتصون لسانك وقلبك، وتختار برّ والدك رغم الألم. فاستمر على هذا الطريق، واحتسب أجرك عند من لا يضيع أجر المحسنين، وثق بأن ما تمرّ به ابتلاء مؤقت، وسيمرّ، وستجني ثماره بركةً في دراستك، وراحةً في قلبك، وفتحًا من الله في حياتك كلها. فإذا تعبت، فارفع يديك: يا من لا تأخذه سِنةٌ ولا نوم، خفّف عني ما لا أطيق، واصرف عني أبواب الفتنة، وامنحني القوة على البرّ، والنجاح في الدنيا والآخرة. أسأل الله أن يفتح لك أبواب الخير والهدوء والنجاح، ويرزقك برًّا لا يشوبه تعب، وعلمًا ينفعك في الدنيا والآخرة. ودمتم في رعاية الله وحفظه.