في عبارة المجلسي في شرحه لكلام فاطمة وا لهفتاه! (1) ليتني مت قبل ذلتي، ودون هينتي، عذيري الله منك عاديا، ومنك حاميا. أي الله يقيم العذر من قبل في إساءتي إليك حال صرفك المكاره ودفعك الظلم عني، أو حال تجاوزك الحد في القعود عن نصري. أي عذري في سوء الأدب أنك قصرت في إعانتي والذب عني، (لذالك كيف أفسّر كلام المجلسي ان السيدة فاطمة اساءت الأدب و هذا ليس من أخلاقها فهي معصومة)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أهلاً وسهلاً بكم في تطبيق المجيب
ولدي العزيز،لا يوجد اي كلام للعلامة المجلسي(قدس سره) يُفهم منه ما تقول وتدعي، وكل ما في الأمر في شرحه للخطبة الفاطمية يُفسر العبارة من منظور بلاغي ولغوي يعكس عظم المصاب الذي حل بها. فكلامها ليس إساءة أدب بالمعنى الفعلي، بل هو تعبير عن عمق الحسرة والألم وشدة العتاب لمن قصر في نصرتها.
وفي الحقيقة: أنَّ هذا الخطاب موجَّهٌ في ظاهره لأمير المؤمنين (عليه السلام)، ولكنّه ليس المراد به، وإنَّما المراد به هم المتخاذلون عن نصرته (عليه السلام)، فهو بلسان (إياكِ أعني واسمعي يا جارة)، وهذا النحو من الخطاب متعارفٌ في لسان النصوص، وله نكاتٌ عديدةٌ، فما هو الوجه في استخدامه هنا؟
وبعبارة أوضح: لماذا لم تخاطب الصدّيقة الطاهرة (عليها السلام) المتخاذلين مباشرةً بدل توجيه الكلام لأمير المؤمنين (عليه السلام) بنحو (إياكِ أعني واسمعي يا جارة)؟
والجواب عن هذا التساؤل المهمّ: لقد أرادت الصدّيقة الطاهرة (عليها السلام) أن تبيِّن عظمة الحدث، فوجَّهت الخطاب إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) حتّى تبيِّن للناس خطورة الحدث وأهمّيته، وأنّه قد بلغ من الشدّة والعظمة والخطورة مبلغًا عظيمًا جدًّا، بحيث يستحقّ أن يخاطَب به أعلى قامة في العالم الإسلامي.
وهناك تعليق للعلامة المجلسي (قدس سره) في بحار الأنوار ج29،ص324 قال: «أن هذه الكلمات صدرت منها (عليها السلام) لبعض المصالح، ولم تكن واقعا منكرة لما فعله، بل كانت راضية، وإنما كان غرضها أن يتبين للناس قبح أعمالهم وشناعة أفعالهم، وأن سكوته (عليه السلام) ليس لرضاه بما أتوا به. ومثل هذا كثيرا ما يقع في العادات والمحاورات، كما أن ملكا يعاتب بعض خواصه في أمر بعض الرعايا، مع علمه ببراءته من جنايتهم، ليظهر لهم عظم جرمهم، وأنه مما استوجب به أخص الناس بالملك منه المعاتبة. ونظير ذلك ما فعله موسى (عليه السلام){وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي} (الاعراف،150) ولم يكن غرضه الإنكار على هارون، بل أراد بذلك أن يعرف القوم عظم جنايتهم، وشدة جرمهم، كما مر الكلام فيه»
ودمتم في رعاية الله وحفظه.